رصاصة طائشة من جندي إسرائيلي تصيب طفلاً فلسطينياً كان يلعب مع زملائه

TT

رصاصة طائشة من جندي إسرائيلي تصيب طفلاً فلسطينياً كان يلعب مع زملائه

كشف تحقيق أجراه مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، أمس (الخميس)، أن الطفل عبد الرحمن شتيوي، الذي لا يتجاوز عمره 9 أعوام، أصيب برصاصة طائشة من جندي إسرائيلي منفلت، عندما كان يلعب، في منطقة نائية من قرية كفر قدوم في الضفة الغربية.
وقال المركز في بيان أصدره، أمس إن «الطفل عبد الرحمن وقع ضحية لسياسة إطلاق النار المنفلتة التي يطبقها الجنود الإسرائيليون، الذين يستخدمون الأعيرة النارية أيضاً في حالات لا تشكل خطراً عليهم أو على غيرهم. فقد أثبتت نتائج تحقيقنا أن جندياً أطلق عياراً نارياً طيشاً وانفلاتاً فأصاب الطفل عبد الرحمن شتيوي في رأسه، حين كان يلعب عند مدخل أحد منازل قرية كفر قدوم، ولم يكن مشاركاً في المظاهرة الأسبوعية التي يقيمها أهالي القرية ضد جدار الفصل العنصري».
وأوضح البيان أنه في يوم الجمعة الموافق 12 يوليو (تموز) الحالي، نحو الساعة 13:30 جرت في كفر قدوم مظاهرة يقوم بها السكان أسبوعياً احتجاجاً على إغلاق الجيش الطريق الرئيسية التي تصل القرية بمدينة نابلس مركز المحافظة. و«قد كانت هذه الطريق قد أغلقت منذ بداية الألفية في أعقاب توسيع مستوطنة (كدوميم) المجاورة، مما أجبر السكان على استخدام طرق التفافية أطول بنصف ساعة من الطريق المعتادة. وخلال المظاهرة رشق بضع عشرات من الشبان الحجارة نحو عدد من الجنود المنتشرين على سفوح جبل في أطراف القرية تفصلهم بضع عشرات من الأمتار عن المتظاهرين، فأطلق الجنود نحو المتظاهرين الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وخلافاً للعادة في مظاهرات كفر قدوم السابقة أطلق الجنود وابلاً كثيفاً من الأعيرة النارية. وكان الطفل عبد الرحمن يلعب مع أقرانه على بُعد نحو 200 متر من موقع المظاهرة الأساسية، التي وقف فيها نحو عشرة متظاهرين آخرين ورشقوا بالحجارة نحو أربعة جنود يقفون فوق تلة من سلسلة الجبل نفسه ويبعدون عنهم بضع عشرات من الأمتار. على بُعد نحو 100 متر من الشبان تحت شجرة زيتون في متحدر الشارع جلس أحد سكان كفر قدوم مع ولديه (توأمان في الـ10 من عمرهما) وقبالتهم على بُعد نحو عشرة أمتار منهم كان الطفل عبد الرحمن شتيوي (9 سنوات) جالساً يلعب بقطعة خشب عند مدخل أحد المنازل الواقعة في أطراف القرية».
وتابع «بتسيلم» بأنه نحو الساعة 14:20 عندما بدأت تتفرق المظاهرة الرئيسية التي جرت على بُعد نحو 200 متر من عبد الرحمن شتيوي، أطلق جندي عياراً نارياً وأصابه في رأسه فوقع أرضاً من فوره. «سارع إليه الرجل الذي كان يجلس قريباً منه وشاب آخر وأخلوه إلى سيارة إسعاف كانت تنتظر في نهاية متحدر الشارع على بُعد نحو 50 متراً. نُقل عبد الرحمن إلى مستشفى رفيديا في نابلس، وهو فاقد للوعي، وهناك خضع لعملية جراحية في رأسه. بعد مضي يومين وهو لا يزال في غيبوبة نُقل موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعي إلى قسم العناية المكثفة في مستشفى شيبا - تل هشومير، في إسرائيل، لمواصلة العلاج».
وأشار البيان إلى أن الجيش الإسرائيلي، كان قد أنكر، في تصريح لوسائل الإعلام أن جنوده أطلقوا أعيرة نارية، وتنصل تماماً من أي مسؤولية عن الحادثة. وقال في حينه إن الجنود استخدموا «شتى وسائل تفريق المظاهرات»، وإنه «وصل تبليغ عن جريح في سن العاشرة تقريباً». غير أن التحقيق فنّد رواية الجيش وأكد بشكل قاطع أن إصابة الطفل شتيوي (9 سنوات) هي «نتيجة مباشرة لسياسة إطلاق النار المخالفة للقانون التي يطبقها الجيش في الأراضي المحتلة، والتي تسمح دون أي مبرر بإطلاق الأعيرة النارية على فلسطينيين لا يشكلون خطراً على أحد».
وحذر المركز «إذا لم تتغير هذه السياسة رغم ثبوت نتائجها الفتاكة إذ راح ضحيتها عشرات القتلى وآلاف الجرحى من الفلسطينيين». وقال: «يتباهى الجيش بأن تعليمات إطلاق النار تقيد استخدام الأعيرة النارية لحالات معينة فقط، كما يلوح مزهواً بوجود جهاز لتطبيق القانون يُفترض أن يتخذ إجراءات ضد جنود تصرفوا خلافاً لهذه التعليمات. ولكن هذه كلها تصريحات جوفاء خالية من أي مضمون... في أحيان كثيرة تعليمات إطلاق النار ليست سوى حبرٍ على ورق، وجهاز تطبيق القانون ليس سوى جهاز لطمس الحقائق والإيهام بإجراء تحقيقات. حالياً آخر ضحايا هذه السياسة هو الطفل شتيوي. ولكن إذا لم تتغير هذه السياسة فلن يمر وقت طويل حتى تقع الضحية القادمة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.