بلماضي وسيسيه... تنافس داخل الملعب وأصدقاء خارجه

المدرب الجزائري جمال بلماضي ونظيره السنغالي آليو سيسيه (أ.ف.ب)
المدرب الجزائري جمال بلماضي ونظيره السنغالي آليو سيسيه (أ.ف.ب)
TT

بلماضي وسيسيه... تنافس داخل الملعب وأصدقاء خارجه

المدرب الجزائري جمال بلماضي ونظيره السنغالي آليو سيسيه (أ.ف.ب)
المدرب الجزائري جمال بلماضي ونظيره السنغالي آليو سيسيه (أ.ف.ب)

تجمع قواسم مشتركة كثيرة بين الجزائري جمال بلماضي والسنغالي آليو سيسيه: ولدا بفارق يوم، ونشآ في المدينة ذاتها في فرنسا، ولكل مسيرته كلاعب كرة قدم، وكلاهما يدرب منتخب بلاده.
أين يفترقان؟ عند الضفة؛ حيث سيقفان في نهائي كأس الأمم الأفريقية غداً (الجمعة) على استاد القاهرة الدولي.
في 24 مارس (آذار) 1976، ولد آليو سيسيه، وفي اليوم التالي أبصر جمال بلماضي النور في «شامبينيي - سور - مارن». في المدينة الواقعة في ضواحي باريس، شق كل منهما مساراً تقاطع مع الآخر في مراحل مختلفة، قبل أن يجتمعا مجدداً في لحظة تعد الأهم في مسيرتهما التدريبية: التنافس على لقب النسخة الثانية والثلاثين من بطولة أمم أفريقيا.
لكل رغبته وحمل ثقيل على كاهله: الجزائري يريد منح بلاده لقبها الثاني في تاريخها والأول منذ 1990؛ حين توجت على أرضها، والسنغالي يريد أن يهدي مواطنيه لقباً أول في تاريخ مشاركات بلاده في البطولة.
قال بلماضي بشأن سيسيه في أحد مؤتمراته الصحافية: «معرفتنا قديمة، وأنا أقول ذلك بكثير من العاطفة».
عندما اختار لاعب الوسط الجزائري أن يطلق مسيرة مع نادي باريس سان جيرمان، كان المدافع السنغالي يحط الرحال في مدينة ليل الشمالية. لم يحصل في مسيرتهما أن تزاملا في فريق واحد في الوقت عينه؛ لكنهما تواجها مراراً على المستطيل الأخضر في مباريات المسابقات المحلية الفرنسية؛ حيث خاض كل منهما مسيرة امتدت زهاء عشرة أعوام.
المفارقة أن النادي الباريسي كان محطة لكل منهما؛ لكن في أوقات مختلفة، ففي فبراير (شباط) 2001، التقى بلماضي الذي كان يدافع حينها عن ألوان فريق مرسيليا الجنوبي، بناديه السابق سان جيرمان الذي كان حينها يضم في صفوفه سيسيه، في مباراة خرج الأول فائزاً بها 1 - صفر.
على صعيد الأندية، خاض اللاعبان فيما بينهما نحو 180 مباراة في دوري الدرجة الفرنسية الأولى، موزعة بين ستة أندية مختلفة؛ لكن نجم بلماضي وسيسيه سطع بشكل أكبر مع المنتخب الوطني.
بين «أسود تيرانغا» السنغاليين، و«محاربي الصحراء» الجزائريين، حط سيسيه وبلماضي الرحال. الأول كان قائد المنتخب الذي حقق أفضل نتيجة له في بطولة أمم أفريقيا، بحلوله وصيفاً للكاميرون عام 2002. والثاني خاض مسيرة قصيرة نسبياً دفاعاً عن ألوان المنتخب.
لم تشهد نسخة 2002 مواجهة بين المنتخبين؛ لكنهما التقيا قبل ذلك بعام ضمن التصفيات المؤهلة إلى مونديال اليابان وكوريا الجنوبية، في لقاء انتهى بنتيجة قاسية لصالح سيسيه والسنغال 3 - صفر.
انتظر بلماضي حتى 2019 لينال ثأره من تلك المواجهة: تفوق على السنغال بهدف نظيف في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة في البطولة التي تستضيفها مصر منذ 21 يونيو (حزيران).
من سيخرج فائزاً الجمعة؟ أي توقع للنتيجة سيكون بمثابة الضرب في الرمل. الجزائر قدمت في هذه البطولة أداءً لافتاً دفع كثيراً من النقاد والمدربين المنافسين لاعتبار منتخبها أبرز المرشحين للقب، في حين أن السنغال تبقى أفضل منتخب على صعيد القارة بحسب تصنيف الاتحاد الدولي (فيفا)، وقدمت في مصر أداءً ثابتاً، رغم أنها لم تفتك بشباك منافسيها.
النهائي سيكون الأول في البطولة القارية الذي يجمع بين مدربين محليين، منذ تواجه المصري محمود الجوهري والجنوب أفريقي جومو سونو في نهائي 1998، الذي انتهى لصالح منتخب الفراعنة بثنائية نظيفة.
في قارة عرفت منتخباتها كثيراً من المدربين الأجانب، لا سيما الفرنسيين، سيكون بلماضي وسيسيه أمام تحدي إثبات جدارة أبناء القارة بألقابها.
قال السنغالي: «الأمر أكثر تعقيداً عندما نكون محليين من حين نكون أجانب. علينا (الأفارقة) أن نثق بأنفسنا، بأبنائنا، وبمدربينا. شيئاً فشيئاً، بدأت الأمور بالتبدل».
أما بلماضي، فاعتبر أن «خوض هذا النهائي ضد صديقي سيسيه استثنائي. هي رسالة جيدة نبعث بها إلى المسؤولين عن كرة القدم في أفريقيا... أنا أعرف سيسيه وهو يقوم بعمل جيد».
منذ توليه مهامه في 2015 خلفاً للفرنسي ألان جيريس، المدرب الحالي للمنتخب التونسي، بنى سيسيه منتخباً سنغالياً يتقدم رويداً رويداً: بلغ نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا بعد غياب 16 عاماً، ويخوض أول نهائي له في أمم أفريقيا منذ 2002، علماً بأن بلوغه نصف النهائي كان الأول له منذ عام 2006.
في المقابل، تولى بلماضي تدريب المنتخب الجزائري مطلع أغسطس (آب) 2018، بعد أعوام من عدم استقرار في صفوف «محاربي الصحراء» أخرجهم بشكل مبكر من أمم أفريقيا 2017، وأبعدهم عن مونديال 2018.
في كرة القدم، غالباً ما تكون الألقاب معيار النجاح، وسباق الدقائق التسعين الأخيرة سيكون الفيصل بين صديقين عرف كل منهما مسيرة تدريبية متفاوتة.
حتى الآن، لم يعرف سيسيه المدرب على صعيد المنتخبات سوى منتخب بلاده. في المقابل، تنقل بلماضي بين أندية مختلفة في قطر، وتولى أيضاً تدريب المنتخب القطري وقاده إلى لقب كأس الخليج عام 2014.
طيب العلاقة بينهما يبدو واضحاً في حديث كل منهما عن الآخر. بالنسبة إلى بلماضي: «سيسيه هو مدرب على صورة اللاعب الذي كان عليه. شخص منضبط جداً. رغم نقص خبرته في التدريب، حقق نتائج سريعة وتجانساً في عمله بفضل مسيرته المذهلة (كلاعب)».
رد الأخير التحية بالقول إن «جمال تكتيكي كبير، مدرب جيد جداً. يعرف كيف يدفع فريقه إلى اللعب بقدر ما يحب أن يراه يلعب».


مقالات ذات صلة

«تصفيات أمم أفريقيا»: بوتسوانا تعادل مصر… وترافقها إلى النهائيات

رياضة عربية محمود حسن (تريزيغيه) سجل هدف التعادل لمصر في مرمى بوتسوانا (رويترز)

«تصفيات أمم أفريقيا»: بوتسوانا تعادل مصر… وترافقها إلى النهائيات

تعادلت مصر 1 - 1 مع ضيفتها بوتسوانا الثلاثاء لتتأهل الأخيرة إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2025.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية لاعبو المغرب يحتفلون بأحد أهدافهم في شباك ليسوتو (الشرق الأوسط)

تصفيات أمم إفريقيا : حلم ليبيا يتبدد.. مهرجان أهداف مغربي... وخيبة تونسية

تبدد حلم ليبيا في التأهل إلى النهائيات الأفريقية لأول مرة منذ 2012 والرابعة في تاريخها، وذلك بتعادلها سلبا مع ضيفتها رواندا.

«الشرق الأوسط» (بنغازي)
رياضة عربية محمد عبد الرحمن لاعب المنتخب السوداني (الشرق الأوسط)

محمد عبد الرحمن بعد تأهل السودان لنهائيات أفريقيا: شكراً للسعودية

قدم لاعب المنتخب السوداني محمد عبد الرحمن شكره لـ«السعودية» وذلك عقب تأهل صقور الجديان إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا في المغرب 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة عربية منتخب ليبيا فشل في التأهل لنهائيات «أمم أفريقيا» (الشرق الأوسط)

بنين ترافق نيجيريا إلى نهائيات «أمم أفريقيا»

تأهلت بنين إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا 2025 لكرة القدم المقررة في المغرب، بعدما تعادلت سلبياً مع ليبيا.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
رياضة عربية منتخب السودان حجز مقعده في نهائيات أمم أفريقيا (الشرق الأوسط)

السودان يتأهل لكأس الأمم الأفريقية بتعادله مع أنغولا

بلغ السودان كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2025 بعدما تعادل سلبياً مع أنجولا.

«الشرق الأوسط» (بنغازي)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».