«مجزرة نازحين» بغارات روسية على جنوب إدلب

مقتل 2464 شخصاً منذ بدء التصعيد شمال سوريا... و{حزب الله} يعلن أن عناصره لا تشارك في المعركة

بعد غارة على كفريا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على كفريا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

«مجزرة نازحين» بغارات روسية على جنوب إدلب

بعد غارة على كفريا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على كفريا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

قتل 14 مدنياً بينهم أطفال في قصف جوي مستمر يستهدف محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، طال مخيما للنازحين جنوب إدلب وشمال حماة، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» السبت.
وتتعرّض محافظة إدلب ومناطق محاذية لها، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين نسمة، لتصعيد في القصف السوري والروسي منذ أكثر من شهرين، يترافق مع معارك عنيفة تتركز في ريف حماة الشمالي.
وأفاد «المرصد السوري» أن «الطائرات الحربية لقوات النظام وحليفتها روسيا تواصل استهدافها مناطق في ريف إدلب الجنوبي»، مشيراً إلى أن «القصف الروسي طال بعد منتصف ليل الجمعة - السبت تجمعاً للنازحين قرب مدينة خان شيخون».
وأسفرت الضربات، وفق المصدر نفسه، عن مقتل ثمانية مدنيين بينهم أربعة أطفال ممن فروا خلال الأسابيع الماضية من بلدتهم اللطامنة في ريف حماة الشمالي جراء القصف والاشتباكات المستمرة.
وتسبب القصف المستمر صباح السبت أيضاً بمقتل مدني واحد وامرأة حامل وإصابة عشرة آخرين بجروح في بلدة كفريا في شرق إدلب، بحسب مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن الذي أشار إلى أن القتيلين أيضاً من النازحين الذين أجبروا على مغادرة مناطقهم سابقاً في إطار اتفاقات تسوية مع قوات النظام.
وفي بلدة كفريا، شاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، جثة المرأة الحامل وإلى جانبها الجنين الذي خرج من أحشاء والدته الممزقة وحبل السرة معلقاً به. وقد طال القصف، وفق قوله، أحياء عدة في البلدة وتم نقل الجرحى وبينهم أطفال إلى مستشفيات قريبة.
ورجح «المرصد السوري» ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة وجود جرحى في حالات خطرة. كما قتل شخصان وطفلة في قصف بري لقوات النظام في شمال حماة.
وتأتي الغارات الجديدة غداة مقتل 13 مدنياً في القصف على المنطقة، وبينهم ثلاثة قتلوا في مدينة إدلب، مركز المحافظة ومعقل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) ومقر المؤسسات والإدارات المنبثقة عنها. وهذه المرة الأولى التي تُستهدف فيها المدينة خلال التصعيد الأخير بعدما اقتصر القصف سابقاً على أطرافها.
وتمسك هيئة تحرير الشام بزمام الأمور إدارياً وعسكرياً في محافظة إدلب ومحيطها، حيث توجد أيضاً فصائل إسلامية ومقاتلة أقل نفوذاً.
ويترافق القصف مع استمرار الاشتباكات بين قوات النظام والفصائل الإسلامية والمقاتلة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام في ريف حماة الشمالي، والتي أوقعت منذ ليل الأربعاء أكثر من 120 قتيلاً من الطرفين.
وكانت محافظة إدلب ومحيطها شهدت هدوءاً نسبياً بعد توقيع اتفاق روسي - تركي في سبتمبر (أيلول) 2018. نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين قوات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه. إلا أن قوات النظام صعّدت منذ فبراير (شباط) قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً. وشهدت محافظة إدلب خلال الأسابيع الأخيرة أشدّ المعارك منذ توقيع الاتفاق. ومنذ بدء التصعيد نهاية أبريل (نيسان)، قتل أكثر من 590 مدنياً جراء الغارات السورية والروسية، فيما قتل 45 مدنياً في قصف للفصائل المقاتلة والجهادية على مناطق سيطرة قوات النظام القريبة، وفق المرصد السوري.
ودفع التصعيد أيضاً أكثر من 330 ألف شخص إلى النزوح من مناطقهم، وفق الأمم المتحدة التي أحصت تعرّض أكثر من 25 مرفقاً طبياً للقصف الجوي منذ نهاية أبريل.
وقال «المرصد السوري» لاحقا بأن «حصيلة الخسائر البشرية واصلت ارتفاعها جراء عمليات القصف الجوي والبري ضمن منطقة خفض التصعيد، حيث ارتفع إلى 12 عدد القتلى الذين وثق قتلهم السبت، وهم 8 مواطنين من عائلتين اثنتين (رجل وزوجته واثنان من أطفاله، ورجل آخر وزوجته واثنان من أطفاله) جراء مجزرة ارتكبتها الطائرات الروسية باستهداف أراض زراعية في محيط خان شيخون جنوب إدلب، ورجل ومواطنة وجنينها نازحين جراء قصف طيران النظام الحربي على قرية كفريا شرق إدلب، ومواطنة جراء قصف بري من قبل قوات النظام على قرية الزكاة شمال حماة، ومواطن متأثراً بجراح أصيب بها جراء قصف جوي من قبل طيران النظام الحربي تعرضت له بلدة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي بوقت سابق، في حين لا يزال عدد الشهداء مرشحا للارتفاع لوجود جرحى بعضهم في حالات خطرة».
وتابع «المرصد السوري» أنه «ارتفع إلى 29 عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية على كل من خان شيخون وكفريا وجنوب بابولين ومعرة حرمة كفرعويد وكفروما وربع الجور بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، ومورك وكفرزيتا شمال حماة والسرمانية بسهل الغاب، كما ارتفع إلى 175 عدد القذائف الصاروخية التي أطلقتها قوات النظام على بلدات وقرى في ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، وريف حلب الجنوبي بالإضافة لجبال الساحل وريف إدلب الجنوبي الشرقي». ومع سقوط القتلى أمس، يرتفع إلى 2464 شخصاً عدد الذين قتلوا منذُ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في 30 أبريل، 641 مدنيا بينهم 167 طفلا و132 مواطنة ممن قتلتهم طائرات النظام و«الضامن» الروسي بالإضافة للقصف والاستهدافات البرية، وهم (77) بينهم 24 طفلا و21 مواطنة و3 من الدفاع المدني في القصف الجوي الروسي على ريفي إدلب وحماة.
وأعلن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله أن عناصره لا يشاركون حالياً في المعارك التي تشهدها محافظة إدلب بين قوات النظام بدعم روسي والفصائل المقاتلة، لافتا أنه تم خفض عدد عناصر الحزب الذين يقاتلون إلى جانب قوات النظام في سوريا بشكل علني منذ العام 2013.
وقال نصر الله في مقابلة مع قناة «المنار» التابعة لحزبه في ذكرى اندلاع حرب يوليو (تموز) 2006 مساء أول من أمس «نحن موجودون في كل الأماكن التي كنا فيها، ما زلنا فيها ولكن لا داعي للوجود هناك بأعداد كبيرة طالما لا ضرورات عملية لذلك»، معتبراً أن الجيش النظامي «استعاد عافيته بشكل كبير وهو وجد أنه اليوم ليس بحاجة إلينا».
وتابع «قمنا بإعادة انتشار وإعادة تموضع»، مشدداً على أن «كل التعاطي مع الملف السوري لا علاقة له بالعقوبات أو التقشف المالي».
وقال «إذا دعت الحاجة لعودة كل من كان هناك سيعود».
وبعد حسمها معارك على جبهات عدة بدعم من حليفتيها روسيا وإيران، باتت قوات النظام السوري تسيطر على أكثر من ستين في المائة من مساحة سوريا.
وقال نصر الله إن مقاتلي حزبه لا يشاركون حالياً في المعارك التي تشهدها محافظة إدلب. وأوضح أن «ما يسمعه الإيرانيون والسوريون من الروسي أنه غير مقتنع حتى الساعة بوجوب أو ضرورة خروج حزب الله» أو إيران.
ورأى أنه «حتى الساعة لا مصلحة لروسيا أن تخرج إيران من سوريا»، لافتاً إلى أن «الروس يحاولون تدوير الزوايا والوصول إلى تسوية معينة تمنع مواجهة بين إسرائيل من جهة وحزب الله أو إيران في سوريا».
وأشار نصر الله إلى «حالة تنسيق كبيرة» بين الجانبين الروسي والإيراني، معتبراً أنهما «أقرب إلى بعض من أي وقت مضى... وإن لم يكن هناك تطابق».
ويقاتل حزب الله المدعوم من طهران إلى جانب قوات النظام في سوريا منذ العام 2013. وساهم تدخله في حسم معارك عدة لصالح دمشق.
ورداً على سؤال عن القصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا، اعتبر نصر الله أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين «نتانياهو يخادع شعبه وهو يلعب سياسة حافة الهاوية لأن إيران لن تخرج من سوريا».
وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، وتقول إنها تستهدف مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» وهي تُكرّر التأكيد أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى «حزب الله».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.