إردوغان يعد بخفض حاد لسعر الفائدة في تركيا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن البنك المركزي سيُجري خفضاً حاداً في أسعار الفائدة التي تبلغ حالياً 24%، وذلك بعد أسبوع من قراره عزل محافظ البنك السابق مراد شتينكايا، وتعيين نائبه مراد أويصال بدلاً منه في خطوة أحدثت هزة في الأسواق وأدت إلى تراجع الليرة بنحو 3% وهبوط السندات التركية المقوّمة بالدولار.
وذكر إردوغان، في تصريحات لرؤساء تحرير بعض الصحف التركية نُشرت أمس (الاثنين)، أن تركيا تهدف إلى خفض معدل التضخم من 15.7% حالياً إلى عدد من خانة واحدة بنهاية العام الجاري، كما تهدف أيضاً إلى خفض أسعار الفائدة على مدى الفترة ذاتها.
ورفع «المركزي» التركي سعر الفائدة الأساسي في سبتمبر (أيلول) 2018 إلى 24% كأحد إجراءات وقف هبوط حاد في قيمة الليرة التي فقدت في ذلك الوقت أكثر من 40% من قيمتها، وأغلقت العام على خسائر بلغت 30%. وأبقى البنك على سعر الفائدة دون تغيير منذ ذلك الحين، مع انزلاق الاقتصاد إلى الركود للمرة الأولى في عقد كامل، من أجل الحيلولة دون خسائر جديدة في قيمة العملة التي واصلت خسائرها في العام الجاري مع نحو 10% من قيمتها، وكبح التضخم الذي كان قد قفز في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 25.24%. وقال إردوغان: «لدينا هدف محدد لأسعار الفائدة حتى نهاية العام. سنحقق ذلك أيضاً... سنخفضها بشكل حاد، وبمجرد حدوث ذلك، سنرى التضخم يتراجع بشكل كبير».
ويصر إردوغان، الذي يصنف نفسه «عدواً للفائدة»، على مبدأ خاص به يخالف جميع النظريات الاقتصادية المتعارف عليها، إذ يرى أن خفض سعر الفائدة سيؤدي إلى خفض التضخم تلقائياً.
وحسب «رويترز»، يتوقع خبراء اقتصاديون أن يقوم البنك المركزي، تحت قيادة محافظه الجديد مراد أويصال، بخفض الفائدة 200 نقطة أساس في الاجتماع المقبل للجنة السياسات النقدية، في 25 يوليو (تموز) الجاري. لكنّ خبراء آخرين يرون أن تنفيذ خفض حاد في سعر الفائدة سيعود بالضرر الشديد على الاقتصاد التركي نظراً إلى عدم القدرة على جذب الأموال الأجنبية.
وفي الأسبوع الماضي، قال إردوغان إن بلاده قد تواجه مشكلات خطيرة إذا لم يتم إصلاح البنك المركزي إصلاحاً تاماّ. وحمّل محافظ البنك المركزي السابق مراد شتينكايا، المسؤولية عن عجز الحكومة في التصدي للأزمات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، مضيفاً أن شتينكايا اتخذ قرارات «دفعت تركيا ثمنها غالياً». واعتبر أن شتينكايا لم يوحِ إلى السوق بالثقة ولم يتواصل جيداً مع السوق.
وتسبب قرار إردوغان الإطاحة بمحافظ البنك في إثارة مخاوف واسعة في الأسواق بسبب الشكوك حول استقلالية البنك المركزي والقرار الاقتصادي في تركيا، وأدى إلى فقدان الليرة التركية نحو 3% من قيمتها وتراجع السندات التركية المقومة بالدولار.
وكان إردوغان قد برر إقالته شتينكايا برفض استجابته لمطالبه بخفض سعر الفائدة، الذي تم رفعه في سبتمبر 2018. ويرى إردوغان، وصهره برات ألبيراق، وزير الخزانة والمالية، أن خفض سعر الفائدة سيدفع عجلة النمو الاقتصادي في مواجهة الأزمة التي تواجهها البلاد، في ظل تقلب سعر صرف الليرة، فضلاً عن ارتفاع معدل التضخم، وضغطا مرات عدة على محافظ البنك المركزي من أجل تقديم استقالته، وعندما رفض الاستجابة للضغوط قام إردوغان بإقالته بموجب الصلاحيات الجديدة التي خوّلها له النظام الرئاسي الجديد، حيث أصبح بإمكانه إصدار مراسيم بتعيين وعزل كبار الموظفين دون الرجوع إلى البرلمان.
ومن بين أسباب تراجع قيمة الليرة العام الماضي، المخاوف التي أثيرت آنذاك بشأن استقلالية البنك المركزي، وذلك بعدما مارس إردوغان ضغوطاً لعدم رفع أسعار الفائدة من أجل الاستمرار في تغذية النمو الاقتصادي. ويرى محللون أن رفع أسعار الفائدة ضروري بهدف مواجهة التضخم الكبير وتدهور الليرة التي لا تزال تواصل خسائرها.
ورأت مجموعة «أشمور بي إل سي» في لندن، في تقرير الأسبوع الماضي، أن إردوغان يخاطر بدفع الاقتصاد التركي إلى انهيار مماثل لذلك الذي شهدته أميركا اللاتينية في ظل الأنظمة الشعبوية، حيث تلقي الحكومة باللوم على المجموعات الأخرى؛ لأن هذا يفيد سياسياً، لكنه يجعل المستثمرين والشركات أكثر قلقاً.
وأضافت المجموعة، التي تدير أصولاً في الأسواق الناشئة يبلغ حجمها 85 مليار دولار، أنه على الرغم من أن تركيا أكثر تنوعاً من الاقتصاد الفنزويلي الذي يعتمد على النفط، فإنها تسير الآن في طريق مشابهة للغاية، بسبب السياسة الخاطئة التي يمكن أن تنتهي بها إلى «الخراب».