المكسيك والولايات المتحدة... جيرة لدودة

لوبيز أوبرادور انحنى أمام «عاصفة ترمب» لضمان الاستقرار الاقتصادي

المكسيك والولايات المتحدة... جيرة لدودة
TT

المكسيك والولايات المتحدة... جيرة لدودة

المكسيك والولايات المتحدة... جيرة لدودة

منذ استقلالها عن التاج الإسباني في عام 1821 بعد أحد عشر عاماً من المعارك الضارية، تعيش المكسيك في «ظلّ» جارة الشمال التي قضمت مساحات شاسعة من أراضيها في سلسلة من الحروب الخاطفة، لتصبح فيما بعد المدى الحيوي لنموّها الاقتصادي وامتدادها الاجتماعي، والبوصلة الأساسية التي تتحرك سياستها الخارجية وفق اتجاهاتها.
وليس أدلّ على هذه العلاقة الملتبسة باستمرار بين البلدين من القول الشائع هنا: «مسكينة المكسيك... كم هي بعيدة عن الله، وقريبة من الولايات المتحدة!»، قولٌ يردده المكسيكيون بكثرة في هذه الأيام، بعد وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى البيت الأبيض والقرارات المتعاقبة التي اتخذها الرئيس دونالد ترمب، بدءاً بالإصرار على بناء الجدار الفاصل على طول الحدود، مروراً بالخروج من اتفاق التجارة الحرة مع المكسيك وكندا، وصولاً إلى التهديد بفرض رسوم جمركية تدرجيّة على الصادرات المكسيكية، إذا لم تبادر الجارة الجنوبية إلى وقف تدفّق قوافل المهاجرين عبر أراضيها إلى الولايات المتحدة.
مشاعر المكسيكيين حيال الرئيس الأميركي الحالي ليست بحاجة لأي استطلاع للوقوف على اتجاهاتها أو عمقها. فمنذ ظهوره في المشهد السياسي جعل من المكسيك المرمى الرئيسي لانتقاداته، وأغدق كل أنواع التهم على أبنائها الذين يهاجرون إلى الولايات المتحدة، فوصفهم بالسارقين والمغتصبين وتجّار المخدرات وقاطعي أرزاق الأميركيين العاطلين عن العمل.
لكن المكسيكيين يدركون أيضاً أن أرقام العلاقة مع الجارة اللدود تجعل من الولايات المتحدة قَدَراً محتوماً لا بد من التكيّف معه والعيش بجانبه. أكثر من 37 مليون مكسيكي يعيشون ويعملون حاليّاً في الولايات المتحدة، ويرسلون تحويلات منتظمة إلى عائلاتهم، قدّرتها الأمم المتحدة بما يزيد عن 31 مليار دولار في العام الماضي. وإذا أخذنا في الاعتبار أن المكسيك، وهي الدولة المصدّرة التاسعة في العالم بقيمة إجمالية قدرها 418 مليار دولار سنوياً، تصدّر إلى الولايات المتحدة ما قيمته 307 مليارات دولار في السنة، تتبدّى بوضوح الشروط التي تحكم هذه العلاقة، والتي يحاول الرئيس الأميركي استثمارها في معاركه السياسية الداخلية.
هواجس العلاقة مع الولايات المتحدة، وما ينشأ عنها من تداعيات في الفترة الأخيرة، تتقدّم على كل الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي فتحها وصول أوّل يساري إلى سدّة الرئاسة في تاريخ المكسيك الحديث. ولا يستبعد كثيرون هنا أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها واشنطن في علاقتها مع المكسيك ليست وليدة النهج الذي يتبّعه الرئيس الأميركي في سياسته الخارجية فحسب، بل هي في سياق المواقف الكلاسيكية التي تعتمدها الإدارات الأميركية، خصوصاً الجمهورية منها، للتعامل مع الحكومات اليسارية في المحيط الإقليمي الذي تعتبره حيويّاً لمصالحها الاستراتيجية.
الرئيس المكسيكي يدرك أن المواجهة الصدامية مع الولايات المتحدة معركة خاسرة على كل الصعد من بدايتها. ومن يتابع تصريحاته ومواقفه منذ بداية الأزمة مع واشنطن، يتبيّن مدى الواقعية التي طغت على هذه المواقف، والاعتدال غير المألوف في خطابه هو الذي قال في عزّ حملته الانتخابية عن العلاقة مع الجارة الأميركية: «سنعلّمهم من الآن كيف يتعاملون معنا باحترام وندّية».
يعرف لوبيز أوبرادور أن ثلاثة أرباع الدم الذي يجري في عروق الاقتصاد المكسيكي مصدره السوق الأميركية، التي تأتي منها أيضاً تحويلات مالية صافية لعائلات المهاجرين تعادل 11 في المائة من إجمالي الناتج القومي. كما يدرك أن مفاتيح الاستثمارات الأجنبية التي يحتاج إليها الاقتصاد المكسيكي موجود معظمها في واشنطن، وأن الرياح التي تهبّ اليوم على القارة الأميركية لم تعد «شماليّة».
من هنا كانت الانحناءة أمام العاصفة، والقبول بمعظم الشروط التي فرضتها الولايات المتحدة في الاتفاق الأخير حول موضوع الهجرة لوقف تنفيذ إجراءات فرض الرسوم الجمركية التصاعدية على الصادرات المكسيكية.
لكن يخشى المراقبون هنا أن الأعباء التي يفرضها الاتفاق على الجانب المكسيكي ستفاقم أزمة الهجرة داخل الحدود المكسيكية، حيث يفترض بالسلطات المحليّة أن توفّر للمهاجرين العابرين أو المرحّلين من وراء الحدود، فرص العمل والتعليم والعناية الصحية، ريثما تبتّ الأجهزة الأميركية في طلباتهم للجوء إلى الولايات المتحدة. كما يفترض بالمكسيك أن تتدبّر أمر الذين ترفض واشنطن طلباتهم.
وثمّة من يحذّر في الأوساط السياسية المكسيكية من أن القبول بكل الشروط التي فرضتها واشنطن، والتي يمكن أن تضاف إليها شروط أخرى في حال العودة إلى طاولة المفاوضات إذا فشلت الإجراءات الأولى بعد 90 يوماً، كما يلحظ الاتفاق، من شأنه أن يحقّق الحلم الذي يراود الحكومات الأميركية منذ عقود بتحويل المكسيك إلى بلد مستضيف «رغماً عنه» للاجئين من البلدان المجاورة، الذين ترجّح المنظمات الدولية أن يرتفع عددهم في السنوات المقبلة. وليس واضحاً بعد مدى الدعم الذي وعدت واشنطن بتقديمه لتنفيذ الخطة التي اقترحها الرئيس المكسيكي لتنمية الدول المصدّرة للمهاجرين، والتي من دونه يستحيل أن تؤتي ثمارها.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.