المغرب: خلافات تهز «العدالة والتنمية» بسبب قانون إصلاح التعليم

TT

المغرب: خلافات تهز «العدالة والتنمية» بسبب قانون إصلاح التعليم

وجد حزب العدالة والتنمية المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي، نفسه مرة أخرى وسط عاصفة من الانتقادات بسبب موقف نوابه من التصويت على القانون الإطار لإصلاح التعليم، حتى من داخل صفوفه، خصوصاً أن الحزب عارض بشدة بعض مواده طيلة الأسابيع الماضية، ما أدى إلى تأخير المصادقة على القانون بسبب الخلافات الواضحة بين أحزاب الغالبية.
وصادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أول من أمس، بالأغلبية على مشروع القانون؛ الإطار رقم 51.17، المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، بعد تعثر دام أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة، بسبب خلاف حول مبدأ «التناوب اللغوي»، الذي جاء في المادة الثانية، والذي يرى فيه الكثيرون تمكيناً للغة الفرنسية على حساب اللغتين الرسميتين للمملكة: العربية والأمازيغية. وتناسلت جملة من التعليقات الرافضة لموقف نواب حزب العدالة والتنمية، الذين قرروا في اللجنة الامتناع عن التصويت على المادة المثيرة للجدل، والتي جرى تمريرها بـ«12 صوتاً فقط، في الوقت الذي امتنع فيه 16 عضواً عن التصويت، وعارضها نائبان».
وقال محمد بولوز، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، في تدوينة غاضبة في «فيسبوك»: «في الوقت الذي تحررت فيه رواندا من الفرنسية، وتفكر الجزائر بجدٍّ في تحرير ربقة الجامعة من لغة المستعمر، يزداد المغرب غرقاً وتبعية للغة متخلفة علمياً ودولياً، وتعود الفرنسية لتهيمن على تدريس العلوم بتواطؤ مكشوف بين الفرقاء السياسيين والدولة الفرنكفونية العميقة ببلادنا».
وأضاف بولوز مهاجماً حزبه: «لم يكن حزبنا (العدالة والتنمية) في مستوى اللحظة التاريخية والوفاء للأصالة والعربية، بل ظهر في غاية الضعف والجبن بمجرد الامتناع عن التصويت في اللجنة المعنية».
وزاد القيادي ذاته منتقداً موقف حزبه: «لو عارض الحزب لحافظ على ماء وجهه، لأن القانون الإطار كان سيمر على كل حال لتوفر الأغلبية العددية له، وإنما الأحزاب والرجال بمبادئها فإن هم ذهبت مبادئهم ذهبوا».
من جهتها، اعتبرت خديجة أبلاضي، القيادية في حزب العدالة والتنمية والنائبة السابقة المتحدرة من الصحراء، في تدوينة مشابهة، التصويت بالامتناع على مشروع «فرنسة التعليم هو جبن سياسي واضح، وموقف متخاذل سيسجله التاريخ»، وأكدت أن التصويت بالرفض الذي عبّر عنه نائبان من حزبها «موقف مشرف وسلوك سياسي بطولي، يعبّر عن مسؤولية ووفاء للمرجعية والهوية والتزام نضالي يعبر عن نبض الشعب واستقلالية القرار السياسي والحزبي».
وطالبت أبلاضي، نواب الأمة بـ«إسقاط هذا القانون في المرحلة الأخيرة من التصويت بالجلسة العامة». معبرة عن أملها في أن يوقّع «برلمانيو الصحراء عريضة برفض قانون فرنسة التعليم... لأنهم أكثر الناس دراية بالمستوى المتدني لتلاميذ الأقاليم الجنوبية بمادة الفرنسية، وارتباطهم بها ضعيف، وهذا يهدد مستقبلهم التعليمي والتكويني الأكاديمي والوظيفي»، حسب تعبيرها.
ولم يقف الغضب عند هذا الحد، حيث أصدرت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية بياناً، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، اعتبرت فيه أن التصويت على مشروع القانون الإطار 51.17 في لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، خطوة لها «مآلات خطيرة ترهن مستقبل التعليم ببلادنا بخيارات لا تنسجم مع دستور البلاد، ولا تتماشى مع متطلبات تعليم المستقبل».
وجددت «التوحيد والإصلاح» تأكيد مواقف الحركة السابقة في الموضوع، وعلى رأسها «رفضُ كل القرارات التي تمس بمكانة اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، واستنكارُ اعتماد لغة أجنبية لغةً للتدريسِ مع الإصرار على تعميم التدريس بها في مختلف أسلاك التعليم». كما دعت الحركة، الحكومة والأحزاب السياسية لـ«تحمل مسؤوليتها التاريخية في المحطات التشريعية المقبلة، التزاماً بدستور البلاد، وتحصيناً لمكانة اللغتين الرسميتين في التعليم وفي الإدارة، وفي مختلف مجالات الحياة العامة»، وذلك في عتاب مخفف على حليفها السياسي.
في السياق ذاته، استنكر الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، بقوة ما دعاه «التفاف» النواب أعضاء اللجنة على الرفض الشعبي لمواد القانون الإطار، التي تسعى لـ«ترسيم الفرنسية لغةً لتعليم وتعلم المواد العلمية من السلك الابتدائي إلى الثانوي بسلكيه». وأضاف الائتلاف الذي يضم مختلف التوجهات السياسية والمدنية بالبلاد، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «نرفض الترويج الإعلامي المغلوط الذي اعتبر التصويت قد تم بواسطة الأغلبية؛ وهذا تزييف مكشوف للحقيقة وانقلاب كامل الأركان على خيارات الشعب المغربي وصوته».
وزاد موضحاً أن الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية يحمل المسؤولية «كاملة في تمرير المشروع إلى نواب الأمة الذين يفترض أنهم ممثلون لطموحاتها ومستقبل أبنائها في أن ينعموا بمكتسبات أعلى وثيقة دستورية في البلاد، بما فيها تلك التي تضمن حقوقها الثقافية والهوياتية وترسخها»، واعتبر تصويتهم على تمرير المشروع «تآمراً على مصالح الأمة التي يمثلون أفرادها، وانحرافاً خطيراً عن المنهجية الوطنية السليمة».
كما دعا الائتلاف ما سمّاها «القوى الحية»، إلى «التصدي لهذا المنحى التراجعي الخطير والمضر بالمدرسة المغربية وبمستقبل الأجيال».
ويُرتقب أن تتواصل حملة الانتقاد والسخرية من حزب العدالة والتنمية وقيادته، والتي تجعل من اللغة العربية وقضايا الهوية والقيم معارك أساسية في مسارها وتجربتها، في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدا الحزب عاجزاً هذه المرة، واستسلم للضغوط التي فرضها خصومه وحلفاؤه عليه في هذه المناسبة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.