بارزاني الابن يبحث الملفات العالقة مع الرئاسات العراقية الثلاث

رئيس الوزراء الاتحادي عادل عبد المهدي لدى استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني أمس (موقع «رووداو»)
رئيس الوزراء الاتحادي عادل عبد المهدي لدى استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني أمس (موقع «رووداو»)
TT

بارزاني الابن يبحث الملفات العالقة مع الرئاسات العراقية الثلاث

رئيس الوزراء الاتحادي عادل عبد المهدي لدى استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني أمس (موقع «رووداو»)
رئيس الوزراء الاتحادي عادل عبد المهدي لدى استقباله رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني أمس (موقع «رووداو»)

تبادل مؤخراً رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، مع رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، برقيات التهنئة لمناسبة إعادة انتخاب الأول أميناً عاماً لـ«حزب الدعوة». الانفراجة في العلاقة بين الرجلين بعد خصومة طوت معظم سنوات التغيير بعد عام 2003 لم تحصل إلا بعد أن اشتد غضب الكرد، وبالذات مسعود بارزاني، على رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي «فرض القانون في كركوك»، مثلما يرى نائب رئيس «الجبهة التركمانية» حسن توران، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بعد أحداث 16 - 10 - 2017 التي لا ينساها بارزاني للعبادي، والتي كانت مقدمة لعودة المياه إلى مجاريها بين بارزاني والمالكي.
حين كان المالكي رئيساً للوزراء (2006 ـ 2014) كانت العلاقة بين الرجلين إما متوترة، وقد وصلت في إحدى صفحاتها لحافة الحرب حين تواجه الجيشان (الجيش العراقي وقوات البيشمركة) عند أطراف طوزخورماتو عام 2013، أو يشوبها الجمود. النتيجة التي ترتبت على ذلك التوتر أو الجمود في العلاقة هي بقاء الملفات العالقة عالقة. بعد عام 2014 لم يعد مسعود بارزاني رئيساً لإقليم كردستان مع احتفاظه بمنصبه كزعيم للحزب الديمقراطي الكردستاني، حتى قبل شهرين، حين تم انتخاب نيجيرفان بارزاني، ابن شقيقه، رئيساً للإقليم، فيما تم تكليف ابنه مسرور بارزاني برئاسة حكومة الإقليم.
وبعد عام 2014 لم يتمكن المالكي من الحصول على ولاية ثالثة، فجاء العبادي الذي لم يتمكن هو الآخر من الحصول على ولاية ثانية عام 2018، بسبب مواقف مختلفة، كان من بينها موقف الكرد، خصوصاً مسعود بارزاني الرافض له. كان ذلك كافياً لتمهيد الطريق لمجيء رئيس وزراء يوصف بأنه صديق حميم للكرد هو عادل عبد المهدي. لكن عبد المهدي الذي ينتمي إلى جيل المسنين من القيادات العراقية من أمثال مسعود بارزاني ونوري المالكي وإياد علاوي وحيدر العبادي يتعين عليه التعامل مع جيل شاب من القيادات الكردية؛ نيجيرفان بارزاني، رئيس الإقليم، الذي زار بغداد قبل نحو شهر، بينما يأتي اليوم مسرور بارزاني محاولاً حلحلة ملفات قديمة موروثة من حقبة القادة الكبار الذين كانوا حلفاء في المعارضة، خصوماً في السلطة.
لقاءات مسرور بارزاني مع كبار المسؤولين في بغداد بحثت كالعادة أهم شواغل الطرفين من بين ملفات عديدة؛ بعضها موروث ويصعب حسمه في جلسة أو جلستين، وبعضه الآخر ضاغط مثل مسألة تصدير النفط من الإقليم مقابل الموازنة ورواتب موظفي الإقليم، وكذلك مسألة كركوك والمشكلات التي تصاعدت مؤخراً بسبب اختيار المحافظ، ومحاولات عودة «البيشمركة»، بعد خطة فرض القانون التي طبقها العبادي أيام كان رئيساً للوزراء.
في سلسلة اللقاءات التي أجراها مسرور بارزاني مع كل من رئيس الجمهورية برهم صالح والوزراء عادل عبد المهدي والبرلمان محمد الحلبوسي، تكررت الجمل البروتوكولية ذاتها بشأن أهمية حسم الخلافات بين الطرفين وطي صفحة الماضي. البيان الرئاسي الصادر أكد أنه جرى خلال اللقاء «مناقشة تطورات الأوضاع السياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي». الرئيس صالح، وطبقاً للبيان، أكد «أهمية تنسيق الرؤى المشتركة واعتماد لغة الحوار البناء لحل كافة القضايا العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وفقاً للدستور والمصلحة الوطنية وتحقيق العدالة»، معرباً عن «ثقته بتحقيق التوافق بين الأطراف السياسية للارتقاء بمستوى العلاقات، وتذليل العقبات أمام توفير الخدمات للشعب العراقي».
من جانبه، أعرب مسرور بارزاني عن «رغبة حكومته بتكثيف الحوارات والاحتكام إلى الدستور، بما يضمن تحقيق المصالح المشتركة ويعزز العلاقات الأخوية».
إلى ذلك، أكدت الدكتورة فيان صبري، رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني من كل التطورات الجارية يتمثل فيما عبر عنه الرئيس مسعود بارزاني مؤخراً». وبشأن ما يمكن التفاهم حوله بشأن كركوك قالت: «إننا نرى أن كركوك مدينة التعايش السلمي، والسبيل الوحيد لحل مشكلاتها لا بد أن يكون في إطار الدستور وإعادة كركوك إلى أوضاعها السابقة»، مبينة أن «علينا الاستفادة من الأجواء الإيجابية في العلاقة بين أربيل وبغداد، وأن أي اتفاق بين الأطراف الكردية لا يجب النظر إليه إلا من ناحية إيجابية، وأن التوافق بين الكرد وبين الأطراف الأخرى والمكونات في المعادلة السياسية لكركوك ومع بغداد هي خريطة الطريق التي علينا جميعا إنجاحها».
لكن حسن توران، نائب رئيس «الجبهة التركمانية»، حذر من أي إجراءات يمكن الاتفاق عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بعيداً عن رغبة أهالي كركوك، لا سيما من التركمان. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «أي حل لكركوك، ونكرر هنا ما قلناه سابقاً عبر صفقة على حساب أهالي كركوك، لن تمر بسلام». وأضاف: «إننا لن نقبل المساس بما أنجز في عمليات فرض القانون وحل كركوك حسب ما نص عليه الدستور عبر إدارتها من قبل مكوناتها وعدم انفراد جهة واحدة بذلك».
أما شوان داودي، عضو البرلمان العراقي السابق عن الاتحاد الوطني الكردستاني، فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوفد هذه المرة، وبدءاً من تشكيلته، يختلف عن الوفود السابقة، حيث إنه وفد حكومي يمثل الجميع، وليس وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني». وأضاف: «النجاح مع الحكومة الاتحادية في بغداد يحتاج إلى تفاهمات جدية، مع التأكيد على أن حكومة عادل عبد المهدي هي أيضاً مثل حكومة كردستان بحاجة إلى نوع من الاستقرار، الأمر الذي يجعلهما بحاجة إلى دعم إحداهما الأخرى».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.