رغم انتشار «عُصفُور الدُوري» المعروف أيضاً باسم «عصفور المنزل» في أغلب بلدان العالم، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، فإن انتشاره بشكل كبير في العاصمة البريطانية لندن، جعل البعض يعتبره من الأيقونات المميزة لها، غير أن سكان العاصمة البريطانية بدأوا يلاحظون أن أعداد هذا الطائر الأيقوني الذي من المعتاد رؤيته فوق أحد حواف أسطح المنازل أو فوق الأشجار، أصبحت منخفضة بشكل ملحوظ.
لم تمر هذه الملاحظة على المتخصصين مرور الكرام، وتشكل فريق بحثي من جمعية علم الحيوان في لندن، والصندوق البريطاني لعلم الطيور، وجامعة ليفربول، للتحقيق في هذا الأمر، وكانت النتيجة التي تم الإعلان عنها أمس في دراسة نشرتها دورية رويال سوسيتي «Royal Society»، أن «ملاريا الطيور» هي السبب الرئيسي في هذا الانخفاض الملحوظ.
وخلال الدراسة جمع الباحثون البيانات من 11 موقعاً عبر لندن، وقاموا بتقدير التغيرات في أعداد الطيور من خلال حساب الذكور الناضجة، ثم تم أخذ عينات صغيرة من الدم والبراز من العصافير، التي تم صيدها بعناية وتم الإفراج عنها بسرعة، لمراقبة معدلات الإصابة وشدتها.
ومن بين الـ11 موقعاً التي تمت دراستها، كانت 7 تتراجع فيها الأعداد بشكل ملحوظ، وكان 74 في المائة من العصافير مصابة بملاريا الطيور، الذي يسببه طفيل يسمى «متصورة أثرية» أو ما يعرف بـ«Plasmodium relictum»، وينتقل عن طريق البعوض ولا يصيب إلا الطيور فقط، وارتفعت النسبة في بعض المواقع إلى 100 في المائة، وكانت شدة العدوى واضحة في الطيور الصغيرة.
وذهبت الدراسة إلى أن هذا الطفيل يصيب أنواعاً متعددة من الطيور، وبالتالي فمن المحتمل أن يكون قد توطن في المملكة المتحدة قبل أن تبدأ أعداد عصافير الدُوري في الانخفاض بوقت طويل، ورجحت أن السبب في انتشاره هو تغير المناخ، حيث إن درجات الحرارة المرتفعة والطقس الأكثر رطوبة، عاملان مساعدان على تكاثر البعوض الناقل له.
ويقول الدكتور ويل بيتش من جمعية علم الحيوان في لندن، والباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشره موقع الجمعية بالتزامن مع نشر الدراسة: «انخفاض أعدد العصافير كان ملحوظاً في جميع أنحاء أوروبا منذ الثمانينات، ويشير بحثنا الجديد إلى أن ملاريا الطيور قد تتورط في فقدانه بجميع أنحاء لندن».
ويضيف: «ليس معروفاً كيف أن هذه العدوى تصيب الطيور، فربما تزيد درجات الحرارة الأكثر دفئاً من أعداد البعوض، أو أن الطفيل أصبح أكثر ضراوة».
وتشير الدكتورة داريا دادام من الصندوق البريطاني لعلم الطيور، والباحثة الرئيسية بالدراسة، إلى أنه من المعروف أن التهابات الطفيليات تتسبب في انخفاض الحياة البرية، والجديد في هذا البحث أننا أثبتنا أن ذلك قد يحدث مع «عُصفُور الدُوري» في لندن. وتقول في التقرير ذاته: «وجدنا عدداً من الطفيليات في العصفور، ولكن طفيل (متصورة أثرية) المسبب لمرض ملاريا الطيور هو الذي ارتبط فقط بخفض أعداد العصفور».
ملاريا الطيور تهدد باختفاء عصفور لندن الأيقوني
ملاريا الطيور تهدد باختفاء عصفور لندن الأيقوني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة