«بريكست» من دون اتفاق ما زال الأوفر حظاً

تحذيرات من أوساط الأعمال وكثير من المشرعين من عواقب اقتصادية وخيمة

تيريزا ماي في طريقها لمغادرة رئاسة الوزراء (إ.ب.أ)
تيريزا ماي في طريقها لمغادرة رئاسة الوزراء (إ.ب.أ)
TT

«بريكست» من دون اتفاق ما زال الأوفر حظاً

تيريزا ماي في طريقها لمغادرة رئاسة الوزراء (إ.ب.أ)
تيريزا ماي في طريقها لمغادرة رئاسة الوزراء (إ.ب.أ)

بوريس جونسون وجيريمي هانت، المتنافسان على خلافة تيريزا ماي لرئاسة وزراء بريطانيا، دخل سباقهما، أمس الأربعاء، المرحلة الأخيرة مع جلسة الأسئلة والأجوبة الأخيرة التي خاضاها قبل إعلان نتائج تصويت أعضاء حزب المحافظين في 23 يوليو (تموز)، وتعيين رئيس الوزراء الجديد اليوم التالي.
شدد المرشحان مواقفهما إزاء «بريكست»، ما يضع الحكومة المستقبلية على طريق التصادم مع بروكسل، وخروج لندن من التكتل من دون اتفاق.
جونسون، وزير الخارجية السابق، والأوفر حظاً لتسلم مفاتيح «داونينغ ستريت»، ومنافسه وزير الخارجية الحالي هانت، تحدثا عن خروج من دون اتفاق كاحتمال واقعي.
وتخشى أوساط الأعمال وكثير من المشرعين من عواقب اقتصادية وخيمة، في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى فرض رسوم جمركية فورية على قطاعات معينة، بينها قطاع السيارات.
وأجلت بريطانيا موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي مرتين، بعد عضوية استمرت 46 عاماً، واضطرت ماي إلى الاستقالة بعد إخفاقها في الحصول على موافقة البرلمان على الاتفاق.
ووعد المرشحان بإلغاء بند «شبكة الأمان» الوارد في مسودة الاتفاق الذي أصرت عليه بروكسل، للإبقاء على الحدود بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا مفتوحة. وأدت الهجمات الأخيرة التي شنها المرشحان على ذلك البند خلال مناظرة الاثنين إلى تدهور قيمة الجنيه الإسترليني. وانخفض سعر العملة البريطانية مرة أخرى الأربعاء، إلى أدنى مستوى أمام الدولار الأميركي منذ عامين.
وقال محلل السوق نيل ويلسون لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «موقف بوريس جونسون وجيريمي هانت الأكثر تشدداً بشأن (بريكست) يؤثر على الجنيه الإسترليني بشكل واضح». وأضاف: «لا شك في أن هذا التدهور في سعر الجنيه يعود إلى ترجيح المتعاملين احتمال الخروج من دون اتفاق».
وشكّل بند «شبكة الأمان» حجر عثرة في عملية «بريكست»؛ إذ إنه يبقي على الحدود بين آيرلندا الشمالية التي تحكمها بريطانيا وبين جمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي مفتوحة، بعد «بريكست»، مهما كانت نتيجة المفاوضات حول العلاقة المستقبلية بين لندن وبروكسل. وأعلن جونسون في مرحلة مبكرة من حملته أنه لن يوافق على هذا البند، وسيسعى إلى الخروج من دون اتفاق إذا لزم الأمر، ما دفع منافسه إلى اتخاذ موقف مماثل.
وقال هانت في المناظرة النهائية، الاثنين، التي تسبق الإعلان عن الفائز بزعامة حزب المحافظين الثلاثاء المقبل، إن «(شبكة الأمان) كما هي الآن ميتة. يجب أن نجد طريقة جديدة». ومن المتوقع أن توافق الملكة إليزابيث الثانية على رئيس الوزراء الجديد غداة انتخابه. إلا أن قادة الاتحاد الأوروبي يصرون على أن تبقى «شبكة الأمان» جزءاً من اتفاق الخروج، ما يثير احتمال تعثر المفاوضات مع رئيس الوزراء المقبل، وخروج بريطانيا من دون اتفاق.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين، التي ستتولى رئاسة المفوضية الأوروبية في نوفمبر (تشرين الثاني)، إن مسودة اتفاق «بريكست» توفر «اليقين». كما أبدت استعدادها لاحتمال تأجيل موعد خروج بريطانيا، وقالت: «أنا مستعدة لتمديد موعد الانسحاب إذا كانت هناك حاجة لذلك، ولسبب جيد». إلا أن جونسون تعهد بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الموعد المحدد في 31 أكتوبر (تشرين الأول) «مهما كان الثمن».
وتشير التقارير هذا الأسبوع إلى أن جونسون يدرس خطط إنهاء الفترة الحالية للبرلمان في وقت مبكر من ذلك الشهر، وهو الإجراء الذي سيتيح الخروج من دون اتفاق، بينما يكون عمل البرلمان معلقاً بانتظار بدء فترة جديدة.
وأظهرت غالبية النواب في كثير من عمليات التصويت في مجلس العموم، معارضتهم لمغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وسط مخاوف من تأثيرات وخيمة لذلك على الاقتصاد. إلا أن محاولات تمرير قانون يمنع الخروج من دون اتفاق فشلت حتى الآن.
وفي سياق متصل، دعت روابط ومجموعات ضغط تجارية وتعليمية، أمس الأربعاء، رئيس الوزراء البريطاني القادم إلى إعادة التفكير في خطة لتنظيم الهجرة إلى بريطانيا، بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، تتطلب من أي شخص ينتقل إلى البلاد من أجل العمل، بما في ذلك مواطنو الاتحاد الأوروبي، كسب ما لا يقل عن 30 ألف جنيه إسترليني (37 ألف دولار) سنوياً. وطالبت الروابط، بقيادة مجموعة ضغط «لندن أولاً» التي تشجع الاستثمارات في العاصمة البريطانية، خليفة رئيسة الوزراء تيريزا ماي بصياغة «نظام هجرة عادل وقابل للنجاح»، وأوصت بإدخال أربعة تغييرات رئيسية على القواعد المقترحة من الحكومة بداية من عام 2021. وقالت، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، إن المقترح الحكومي المتعلق بوجود دخل سنوي لا يقل عن 30 ألف إسترليني «يتعين أن يتم خفضه إلى نحو 20 ألف إسترليني، ليتناسب مع المهارات المطلوبة وسوق العمل».
وقالت الروابط في رسالة مفتوحة لجونسون ومنافسه وزير الخارجية جيريمي هانت، إنها «تشعر بقلق بالغ؛ لكون أن نظام الهجرة المستقبلي المقترح يهدد بتفاقم الأزمة الحادة المتعلقة بغياب المهارات، ويهدد بنقص في العمالة، ما قد يتسبب في شلل لعدد من الشركات في قطاعات مختلفة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».