«مهرجان أفلام الموبايل»... ينطلق في غزة بجهودٍ وإبداعات نسوية

بدت على وجه الصحافية الشابّة أمل بريكة سعادة كبيرة، حين كانت تراقب بدقة عيون المشاهدين، وهي تلاحق تفاصيل فيلمهما الوثائقي الأول الذي أعدته كاملاً برفقة زميلتها هبة المسحال، ويتناول قصّة نجاحٍ لفتاة تعيش في منطقة ريفية تقع جنوب قطاع غزة، استطاعت تحدي الصورة النمطية المجتمعية والدخول لمجال الصيانة الإلكترونية، وافتتحت متجراً خاصاً بهذا الأمر.
الفيلم الذي يحمل اسم «بابل»، جاء عرضه ضمن مهرجان «المرأة لأفلام الموبايل» الذي عُقد يوم أمس الخميس على مقربة من شاطئ بحر مدينة غزة، نظمه مركز شؤون المرأة بالتعاون مع المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية، وعُرض خلاله 15 فيلماً، أنتجتها مجموعة نساء فلسطينيات يمتلكن مهاراتٍ متعددة في المجالين الإعلامي والفني باستخدام تقنيات الهاتف المحمول.
تقول بريكة في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المرّة الأولى التي أخوض فيها مجال صناعة الأفلام، رغم عملي بمجال الكتابة الصحافية لعدّة سنوات»، مؤكّدة على أنّها وجدت متعة عالية خلال الشغل به، كونه يعتبر شكلاً مهماً لإبراز القصص غير المألوفة بطريقة جذابة، تستهوي الناس في قطاع غزة الذي يعاني من غياب وجود السينمات ودور العرض داخله منذ سنوات طويلة.
وتبيّن أنّها اختارت برفقة زميلتها فكرة ركزتا خلالها على إبراز صورة المرأة الفلسطينية، «التي تستطيع تجاوز كلّ العقبات»، وانتقلتا بعد ذلك لكتابة السيناريو وإعداده، ثمّ ذهبتا لمرحلة التصوير وبعدها المونتاج والإخراج. وكان الموبايل هو الأداة الوحيدة التي استخدمتها الصحافيتان في كلّ مراحل الإنتاج.
مديرة مركز شؤون المرأة آمال صيام، ذكرت أنّ نحو ثلاثين امرأة استطعن إنتاج نحو 22 فيلماً وثائقياً ودرامياً قصيراً بإمكانيات بسيطة، وجميعها عالجت قضايا مجتمعية من منظورٍ حقوقي ونسوي، مشيرة إلى أنّ لجاناً مختصة واستشارية اجتمعت عدّة مرّات لاختيار 15 فيلماً عُرضت خلال المهرجان، الذي عدّته خلال حديثها بمثابة الخطوة الأولى في طريق رسم خط الإبداع لمجموعة النساء اللواتي شاركن به.
«هدفنا من تمويل إنتاج تلك الأفلام والإشراف عليها، هو العمل على إقحام النساء في ميادين مختلفة، ظلّت حكراً على الرجال خلال السنوات الماضية» تتابع آمال صيام، لافتة إلى أنّ أكثر ما يميز تلك الأعمال هو أنّها تأتي في إطار الجهود الرامية للمساهمة في تطوير المسيرة الإعلامية الفلسطينية، من خلال ردفها بأشخاصٍ مؤهلين على العمل باستخدام وسائل الإنتاج البسيطة التي تُعطي جودة عالية بتكلفة قليلة.
وأوضحت أنّ الفلسطينيين بطبعهم يعشقون الفن وكلّ ما يتصل به من إبداعات «والأفلام التي عرضت اليوم هي جزءٌ من ذلك»، منوهة بأنّ رسالة المهرجان الذي جاء نتاج مجموعة من الفعاليات التدريبية التي عقدت في وقتٍ سابق، هي أنّ «فلسطين تتطلع لحياة أفضل، وتتحدّى كلّ العقبات التي تواجهها من دون أن تفقد الأمل بمستقبلٍ أفضل، ترسم فيه أشكال العدالة والمساواة وتحقق سلاماً لطالما تمناه أهلها».
الشابّة انتصار البطش (22 سنة)، تدرس الإعلام وتكنولوجيا الاتصال في عامها الجامعي الأخير، كانت أيضاً ضمن المشاركين في المهرجان بفيلمها الذي حمل عنوان «يوم بلا قدم» وتناول قصة جريحين فلسطينيين تسبب الاحتلال الإسرائيلي في بتر طرفٍ سفلي لكلّ واحدٍ منهما، لكنّهما رغم ذلك استطاعا تحدي إصابتهما وتمكنا من ممارسة تفاصيل حياتهما اليومية بصورة شبه طبيعية، من خلال ممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة الأخرى.
على شاكلة أمل وزميلتها استخدمت البطش الموبايل في إنتاج فيلمها الذي تراه يحمل رسالة من قطاع غزة للعالم، مفادها أنّه «لا للمستحيل»، وتروي لـ«الشرق الأوسط»، أنّ هذه الخطوة مهمة بالنسبة لها أكثر من غيرها؛ لأنّها ما زالت طالبة جامعية تسعى لصقل مواهبها وتجهيزها لسوق العمل، منبهة إلى أنّ آراء اللجان وتعليقاتها على فيلمها كانت محفزة جداً للاستمرارية في ذلك المجال.
أمّا الشابة صابرين أبو ختلة فتتحدث عن مشاركتها بفيلم معنون باسم «غالية» ويتناول قصة سيدة فلسطينية اختارت العمل في مجال الزراعة لإعالة أسرتها ومساندة زوجها المريض، قائلة: «منحتني هذه التجربة شغف وحب صناعة الأفلام، وسأعمل في الفترة القادمة على إنتاج المزيد، وسأسلط الضوء على أكبر قدر ممكن من القضايا النسوية».