في الوقت الذي أودع فيه القضاء الجزائري أحد أبرز وزراء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الحبس المؤقت، عرفت بداية الحوار الذي عرضته الرئاسة الانتقالية على الحراك، تعثرا بسبب رفض عدة أعضاء من «فريق الشخصيات الـ13» إجراء وساطة بين السلطة والمتظاهرين.
وأعلنت أيقونة ثورة الاستقلال جميلة بوحيرد لصحافيين أمس أنها لم تُستشر من أي أحد في قضية «الوساطة» بين الحراك والرئاسة، مؤكدة أنها لم تكن على علم بمسعى إعداد لائحة تضم 13 شخصية «ذات نزاهة ومصداقية»، لبحث مطالب الحراك مع السلطة تمهيدا لتنظيم انتخابات رئاسية.
وقالت بوحيرد (85 سنة) بهذا الخصوص: «أنا مستاءة جدا من إقحام اسمي في لائحة تضم شخصيات، مدعوة لأداء دور وساطة دون علمي. وبغض النظر عن ذلك، فلا يمكنني أن أخوض في مسعى مشترك مع أشخاص خدموا النظام». في إشارة ضمنا إلى رئيسي الوزراء سابقا مولود حمروش ومقداد سيفي، الموجودين في اللائحة. كما أكدت بوحيرد أن الحوار «غير ممكن مع سلطة تسجن رموزا وطنية، مثل السيد لخضر بورقعة، ولا يمكن التقارب مع من يهددنا».
وسجن الجيش قبل أيام رجل الثورة بورقعة، بناء على تهمة «محاولة إضعاف معنويات الجيش»، إثر تصريحات حادة أطلقها ضد قائد الجيش الجنرال قايد صالح، الذي اتهم قطاعا من المتظاهرين، الذين يحملون رايات الأمازيغ في الحراك، بـ«الخيانة».
ويرى مراقبون أن موقف بوحيرد من مسعى الحوار كفيل بنسف الجهود، التي بذلتها مئات الجمعيات والتنظيمات، التي اختارت الشخصيات الـ13 للقيام بدور الوساطة.
من جهته، كتب المحامي مصطفى بوشاشي، الذي ورد اسمه في اللائحة، بحسابه في فيسبوك أن «الحوار كمبدأ يعد الوسيلة المثلى للخروج من الأزمة، التي تعيشها الجزائر. لكن من الضروري توفير شروط لنجاحه، وعلى رأسها رحيل رموز النظام عن الحكم، والوقف الفوري للاعتقالات في صفوف المتظاهرين والسياسيين. كما يجب رفع القيود عن الصحافة». ويقصد برموز النظام الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء أحمد بدوي.
يشار إلى أن بن صالح سافر إلى مصر، أمس، لحضور مباراة نهائي كأس أمم أفريقيا لكرة القدم، التي ستجمع اليوم المنتخب الجزائري بالسنغال، وهو أول نشاط له خارج البلاد منذ تعيينه رئيسا للدولة في التاسع من أبريل (نيسان) الماضي. ويتعرض بن صالح لرفض شعبي حاد، بينما يتمسك به بقوة قائد الجيش.
ومن الأشخاص البارزين في المجتمع، ممن رفضوا المشاركة في الوساطة، أستاذ علم الاجتماع ناصر جابي، الذي صرح بأن «الحوار لن ينجح أبدا إذا لم تبادر السلطة بإجراءات تهدئة، وأهمها استقالة رموز النظام، والإفراج عن المساجين السياسيين ومعتقلي الرأي، والتوقف عن استفزاز الحراك بتصريحات ومواقف لا تعكس بأن أصحابها يريدون الحوار». في إشارة إلى الهجوم المتكرر للجنرال صالح ضد المتظاهرين.
كما رفض رجل الاقتصاد الشهير إسماعيل لالماص وضع اسمه على «لائحة الشخصيات النزيهة»، وقال أمس: «لا بديل عن إطلاق سراح المساجين السياسيين وأولهم بورقعة، ولا عن رحيل بدوي، قبل الحديث عن أي تقارب أو حوار مع هذه السلطة». وكان عبد الرحمن عرعار، رئيس «شبكة الدفاع عن حقوق الطفل»، قد أعلن أول من أمس في مؤتمر صحافي عن أسماء الأشخاص، الذين سيقومون بالوساطة، من دون توضيح بأن عرض عليهم المشروع.
والوحيد الذي أبدى موافقته هو رئيس البرلمان سابقا كريم يونس، الذي صرح للإذاعة الحكومية أمس بأنه «لا مناص من التعامل مع الرئاسة الحالية، إذا كنا نريد مخرجا من المأزق». فيما أفاد مصدر مقرب من حمروش لـ«الشرق الأوسط» أنه «غير متحمس بتاتا لفكرة الوساطة».
الجزائر: الشخصيات المعنية بالوساطة تعلن رفضها الحوار مع السلطة
الجزائر: الشخصيات المعنية بالوساطة تعلن رفضها الحوار مع السلطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة