انتخاب ضريف رئيسا لحزب الديمقراطيين الجدد في المغرب

وصف تجربة الإخوان المسلمين في حكومات الربيع العربي بالتسلطية الجديدة

محمد ضريف
محمد ضريف
TT

انتخاب ضريف رئيسا لحزب الديمقراطيين الجدد في المغرب

محمد ضريف
محمد ضريف

انتقد محمد ضريف، الذي انتخب رئيسا لحزب الديمقراطيين الجدد في المغرب، تجربة الإخوان المسلمين في السلطة في إطار الحكومات التي أفرزها الربيع العربي، ووصفها بالتسلطية الجديدة. وقال إن هذه الأحزاب التي فشلت في تدبير الشأن العام تستغل شرعية صناديق الاقتراع التي أوصلتها للحكم في تبرير استحواذها على السلطة ومصادرة حقوق المواطنين.
وأوضح ضريف، الذي كان يتحدث أمس في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي لحزب الديمقراطيين الجدد في بوزنيقة (جنوب الرباط)، أن المشروعية الديمقراطية يجب ألا تختزل فقط في مشروعية صناديق الاقتراع، مشيرا إلى أن المشروعية الديمقراطية لا تستكمل إلا بمشروعية الإنجاز والوفاء بالوعود الانتخابية، موضحا أن مشروعية صناديق الاقتراع تسقط عندما لا تتحقق مشروعية الإنجاز. وقال ضريف في هذا الخصوص: «إن رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران يدعي أنه يحكم لأن المغاربة صوتوا له، لكنه في الوقت نفسه فشل في إنجاز التزاماته، ويحاول إيجاد مبررات لعدم وفائه بالتزاماته».
وانتقد ضريف سياسة الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، خاصة الإصلاحات المتعلقة بتحرير الأسعار وإلغاء صندوق المقاصة الموجه لدعم أسعار المواد الأساسية (الوقود والغاز والدقيق والسكر)، ووصف توجه هذه السياسات بالليبرالية المتوحشة، متهما إياها بإفقار الطبقة الوسطى. كما نفى أي توجه أو تموقع آيديولوجي لحزبه الجديد، مشيرا إلى أن الحزب مفتوح أمام الجميع، من شيعة وسلفيين ومتصوفين وعلمانيين، شريطة أن يلتحقوا بالحزب كأفراد وكمواطنين وليس كتيارات وجماعات.
وعد ضريف حزبه انبثق عن حركة «20 فبراير» الاحتجاجية بالمغرب في سياق الربيع العربي. وقال إن هذه الحركة تميزت بسقف مطالبها الذي بقي ضمن حدود مقبولة، إذ إنها طالبت بالإصلاح من داخل النظام وفي إطار الاستمرارية. وأشار إلى أن «الجميع ساهم في هذه الحركة، التي شجعت المغاربة على الاحتجاج والخروج للشارع، بما في ذلك السلطات التي لم تقمع المحتجين، كما أن العاهل المغربي الملك محمد السادس استبق الأحداث بخطاب 9 مارس (آذار) 2011 بعد أن وجه بإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية».
وقال ضريف إن الإصلاحات التي عرفها المغرب نقلته إلى مرحلة سماها «مرحلة الملكية الثانية»، ووضعت أسس الانتقال نحو الملكية البرلمانية التي طالبت بها حركة 20 فبراير. وأوضح أن «الانتقال إلى الملكية البرلمانية يتطلب وجود أحزاب ديمقراطية قوية وجادة ومجتمع مدني قوي. وهذا بالضبط ما يهدف إليه الدستور الجديد للمغرب». كما انتقد ضريف الأحزاب المغربية التي قال إنها حادت عن دورها، وأنها أساءت إلى العمل الحزبي من خلال إعطاء الأولوية في اختيار المرشحين حسب ثرائهم وتوفرهم على الأموال والوسائل لشراء أصوات الناخبين، وليس بالاعتماد على الكفاءات.
وأشار رئيس حزب الديمقراطيين الجدد إلى أن حزبه يعتمد تصورا خاصا للعلمانية، ينطلق من التمييز بين «فصل الدين عن العمل السياسي»، و«فصل الدين عن الدولة». وقال في هذا الصدد «في المغرب، لا يمكن تصور فصل الدين عن الدولة، لكن لا يمكن القبول باستعمال الدين لتبرير خيارات سياسية تتعلق بتدبير الشؤون اليومية والمعيشية للمواطنين».
وحضر المؤتمر التأسيسي ممثلون عن أحزاب «الحركة الشعبية» و«العدالة والتنمية» و«التقدم والاشتراكية»، وهي الأحزاب الثلاثة المشاركة في التحالف الحكومي. ومن المعارضة، حضر ممثلون عن حزب «الاتحاد الدستوري» و«الحزب العمالي» و«الحزب الليبرالي». كما حضر ممثلون عن اتحاد عمالي وحيد هو «الاتحاد المغربي للشغل». وغاب الأمناء العموميون للأحزاب عن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر. ولم تحضر أي هيئات سياسية أجنبية، وحضر الجلسة الافتتاحية السفير التونسي في الرباط وممثلون عن سفارات موريتانيا والجزائر وفلسطين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.