الحريري يرفض ربط جلسات الحكومة بإحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي

TT

الحريري يرفض ربط جلسات الحكومة بإحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي

قالت مصادر وزارية مطلعة إن هناك محاولة جديدة قد تكون الأخيرة لإخراج الوضع الحكومي من التأزم بغية قطع الطريق على تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وكشفت لـ«الشرق الأوسط» عن أنها تهدف إلى إيجاد تسوية للخلاف الدائر حول المرجعية القضائية التي يُفترض أن تتولى التحقيق ومن ثم النظر في حادثة الجبل.
وأكدت المصادر أن التسوية المقترحة تقوم على صرف النظر عن إصرار البعض على إحالتها إلى المجلس العدلي وإحالتها إلى القضاء العسكري بدلاً من القضاء المدني. ولفتت إلى أن الإحالة إلى القضاء العسكري مقرونة بالاتفاق على اسم قاضي التحقيق العسكري الذي سيتولى النظر في الملف، وقالت إن رئيس الحكومة سعد الحريري قطع شوطاً في المشاورات التي يجريها حالياً لتأمين التوافق الذي يدفع في اتجاه تبني هذه التسوية التي ستؤدي حتماً إلى تفعيل العمل الحكومي. ورأت أن الرئيس الحريري تشاور في اقتراحه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعدد من ممثلي الكتل النيابية المشاركة في الحكومة على هامش انعقاد الجلسة النيابية التي خصصت لمناقشة الموازنة.
وعدّت المصادر الوزارية أن عدم تمكّن مجلس الوزراء من الانعقاد للتصديق على قطع الحساب بالتلازم مع إقرار البرلمان الموازنة، يعود إلى أن هناك من يشترط لتأمين انعقاده إدراج إحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي من دون التريث إلى حين استكمال التحقيق الأمني في الحادثة، وهذا ما يلقى اعتراضاً من الرئيس الحريري وأطراف في الحكومة ليس لأنه هو الذي يتولى الدعوة لعقد الجلسة وتحديد جدول أعمالها فحسب، وإنما لرغبته في أن يستكمل التحقيق.
وقالت إن التمديد للحكومة مدة 6 أشهر للتصديق على قطوعات الحساب سيتم التعامل معه على أن هناك مشكلة في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد للنظر فيها، بصرف النظر عما إذا كان المخرج الذي ابتدعه وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي يشكّل مخالفة للدستور أم لا، يمكن أن يستند إليها من يتطلع إلى الطعن فيه أمام المجلس الدستوري.
وكشفت المصادر عن أن الرئيس الحريري حاول عندما التقى رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان ثنيه عن الإصرار على إحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي ونصحه بضرورة الاعتدال والتهدئة والتريث في طلبه هذا إلى حين استكمال التحقيق الذي ينتظر منه التجاوب بتسليم مطلوبين للتحقيق من حزبه. لكن أرسلان أصر على موقفه رافضاً تسليم أي مطلوب على أساس أنه متهم، وبالتالي اشتراط الاستماع إلى محازبيه بصفتهم شهوداً والإفراج عنهم فور تدوين إفاداتهم.
كما أن من يدعم أرسلان في موقفه هذا لم يبدِ مرونة تفتح الباب أمام الوصول إلى تسوية مع أن البعض كان يتوقع من رئيس الجمهورية ميشال عون التدخّل لإنضاج المساعي الهادفة إلى إيجاد تفاهم سياسي لا يقحم مجلس الوزراء في انقسام حاد ويحصره في الاحتكام إلى القضاء بعيداً عن فرض شروط مسبقة أقلها أن بعض الذين يدعمون أرسلان سمحوا لأنفسهم بتسمية القاضي الذي ستُسند إليه رئاسة المجلس العدلي.
كما أن الفريق الداعم لأرسلان وتحديداً «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» بادرا إلى إقفال الباب أمام احتمال التفاهم على تسوية تحمي مجلس الوزراء ولا تعطّل جلساته، واشترطا إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي في مقابل موافقتهما على عقد جلسة للحكومة، فيما لفتت المصادر الوزارية إلى أن المقربين من رئاسة الجمهورية ليسوا في منأى عن الفريق الذي يدعم أرسلان.
وأكدت المصادر أن هذه الاعتبارات والمعطيات كانت وراء إصرار الرئيس الحريري على رفض الربط بين انعقاد مجلس الوزراء والإحالة إلى المجلس العدلي، لأن مجرد الجمع بين هذين «الخيارين» من دون التريث إلى حين استكمال التحقيق يعني أن هناك من يخطط سلفاً لاستهداف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط رغم أن وزراء يجمعون على القول إن التحقيقات التي أجريت حتى الساعة استبعدت وجود كمين للوزير صالح الغريب أو أن هناك من يخطط لاغتياله.
وعليه، فإن هناك حاجة ماسة للوصول إلى تسوية تمنع تعطيل جلسات مجلس الوزراء، خصوصاً أن التمديد لإنجاز «قطع الحساب» لا يعني أن الطريق سالكة أمام تفعيل العمل الحكومي وأن «الألغام السياسية» أُزيلت من طريقه بقدر ما ستغرق في «تقطيع الوقت» في ظل تعذّر إنضاج الظروف لولادة مثل هذه التسوية، وإلا فإن الحكومة ستكون مضطرة لتمضية إجازة قسرية في ظروف استثنائية لا تحتمل إقحام البلد في لعبة التعطيل.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.