مع تجولك بين أعمال الفنان علي فوزي، فأنت أمام ألبوم ثري بالألوان المبهجة، لا تلبث أن تقلب صفحاته واحدة تلو الأخرى، منجذباً بما تحمله من موسيقى مرئية تسر الناظرين، ومستمتعاً بما تستمده من طاقة إيجابية من شُحناتها الجمالية.
فألوان التشكيلي المصري تعد بمثابة مفتاح بصري، يجذبك بقوة لأن تمعّن النظر وتتأمل ما تعكسه اللوحات على سطحها، بما تشكله من سيمفونية تجريدية دون تعقيدات بصرية، عاكسة فلسفته الخاصة تجاه اللون التي أسسها على مدار ما يقرب من 5 عقود فنية.
يقول الفنان فوزي: «اللون هو البطل في أعمالي، فالألوان لدي لها أهمية كبيرة، وهو أسلوب قدمته من خلال تجربتي الممتدة على مدار أكثر من 45 عاماً، حيث أهتم بجماليات اللون على سطح اللوحة، لأنه هو الذي يعطي جماليات اللوحة ويعكس مضمونها، ويعطي المشاهد الانطباع الحسن أو السيئ تجاه العمل الفني».
ويضيف: «أحاول دائماً أن أحقق للمتلقي متعة بصرية رغم أن اللوحات قد تكون غير مفهومة المضمون لكوني أنتهج التجريد، ولكنها تخلق حالة مثل من يستمع إلى الموسيقى الهندية أو موسيقى الجاز وغيرها، فهو قد لا يفهم مضمونها ولكنها تحقق له نوعاً من المتعة السمعية، وهو تماماً ما أفعله في أعمالي، حيث يقف المتلقي أمامها وتتحقق له متعة المشاهدة، ومن ثم تأتي أعمالي على هيئة ألحان لونية تطرب لها العين».
التوقف أمام الأعمال يشعر المتلقي بالفعل بهذه المتعة، حيث تحمل اللوحات نوعاً من البهجة اللونية التي تشع بمحيطها، حيث يحرص الفنان على إشاعة هذا الجو، وإدخال المتلقي في حالة من الاندهاش، فبعض اللوحات جاءت الألوان متماهية مع جماليات الإيقاع الهندسي البسيط، ما جعل هذه اللوحات تقترب من فن الزّجاج المعشق، ذلك النوع من الفنون الذي يهدف إلى عمل تصميمات زخرفية بجمع قطع الزجاج الملون. وفي لوحات أخرى يتخلى اللون طواعية عن ارتباطه التقليدي، مثل أن تظهر آلة الماندولين الوترية خضراء بعكس طبيعتها.
ولخلق مزيد من الرؤية البصرية المختلفة، يعمد فوزي إلى مفردات بعينها ثرية بالمعاني والدلالات، متخذاً منها طابعاً رمزياً بتأويلات عدة من حيث المضمون، ومتلاعباً بها شكلياً عبر الألوان. ففي معرضه الأخير «ألحان لونية» لجأ إلى مفردات مثل السمكة، للتعبير عن الرزق، وفي معرضه الأسبق «الناس والكرسي» كانت مفردة الكرسي بطلاً للتعبير عن السُلطة والانتظار والاستقرار والراحة.
وعن كيفية اختيار مساحاته اللونية، يقول الفنان: «ألواني هي هويتي»، متابعاً أنه «مثل الشاعر أو القاص الذي لديه مجموعة مصطلحات يبدع بها أعماله، فالألوان هنا تستخدم لإبراز البهجة، مع توظيفها لعدم إشعار المتلقي بأنه ليس أمام موضوع مُؤزم، وبالتالي تكون الإشكالية في كيفية تنسيقها وضبطها ووزنها، فاللون الأحمر إذا وضعته بمساحة كبيرة في لوحة أبدأ بالتفكير في الوهج الظاهر، ثم أبدأ بالتعامل مع الألوان التي تساعد في التقليل من هذا الوهج، وهكذا حتى تجتمع الألوان مع الخطوط، وتنتج فكرة الإيجاز الشكلي المثير للبهجة».
يلجأ التشكيلي المصري إلى وجود أكثر من خامة لونية في اللوحة الواحدة، وأيضاً تقنيات مختلفة على سطح اللوحة وتوظيفها لخدمة فكرة اللوحة، ويقول: «أضع لنفسي مثيرات أخرى على سطح اللوحة تتمثل في إضافات بمواد مختلفة، مثل المناديل الورقية أو الكارتون أو قصاصات الورق، حتى تسبب إرباكاً للوحة، وهو ما يمثل حافزاً لي لأن أتعامل معها لونياً، وبالتالي أجتهد لإبراز البهجة البصرية».
تشكيلي مصري يعزف «ألحاناً لونية» تُطرب المشاهد بصرياً
علي فوزي يوظف أكثر من خامة في اللوحة الواحدة
تشكيلي مصري يعزف «ألحاناً لونية» تُطرب المشاهد بصرياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة