التوصل إلى «كعب أخيل» بعوضة الملاريا

التوصل إلى «كعب أخيل» بعوضة الملاريا
TT

التوصل إلى «كعب أخيل» بعوضة الملاريا

التوصل إلى «كعب أخيل» بعوضة الملاريا

في الأساطير اليونانية القديمة، خافت الأم على طفلها «أخيل» الذي تنبأ العرافون بموته في معركة، فقامت بتغطيسه في نهر يمنح القوة، ولكن بسبب حملها لطفلها من كعب قدمه، لم يصل الماء السحري لتلك المنطقة، فصارت أضعف نقطة في جسمه، فمات متأثراً بسهم مسموم في كعبه رغم قوته، ومن هنا ظهر مصطلح «كعب أخيل»، الذي أصبح يستخدم على نطاق واسع، ومنها الدراسات الطبية، للإشارة لنقاط الضعف في بناء قوي.
ولم يجد فريق بحثي دولي أفضل من هذا المصطلح للإشارة إلى نجاحهم في اكتشاف نقطة ضعف البعوض الناقل للملاريا، والذي أرهق الباحثين لعقود، بحثاً عن حل يقضي عليه دون أن يسبب آثاراً جانبية سلبية على صحة الإنسان.
ويعيش ما يقرب من نصف سكان العالم في مناطق معرضة لبعوض أنوفيليس، الناقل لمرض الملاريا، الذي يقتل نحو 450 ألف شخص في السنة، معظمهم من الأطفال والنساء الحوامل.
ورغم التقدم في محاربة المرض، فإن هذا التقدم مهدد؛ حيث يطور البعوض الناقل له مقاومته للمبيدات الحشرية الكيميائية المستخدمة للسيطرة عليه، فضلاً عن وجود قلق كبير حول الآثار الجانبية السامة للمواد الكيميائية.
ومنذ نحو ثلاثين عاماً، حدد العلماء سلالة من البكتيريا تقتل هذا البعوض؛ لكن نظراً لعدم فهم طريقة هجوم البكتيريا، كان من الصعب تكرارها أو استخدامها كبديل للمبيدات الحشرية الكيميائية حتى الآن، وهي المشكلة التي حلها فريق دولي بقيادة سارجيت جيل، الأستاذ البارز في البيولوجيا الجزيئية في جامعة كاليفورنيا، بتحديد سم عصبي ينتج عن البكتيريا، وحددوا كيف يقتل بعوض الأنوفيليس، وتم الإعلان عن تفاصيل عملهم في ورقة نشرت في 28 يونيو (حزيران) الماضي،
بدورية «نتشر كومينيكيشنز» (Nature Communications).
واحتاج سارجيت وفريقه البحثي الذي ضم باحثين من جامعة استوكهولم ومعهد البحوث الطبية في ماليزيا، 10 سنوات لتحقيق انفراجة في سعيهم لفهم البكتيريا. ويرجع النجاح الذي حققوه للتقنيات الحديثة لتسلسل الجينات؛ حيث ضربوا البكتيريا بالإشعاع، وخلقوا سلالات بكتيرية متحولة لا يمكنها إنتاج السم، وبمقارنة السلالة غير السامة مع السلالة التي تقتل الأنوفيليس، وجدوا أن البروتينات في البكتيريا هي مفتاح إنتاج السم.
يقول سارجيت، في تقرير نشره موقع جامعة كاليفورنيا بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «تحديد الآليات التي تستهدف بها البكتيريا بعوض أنوفيليس لم يكن سهلاً... لقد كنا متحمسين، ليس فقط للعثور على السم العصبي الذي أسميناه (PMP1)؛ لكن أيضاً تحديد كثير من البروتينات التي من المحتمل أن تحمي (PMP1) عند امتصاصه في أمعاء البعوض».
وتوصل سارجيت في النهاية إلى تركيبة كانت قاتلة لبعوض أنوفيليس الناقل للملاريا؛ لكنها لم تصب الفئران حتى عندما تم حقنها بها. وتقدم الفريق البحثي بطلب للحصول على براءة اختراع لهذا الاكتشاف، ويأمل الآن في العثور على شركاء يساعدونهم في تطوير مبيد حشرات أنوفيليس القائم على البكتيريا، ليفتح ذلك الباب أمام طرق جديدة للبحث عن مبيدات حشرية إضافية صديقة للبيئة.
ويقول سارجيت: «هناك احتمال كبير أنه إذا تم تطوير سم (PMP1) لقتل بعوضة الملاريا، فهناك سموم أخرى يمكنها أن تقتل حشرات أخرى لها دور في نشر الأمراض، فقد تكون هذه مجرد بداية لطريقة جديدة لمنع مئات الآلاف من الأمراض المسببة للوفاة كل عام».



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»