الحكومة المغربية تتجه إلى تجريم الالتحاق بمعسكرات «داعش»

العقوبة قد تصل إلى السجن 15 عاما وغرامة مالية كبيرة

أحد الملتحقين بتنظيم داعش يمتطي طائرة مقاتلة في مطار الرقة بسوريا (أ.ب)
أحد الملتحقين بتنظيم داعش يمتطي طائرة مقاتلة في مطار الرقة بسوريا (أ.ب)
TT

الحكومة المغربية تتجه إلى تجريم الالتحاق بمعسكرات «داعش»

أحد الملتحقين بتنظيم داعش يمتطي طائرة مقاتلة في مطار الرقة بسوريا (أ.ب)
أحد الملتحقين بتنظيم داعش يمتطي طائرة مقاتلة في مطار الرقة بسوريا (أ.ب)

تقدمت الحكومة المغربية، أول من أمس، بمشروع قانون يقضي بتجريم الالتحاق أو محاولة الالتحاق بمعسكرات التدريب التابعة للجماعات الإرهابية، سواء كان الغرض من ذلك إلحاق أضرار بالمغرب ومصالحه، أم لا. كما جرم مشروع القانون الجديد تجنيد أشخاص بغرض تنفيذ أعمال إرهابية داخل أو خارج البلاد.
ويأتي مشروع القانون، القاضي بتغيير أحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، الذي أعدته وزارة العدل والحريات، والمقرر عرضه قريبا على المجلس الحكومي للمصادقة عليه، بسبب تزايد أعداد المغاربة الذين التحقوا بمعسكرات التدريب التابعة للجماعات الإرهابية للقتال بجانبها، لا سيما تنظيم «داعش» في العراق والشام، والذين قدرت السلطات الأمنية عددهم بنحو 1200 شخص.
ويبدو أن القانون الجديد يستهدف أيضا المقاتلين المغاربة الذين عادوا من سوريا والعراق، وجرى اعتقالهم بمجرد عودتهم إلى مسقط رأسهم، وكان عدد من هؤلاء قد أصدروا قبل أيام بيانا من داخل السجن يؤكدون من خلاله أن التحاقهم بالفصائل الجهادية لم يكن بغرض الإضرار بالمغرب، ونفوا وجود أي نية لتنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد، بيد أن السلطات الأمنية تؤكد، في المقابل، أن التحريات التي تنجزها، والتي أدت إلى تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية المتخصصة في تجنيد مقاتلين مغاربة للقتال إلى جانب «داعش»، كانت تخطط بالفعل إلى استهداف مواقع حساسة داخل المغرب، ومنها الخلية الإرهابية التي أعلن عن تفكيكها، أول من أمس.
وأشارت وزارة العدل في مذكرة تقديم القانون، الذي كشفت عنه أمس الأمانة العامة للحكومة، إلى أن الأعمال والممارسات الإرهابية تتخذ أشكالا متعددة وخطيرة، تتطور بكيفية ملحوظة كلما تطورت أساليب مواجهتها ومكافحتها، لا سيما أمام النهج الدولي المعتمد من أجل التصدي للإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره. وأوضحت أن «معسكرات التدريب الإرهابية تعد من بين أخطر الممارسات وأهم الوسائل المؤدية إلى انتشار الإرهاب، الذي أجمع المنتظم الدولي على شجبها ودعوة الدول إلى اتخاذ تدابير آنية لمكافحتها، وذلك بسبب دورها في ترويج الفكر الإرهابي، ونشر الآيديولوجيات المتطرفة الداعية إلى العنف والكراهية، واستقطاب الأشخاص، وتلقينهم تدريبات وتكوينات شبه عسكرية تجعلهم بمثابة قنابل موقوتة عند عودتهم إلى بلدانهم، بفعل ما تلقوه من أساليب ممنهجة، وما تشبعوا به من أفكار إرهابية».
وبمقتضى مشروع هذا القانون، جرت أيضا إضافة فصل جديد إلى مجموعة القانون الجنائي، بهدف إدراج مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب داخل بؤر التوتر الإرهابية، بوصفها جنايات يعاقب عليها بالسجن من 5 إلى 15 سنة، مع تخصيص الشخص المعنوي بعقوبات تتلاءم مع طبيعته القانونية، ويتعلق الأمر «بالالتحاق أو محاولة الالتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم، أو غير منظم، بكيانات أو تنظيمات، أو جماعات إرهابية، أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها، حتى لو كانت الأفعال المنبثقة عنهم لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية ومصالحها، وكذا تلقي تدريبات أو تكوينات كيفما كان شكلها أو نوعها أو مدتها داخل وخارج المغرب، أو محاولة ذلك بقصد ارتكاب أفعال إرهابية داخل المغرب أو خارجه، سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع. وأيضا تجنيد أو تدريب، أو دفع شخص أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية داخل أو خارج المغرب، أو محاولة ذلك».
كما جرى بموجب مشروع هذا القانون تجريم القيام بأي فعل من أفعال الدعاية، أو الإشادة أو الترويج لفائدة الجماعات الإرهابية، وتخصيصها بالعقوبات المقررة لفعل الإشادة بالجريمة الإرهابية.
ومراعاة لمبدأ تناسب العقوبة مع الفعل الإجرامي المرتكب، أعاد مشروع القانون النظر في العقوبة المقررة لفعل التحريض على ارتكاب الجريمة الإرهابية المنصوص عليها في الفصل 218.5 من القانون الجنائي، من خلال تخفيضها إلى السجن المؤقت من 5 إلى 15 سنة، وغرامة مالية تتراوح ما بين 50 ألف درهم (6 آلاف دولار)، و500 ألف درهم (59 ألف دولار)، بدلا من العقوبة المقرر للجريمة الإرهابية الأصلية، التي قد تصل إلى عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو 30 سنة، زيادة على تمكين القضاء من استعمال سلطته التقديرية في تفريد العقاب، حسب الحالات، وما قد ينتج عن التحريض من مفعول.
وعلى مستوى مراجعة قانون المسطرة الجنائية، أجاز مشروع القانون متابعة ومحاكمة كل شخص مغربي، سواء كان يوجد داخل المغرب أو خارجه، أو أي شخص أجنبي يوجد في المغرب بسبب ارتكابه جريمة إرهابية خارج المغرب، بغض النظر عن أي مقتضى قانوني آخر.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.