أوجه الشبه بين المكسيكي أوبرادور والفنزويلي الراحل تشافيز

الرئيس الحالي للمكسيك اليساري مانويل لوبيز أوبرادور الذي خسر قبل أيام وزير المال وساعده الأيمن بسبب خلافات في السياسة الاقتصادية (أ.ف.ب)
الرئيس الحالي للمكسيك اليساري مانويل لوبيز أوبرادور الذي خسر قبل أيام وزير المال وساعده الأيمن بسبب خلافات في السياسة الاقتصادية (أ.ف.ب)
TT

أوجه الشبه بين المكسيكي أوبرادور والفنزويلي الراحل تشافيز

الرئيس الحالي للمكسيك اليساري مانويل لوبيز أوبرادور الذي خسر قبل أيام وزير المال وساعده الأيمن بسبب خلافات في السياسة الاقتصادية (أ.ف.ب)
الرئيس الحالي للمكسيك اليساري مانويل لوبيز أوبرادور الذي خسر قبل أيام وزير المال وساعده الأيمن بسبب خلافات في السياسة الاقتصادية (أ.ف.ب)

حديث السياسة في المكسيك، هذه الأيام، يطغى على أي حديث آخر؛ الجبهة المفاجئة التي فتحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بهجماته الضريبية على الجارة التي تشكّل صادراتها إلى الولايات المتحدة الشريان الأبهر لاقتصادها... الهجرة المتدفقة من أحزمة الفقر في أميركا الوسطى عبر حدود المكسيك التي منذ عقود تُعتبر خزّان المهاجرين الأكبر إلى الولايات المتحدة... الفساد المستشري في أجهزة الدولة ومؤسساتها... والوعود المتبخّرة التي أطلقها الرئيس الجديد بإنهاض الاقتصاد من ركوده الطويل، ووقف انحداره السريع نحو أزمة وخيمة العواقب.
وفي الأحاديث السياسية هنا موضوع مستجدّ يجذب اهتماماً متزايداً، ويستقطب التحليل والنقاش في أوساط النُخب الإعلامية والاجتماعية: المقارنة بين الرئيس الحالي للمكسيك اليساري مانويل لوبيز أوبرادور والزعيم الفنزويلي السابق هوغو تشافيز. المكسيك ليست فنزويلا، وأوبرادور ليس تشافيز، لكن ثمّة أوجه شبه بين الاثنين بات من الصعب أن تغيب عن عين المراقب، خصوصاً في ضوء أداء الرئيس المكسيكي منذ انتخابه في مثل هذه الأيام من العام الماضي، وبعد سبعة أشهر من توليه الحكم. كان هوغو تشافيز نموذجاً متفوّقاً للزعيم الشعبوي الذي شرب من مناهل مثاله الأعلى ومعلّمه فيديل كاسترو. وصل إلى السلطة عن طريق انتخابات ديمقراطية، لكنه رفض بناء دولة يسودها القانون، وتحكمها المؤسسات، وجعل من فنزويلا دولة فاشلة يسّيرها حسب مزاجه. لجأ إلى الأداة الاستفتائية ليبقى في السلطة إلى الأبد، أغدق الوعود بسخاء على الجميع، ثم نكث بوعوده واحداً غبّ الآخر. أرسى ثقافة عبادة القائد عبر جولاته الشعبية المستمرة وبرامجه الإذاعية والتلفزيونية، أغدق المنافع والمزايا على العسكر، وحارب وسائل الإعلام المستقلة. فرض التحريض والتخوين نهجاً في الخطاب السياسي، استفزّ خصومه واخترع عداوات وهميّة ليجذب إليه المؤيدين، واستحضر صورة المحرر سيمون بوليفار للتذكير بمآثر حقبة مجيدة يجهلها معظم أنصاره.
أمم تشافيز الممتلكات والأصول الفنزويلية والأجنبية، وعد بقطع دابر الفساد، وكان فشله ذريعاً. رفع لواء الدفاع عن المحرومين والحفاظ على الموارد الطبيعية، فتضاعف عدد الفقراء وانهارت عجلة الاقتصاد في الدولة التي تملك أكبر مخزون للنفط في العالم. قطف ثمار الأزمة الاجتماعية والمعيشية الخانقة عن طريق سياسة المساعدات المشروطة بالولاء التام، وألقى اللوم على الليبرالية الجديدة التي قرأ الرئيس الروسي منذ أسابيع الفاتحة على روحها. أسّس سلطته على التعبئة الميليشياوية الدائمة، ونشر التغطية الرقمية المجانية في البلاد لتعميم أفكاره وخطابه عبر التواصل السريع والمباشر مع المواطنين.
مانويل لوبيز أوبرادور وصل أيضاً إلى السلطة عن طريق انتخابات ديمقراطية حصل فيها على أعلى نسبة في تاريخ المكسيك الحديث. لكن معظم القرارات التي اتخذها في الأشهر الأخيرة تهدف إلى تفكيك الأجهزة المستقلة في الدولة، وإلى تقويض النظام الديمقراطي للبقاء في الحكم أطول مدة ممكنة. هو السيّد المطلق حاليّاً في المكسيك: رئيس الدولة، والقائد الأعلى للقوات المسلّحة، وزعيم الائتلاف الذي أوصله إلى الحكم، وصاحب الكلمة الفصل في السلطة التشريعية التي يسيطر عليها عبر كل أنواع الضغوط والابتزاز التي يمارسها على المعارضة، ويستعدّ للهيمنة على السلطة القضائية عن طريق تعيين مقرّبين منه في محكمة العدل العليا. وليست الاستقالة المدوّية منذ أيام لوزير المال وساعده الأيمن، اليساري هو أيضاً، سوى مؤشر آخر على ضربه عرض الحائط بكل الوعود والأعراف والإصرار على الاستئثار الكامل بمفاتيح السلطة.
وضع أوبرادور يده، عبر مراسيم إجرائية، على عدد من المشروعات الكبرى بذريعة عدم استيفائها الشروط القانونية ومعايير الشفافية قبل المباشرة بتنفيذها، لكنه وزّعها على أنصاره ومؤيديه من غير المرور عبر المناقصات المرعيّة. آخر قراراته كان وقف العمل ببناء مطار العاصمة الجديد الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار، الذي كان من المنتظر تدشينه قبل نهاية العام المقبل. بنى حملته الانتخابية على شعار محاربة الفساد، لكنه تراجع أمام الملفّات الكبرى خشية أن تطال بعض مؤيديه والمحسوبين على خطه السياسي. أصرّ على ضخّ المال العام في المؤسسات المفلسة للحفاظ على أنصاره في المواقع القيادية، رغم توصيات أجهزة المراقبة الوطنية والأجنبية بضرورة تصفيتها بسرعة. فتح جبهة بين الفقراء والأغنياء يؤجج نارها باستمرار، ويتهّم النظام الليبرالي بالوقوف وراء كل مصائب المكسيك. وعد الرئيس المكسيكي خلال حملته الانتخابية بنمو اقتصادي يتجاوز 4 في المائة سنوياً، لكن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تتوقع ألا يزيد معدل النمو الاقتصادي عن 1 في المائة هذه السنة، وذلك بفضل تحسّن أسعار النفط، وتحذّر من ركود أو نمو سلبي في السنوات المقبلة إذا استمرّت الحكومة في تجاهل الواقع الاقتصادي للبلاد عند وضع سياساتها الاجتماعية. في غضون ذلك تتراجع حركة الاستثمارات الوطنية والأجنبية منذ مطلع هذا العام، فيما تشير بعض التحليلات إلى أن المكسيك على وشك الدخول في منحدر اقتصادي يشبه إلى حد بعيد ما كانت عليه فنزويلا في نهاية عهد تشافيز.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.