جزيرة تافيوني... السفر عبر خط التاريخ

جزيرة تافيوني التابعة لفيجي جنوب المحيط الهادي (فيسبوك)
جزيرة تافيوني التابعة لفيجي جنوب المحيط الهادي (فيسبوك)
TT

جزيرة تافيوني... السفر عبر خط التاريخ

جزيرة تافيوني التابعة لفيجي جنوب المحيط الهادي (فيسبوك)
جزيرة تافيوني التابعة لفيجي جنوب المحيط الهادي (فيسبوك)

توجد علامة واحدة فقط في جزيرة تافيوني الهادئة لتذكر الزائرين بأنه في الماضي كان يجتمع هنا يومان مختلفان كلاهما إلى جانب الآخر في اللحظة نفسها، فإذا وقفت شرق الخط كنت في يوم أمس، أما على الجانب الغربي، فأنت في اليوم. هل يبدو الأمر ضرباً من الجنون؟ إنه كذلك بالفعل.
تفسير ذلك هو أن خطوط الطول عبارة عن أنصاف دوائر وهمية تمثل إحداثيات جغرافية تمتد من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي. وتساعد هذه الخطوط في تحديد موقع وجود شيء ما على سطح الأرض بدقة. ويمر خط الطول «صفر» عبر غرينيتش بالقرب من العاصمة البريطانية لندن.
وتقع تافيوني، وهي جزيرة تابعة لفيجي في جنوب المحيط الهادئ، على الجانب الآخر تماماً من الكرة الأرضية، على خط طول 180، ويمتد هذا الخط من الشمال إلى الجنوب عبر مساحات شاسعة من المحيط، والأهم من ذلك هو أن هذا الخط يمثل خط التوقيت الدولي الذي يفصل الأمس عن اليوم، أو اليوم عن الغد.
وإذا كان هذا ليس مربكاً بما يكفي، فإن الأمور قد تكون أكثر تعقيداً.
وعندما يمر المسافرون على متن سفن بالقرب من تافيوني عبر خط التوقيت الدولي متجهين شرقاً، فإنهم يعيشون اليوم نفسه مرتين، أما إذا توجهوا غرباً، فإنهم يخسرون يوماً كاملاً.
على متن سفينة سياحية متجهة من فيجي إلى جزيرة تاهيتي، قال القبطان للركاب: «شركة (هاباج – لويد) للملاحة البحرية سخية؛ إذ تمنحك يوماً إضافياً». السفينة تتجه شرقاً عبر خط التوقيت الدولي، وهذا يعني أن يوم الأربعاء سيأتي مرتين على متن السفينة؛ «لأنه كان جميلاً للغاية»، بحسب ما قال القبطان وهو يغمز بعينيه.
ويقضي الركاب ساعات وهم يحاولون فهم السبب الذي يجعل على المرء أن يحيا اليوم نفسه مرتين. بالحدس وحده، فإن هذا شيء لا يمكن تفهمه بسهولة.
ولمحاولة فهم «خط التاريخ»، ينبغي على المرء أن يتخيل راكبين اثنين انطلقا جواً من خط الطول الرئيسي في لندن، وطارا في اتجاهين متعاكسين، أحدهما يتجه غرباً، ويتعين عليه عند الوصول إلى كل منطقة زمنية جديدة إعادة ساعة يده ساعة زمنية إلى الوراء. بينما يطير الآخر شرقاً، ويتعين عليه بدوره تقديم ساعته بمقدار ساعة واحدة للأمام في كل منطقة زمنية جديدة.
وعندما يصل الراكبان إلى خط الطول 180، سيكون كل منهما قد سافر بالمدة الزمنية نفسها، ومع ذلك؛ فإن أحدهما قد ظل بصورة متكررة يفقد ساعة زمنية بينما ظل الآخر يكسب ساعة. ومنطقياً، بما أنه لم ينتقل أي منهما إلى الماضي أو المستقبل، فيجب أن يكون هناك نوع من التوازن. ولذلك، فإن المسافر الآتي من الغرب يعود يوماً إلى الوراء، بينما المسافر الآتي من الشرق تقدم يوماً للأمام.
ويعود اختيار خط الطول الصفري ليكون مارّاً عبر غرينيتش إلى قرار تعسفي إلى حد ما اتخذ في مؤتمر دولي عقد في عام 1884، مما يعني أنه من الناحية النظرية، يمكن أن يكون «خط التاريخ» في مكان آخر أيضاً.
إلا إن حقيقة اختيار الخط الدولي ليكون مارّاً عبر المحيط الهادئ، حيث يعيش عدد قليل من الناس، كان بالفعل أمراً متعمداً. فهذا يعني أن مساحة صغيرة جداً من الأراضي الفعلية هي المقسومة في تقويمها إلى يومين.
ورغم ذلك، فإن خط التاريخ الدولي لا يتخذ تماماً المسار نفسه لخط الطول 180، حيث يتخذ الخط بعض التعرجات لأن وجود تاريخين قد يمثل مشكلة كبيرة للبلدان التي يكون بها. وينطبق الأمر نفسه على المناطق الزمنية التي نادراً ما تتبع خط طول ثابتاً. وهكذا، فخط التاريخ الدولي لم يعد يمر اليوم عبر جزيرة تافيوني.
ويتخذ خط التاريخ الدولي مساراً أشبه بالمطرقة بالقرب من خط الاستواء، قريباً من جمهورية جزيرة كيريباتي. وفي عام 1995، سئمت كيريباتي من تقسيم توقيتها إلى يومين مختلفين، ومن ثم قررت أنها ستقع كلياً غرب خط التاريخ الدولي. وتم إعلان تعديل المنطقة الزمنية مطلع الألفية، وهو ما أعطى الدولة الأرخبيل الواقعة في النصف الجنوبي من المحيط الهادئ، لقب «جزر الألفية».
وفي عام 2011، أعلنت ساموا تعديل توقيتها من الجانب الشرقي لخط التاريخ الدولي إلى الجانب الغربي، لأن هذا يحقق لها فوائد في تجارتها مع أستراليا ونيوزيلندا وآسيا. وقبل ذلك، كان توقيت ساموا متأخراً بيوم من الناحية العملية. إلا إن ساموا الأميركية ظلت في الشرق.
وعلق أحد الركاب على متن السفينة السياحية مع اقتراب الرحلة من نهايتها بالقول: «لقد ألهمنا خط التاريخ الدولي التفكير كثيراً في بعض الأشياء». ويضيف الراكب، الذي يعمل محاضراً، في إشارة إلى اليوم الذي تكرر على متن السفينة: «ما زلت لا أعرف ما إذا كنت قد دفعت مقابل اليوم الثاني، أم لا».



«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

بالتضامن مع القضية الفلسطينية والاحتفاء بتكريم عدد من السينمائيين، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان «القاهرة للسينما الفرانكفونية»، الخميس، وتستمر فعالياته حتى الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعرض 75 فيلماً من 30 دولة فرانكفونية.

وشهد حفل الافتتاح تقديم فيلم قصير منفذ بالذكاء الاصطناعي، للتأكيد على أهمية تطويع التكنولوجيا والاستفادة منها في إطار تحكم العقل البشري بها، بجانب عرض راقص يمزج بين ألحان الموسيقار الفرنسي شارل أزنافور احتفالاً بمئويته، وموسيقى فريد الأطرش في ذكرى مرور 50 عاماً على رحيله.

وكرّم المهرجان المخرج المصري أحمد نادر جلال، والإعلامية المصرية سلمى الشماع، إلى جانب الممثلة إلهام شاهين التي تطرقت في كلمتها للتطور الذي يشهده المهرجان عاماً بعد الآخر، مشيدة بالأفلام التي يعرضها المهرجان كل عام من الدول الفرانكفونية.

وأكد رئيس المهرجان ياسر محب «دعم المهرجان للشعب الفلسطيني في الدورة الجديدة»، مشيراً إلى أن السينما ليست بمعزل عما يحدث في العالم من أحداث مختلفة.

وأوضح أنهم حرصوا على تقديم أفلام تعبر عن التغيرات الموجودة في الواقع الذي نعيشه على كافة المستويات، لافتاً إلى أن من بين الأفلام المعروضة أفلاماً تناقش الواقع السياسي.

جانب من الحضور في حفل الافتتاح (حساب إلهام شاهين على «فيسبوك»)

وشهد حفل الافتتاح كلمة للمستشار الثقافي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة ناجي الناجي، أكد فيها على دور الفن في دعم القضية الفلسطينية، مشيداً بدور الأعمال الفنية المتنوعة في التعبير عن القضية الفلسطينية وعرض 14 فيلماً عنها ضمن فعاليات الدورة الجديدة للمهرجان.

وتضمن حفل الافتتاح رسالة دعم ومساندة للشعب اللبناني من خلال عرض الفيلم التسجيلي «ثالث الرحبانية» عن حياة وإبداعات الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني، وحظي بتفاعل كبير من الحضور.

وقال المنتج الفلسطيني حسين القلا الذي يترأس مسابقة الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة لـ«الشرق الأوسط» إن «السينما ليست مجرد مشاهدة للأفلام فحسب، ولكن ربط بين الثقافات والحضارات المختلفة»، مشيراً إلى طغيان ما يحدث في غزة على كافة الفعاليات السينمائية.

ويترأس القلا لجنة التحكيم التي تضم في عضويتها الفنانة التونسية عائشة عطية، والفنان المصري تامر فرج الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان ليس منصة فقط لعرض الأفلام السينمائية للدول الفرانكفونية، ولكنه مساحة للتعبير عن المبادئ التي تجمع هذه الدول، والقائمة على المساواة والأخوة والسعي لتحقيق العدل، الأمر الذي ينعكس على اختيارات الأفلام».

وعدّ الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، المهرجان «من الفعاليات السينمائية المهمة التي تهدف لتعزيز التبادل الثقافي مع 88 دولة حول العالم تنتمي للدول الفرانكفونية، الأمر الذي يعكس تنوعاً ثقافياً وسينمائياً كبيراً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المهرجان يركز على استقطاب وعروض أفلام متنوعة وليس (الشو الدعائي) الذي تلجأ إليه بعض المهرجانات الأخرى».

وعبر عن تفاؤله بالدورة الجديدة من المهرجان مع أسماء الأفلام المتميزة، والحرص على عرضها ومناقشتها ضمن الفعاليات التي تستهدف جانباً ثقافياً بشكل بارز ضمن الفعاليات المختلفة.