نيرودا: منذ رحيلك لم أعد وحيداً... صرت مع الذين يبحثون عنك

رسالة مجهولة لشاعر تشيلي يرثي فيها صديقه ميغيل هيرنانديز

ميغيل هرناديز  -  بابلو نيرودا
ميغيل هرناديز - بابلو نيرودا
TT

نيرودا: منذ رحيلك لم أعد وحيداً... صرت مع الذين يبحثون عنك

ميغيل هرناديز  -  بابلو نيرودا
ميغيل هرناديز - بابلو نيرودا

«من واجب إسبانيا، ومن واجب الحب علينا، أن نستحضر ذكرى ميغيل هرنانديز الذي انطفأ في الظلام، وأن نستحضرها في وضح النهار. قلّة هم الشعراء الذين فاض سخاؤهم وسطع نورهم مثل ابن أوريويلا، الذي سيأتي يوم تشمخ فيه قامته بين أزاهر البرتقال والليمون التي تعبق بها أرضه النائمة. نورُ ميغيل لم يأته من قمم الجنوب العالية على غرار شعراء الأندلس، بل من تراب الأرض الصخرية والشهد الذي ينثال من المناحل عند الفجر. من هذه الطينة الصُلبة كالتبر، والنابضة كالدم، عجن ميغيل خبز شعره الباقي إلى الأبد.
هذا هو الذي نفاه ذلك الزمن الإسباني إلى الظلّ! ومن واجبنا اليوم، ودائماً، أن نُخرجه من سجنه القاتل، ونُسدِل عليه أنوار شجاعته وشهادته، ونقتدي به مثالاً للنقاء. ضعوه في النور! استحضروا ذكراه، وارسموه بريشة الوضوح الكاشف عن مالك المجد الذي سقط في الليل حاملاً بيده حسام النور».
بهذه العبارات توجّه بابلو نيرودا في رسالة إلى أحد أصدقائه الإسبان، عندما بلغه نبأ وفاة الشاعر الشاب ميغيل هيرنانديز في سجن مدينة آليكانتي، بعد نهاية الحرب الأهلية الإسبانية التي قاتل فيها إلى جانب الجمهوريين الذين هزموا على يد قوات الجنرال فرنكو. هذه الرسالة التي لم تنشر في مذكرات نيرودا الشهيرة «أعترف أني عشت»، ولا في الملحقات التي نُشرت بعد صدور الطبعة الأولى، كشف عنها اليوم مجموعة من الباحثين في «جامعة آليكانتي»، بالتعاون مع «مؤسسة ميغيل هيرنانديز» و«مركز نيرودا للبحوث الأدبية في تشيلي»، تمهيداً لنشرها في مجلّد توثيقي عن العلاقة التي قامت بين الشاعرين منذ لقائهما الأول في مدريد عام 1934 حتى وفاة هيرناديز في عام 1942.
يقول نيرودا عن هيرنانديز في أحد النصوص غير المنشورة: «رأيت عناصر الشعر تتبجّس صافية من كلماته، لكن مصقولة في أشكال جديدة ينعكس عليها بريق متوحّش، وتنثال منها معجزة الابن الذي يتولّد من رحم الدم القديم. وإني أؤكّد، بعد كل السنين التي عشتها كشاعر، وكشاعر تائه، أن الحياة ما أتاحت لي الوقوف على مثل هذه الظاهرة الشعرية، وعلى ما يداني هذه الحكمة في الكلام».
ميغيل هيرنانديز حالة فريدة في مسار الشعر الإسباني، الذي كتب بعضاً من ألمع صفحاته وأعمقها تأثيراً، رفعته إلى مصاف عمالقة الآداب الإسبانية في القرن العشرين، ودفعت بابلو نيرودا يوماً إلى أن يقول فيه: «من بين الشعر كلّه، أنت وحدك كنت الشعلة الزرقاء».
شهد هيرنانديز النور في قرية أوريويلا من أعمال آليكانتي المطلّة على الساحل المشرقي الإسباني نهاية أكتوبر (تشرين الأول) عام 1910.
وكان والده يرعى قطيعاً من الماعز لإعالة أولاده السبعة وزوجته المصابة بمرض السلّ. التحق ميغيل بالمدرسة في سن الخامسة، لكن عند بلوغه الخامسة عشرة وحصوله على منحة لمتابعة دراسته الثانوية في المدينة، اضطر بأمر من والده إلى مغادرة المدرسة والانصراف إلى الاهتمام بقطيع الماعز، ومواظباً على المطالعة بشغف وكتابة أول أشعاره.
في تلك الفترة توطّدت علاقته بأحد الرهبان الذي كان يمدّه بكتب مختارة لكبار الروائيين والشعراء، فيما راح هو يتردّد بانتظام على المكتبة العامة، حيث شكّل مع بعض رفاقه الشباب مجموعة أدبيّة اتخذّت لها مقرّاً في طاحونة أحد أصدقائه. من أعضاء تلك المجموعة الأدبية كان الكاتب وطالب الحقوق خوسيه مارتين، الصديق الأقرب إلى ميغيل، الذي اتخذ له اسماً مستعاراً فيما بعد هو رامون سيخيه، سيصبح من أشهر الأسماء في الأعمال الشعرية الإسبانية بعد أن كتب فيه هيرنانديز مرثاته الشهيرة التي يعتبرها كثيرون إحدى أعلى القمم في برناس الشعر العالمي.
مع ازدياد شغفه بالمطالعة والكتابة، فكّر ميغيل بشراء آلة طابعة كي يتوقّف عن إزعاج صديقه الراهب الذي كان ينسخ له أشعاره، لسوء خطّه الذي كان عصيّاً على القراءة.
وفي 20 مارس (آذار) 1931 اشترى هيرنانديز آلة مستخدمة راح يحملها كل صباح مع زاده وعصاه إلى الجبل الذي كان يرعى الماعز عند سفوحه، وينظم أشعاره حتى المغيب.
في 25 مارس من ذلك العام، وهو ما زال في العشرين من عمره، نال ميغيل الجائزة الأدبية الأولى، والوحيدة في حياته، عن قصيدة طويلة بعنوان «نشيد فالنسيا». وعندما بلغه النبأ هرع إلى المدينة لاعتقاده أنه سيحصل على مكافأة مالية، لكنه أصيب بالخيبة عندما قيل له إن الجائزة هي كناية منضدة مكتبية من فضّة. وبعد أن صار معروفاً في الأوساط الأدبية، توجّه في نهاية عام 1931 إلى مدريد مصحوباً ببعض أشعاره وتوصيات إلى عدد من الكتّاب والناشرين النافذين لمساعدته على إيجاد فرصة عمل في المجال الأدبي.
أمضى ميغيل في مدريد ستة أشهر خلال زيارته الأولى، تعرّف خلالها على عدد من شعراء «جيل 27»، لكنه لم يوفّق في إيجاد فرصة عمل واضطر للعودة إلى قريته، حيث انصرف إلى كتابة ديوانه الأول «Perito en Lunas»، الذي لاقى نجاحاً واسعاً بين النقّاد والشعراء، ما شجّعه على العودة إلى مدريد، حيث راح يعمل محرراً وكاتباً في عدد من المجلات الأدبية، وأقام صداقات مع بعض الشعراء البارزين يومذاك مثل فيسنتي آلسكندري وبابلو نيرودا. وفي أواخر عام 1935 توفّي صديقه الأقرب رامون سيخيه فكتب له مرثيّته الشهيرة التي خصّص لها خوان رامون خيمينيز، على غير عادته، وأمام مفاجأة الجميع، مقالة قال فيها «إن قصيدة هيرنانديز في رثاء صديقه تساوي كل ما وقعت عليه من شعر إلى اليوم».
مع بداية الحرب الأهلية الإسبانية التحق ميغيل بالحزب الشيوعي، وتدرّج فيه ليصبح مسؤولاً سياسياً وعسكرياً شارك في عدد من المعارك ضد قوات الجنرال فرنكو المتمردة على النظام الجمهوري. تزوّج في عزّ الحرب الأهلية ورُزق ابنه الأول في نهاية عام 1937. لكنه توفّي بعد أشهر من ولادته، فكتب له قصيدة أخرى من روائعه بعنوان «وليد النور والظلّ». في مطلع العام 1939 وُلد ابنه الثاني قبل أسابيع من وقوعه في أسر قوات فرنكو ودخوله السجن، وعندما كتبت له زوجته تخبره بأنها تعيش مع ابنها على «الخبز والبصل»، وضع قصيدة أخرى من روائعه أصبحت أنشودة المهد المفضّلة عند الإسبان وما زالت إلى اليوم.
بعد نهاية الحرب الأهلية تنقل هيرنانديز بين عدة سجون، وحاول العديد من أصدقائه، من بينهم بابلو نيرودا، التوسّط لدى جهات نافذة للإفراج عنه، لكنه توفّي مريضاً بالسلّ في سجن آليكانتي فجر الثامن والعشرين من مارس 1942، ويقال إن عينيه بقيتا مفتوحتين، ولم يتمكّن السجّان من إغماضهما، فكتب صديقه فيسنتي آليكسندريه، الذي حاز لاحقاً على «جائزة نوبل»، قصيدة في تلك الواقعة. بعد وفاة ميغيل كتب صديقه بابلو نيرودا يقول: «منذ رحيلك لم أعد وحيداً. صرت مع الذين يبحثون عنك».



4 أطعمة تساعدك على ترطيب جسمك في الطقس الحار

تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)
تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)
TT

4 أطعمة تساعدك على ترطيب جسمك في الطقس الحار

تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)
تصل نسبة الماء في الخيار إلى 96 % (رويترز)

على الرغم من تأكيد خبراء الصحة مراراً وتكراراً أن مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة هو شرب كثير من الماء، فإن هناك بعض الأطعمة التي يمكن أن توفر ترطيباً كافياً للجسم أيضاً.

وفي هذا السياق، قالت متخصصة التغذية الأميركية كيم شابيرا، لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، إن عدم تناول الأطعمة الصحيحة يمكن أن يسبب اختلال توازن المياه في الجسم، خصوصاً في درجات الحرارة المرتفعة.

وأوضحت قائلة: «يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والأنشطة الخارجية إلى اختلال توازن المياه في الجسم. فنحن نفقد الماء من خلال العرق واللعاب والبول والبراز. وكلما تعرقنا أكثر، ازداد ما نفقده من الماء».

وفي حين أن شرب الماء مفيد، فإن الحصول على الإلكتروليتات والمعادن من الأطعمة المرطبة يمكن أن يساعد على استعادة ما فقده الجسم من خلال العرق، وفقاً لمتخصصة التغذية المسجلة إيلانا مولشتاين، التي تعمل في كاليفورنيا.

ويشير الخبراء إلى أن هناك 4 أطعمة تساعد على ترطيب الجسم في الطقس الحار، هي:

1- البطيخ

توصي مولشتاين بتناول البطيخ، مشيرة إلى أنه يحتوي على ماء بنسبة نحو 92 في المائة، بالإضافة إلى الإلكتروليتات والبوتاسيوم، مما يساعد على ترطيب الجسم بفاعلية.

ومن جهته، يقول خبير الصحة الدكتور جوزيف ميركولا، إن البطيخ من أفضل الأطعمة المرطبة للجسم.

وأكد أنه غني بالإلكتروليتات وفيتامينَي «أ»، و«ج»، والمغنيسيوم، والليكوبين، وقد يساعد أيضاً على تعافي العضلات بعد التمرين.

2- الخيار

أشار ميركولا إلى أن الخيار يحتوي على «أعلى نسبة من الماء بين أي طعام صلب»، حيث تصل نسبة الماء به إلى 96 في المائة.

وأضاف أنه مصدر جيد لفيتامين «ك»، والبوتاسيوم.

واتفقت مولشتاين مع ميركولا على أن الخيار رائع لترطيب الجسم؛ لأنه مثل البطيخ، «يتكون في الغالب من الماء».

مفتاح ترطيب الجسم خلال أشهر الصيف الحارة شرب كثير من الماء (رويترز)

3- الكربوهيدرات

وفقاً لشابيرا، يمكن أن تساعد الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات على الترطيب المناسب وعلاج الجفاف.

وقالت إن مجموعة متنوعة من الفواكه والخضراوات تندرج ضمن فئة الكربوهيدرات، بما في ذلك الخيار والفلفل الحلو والكرفس والكوسة والبرتقال والفراولة والبطيخ، التي تحتوي جميعها على نحو 85 في المائة إلى 95 في المائة من الماء.

وأضافت متخصصة التغذية أن النشويات، مثل المعكرونة أو الأرز، يمكن أن توفر أيضاً 60 في المائة إلى 70 في المائة من الماء لكل نصف كوب.

4- الخضراوات الورقية

الخضراوات الورقية مثل الخس والسبانخ والجرجير والكرنب كلها أطعمة مرطبة للجسم.

ووفقاً لمولشتاين، فإن هذه الخضراوات الورقية «مليئة بالماء بنسبة تزيد على 95 في المائة في الأغلب، بالإضافة إلى الألياف وفيتامين سي والحديد».

علامات الجفاف

قالت شابيرا إن بعض العلامات التحذيرية للجفاف المحتمل تشمل التعب والصداع والدوار وجفاف اللسان وفي الحالات القصوى الغثيان والقيء.

وشجّعت الخبيرة الناس على الانتباه لهذه الأعراض خلال أشهر الصيف الحارة.

وقالت: «إنها علامة على أنك بحاجة إلى مزيد من الماء، أو الأطعمة التي تحتوي على الماء».