مدير مكتب «القرضاوي» بين مبعدي الإخوان السبعة من «الدوحة»

عصام تليمة لـ {الشرق الأوسط}: أتهيأ للسفر إلى النرويج لدراسة الدكتوراه

الشيخ عصام تليمة مدير مكتب القرضاوي السابق
الشيخ عصام تليمة مدير مكتب القرضاوي السابق
TT

مدير مكتب «القرضاوي» بين مبعدي الإخوان السبعة من «الدوحة»

الشيخ عصام تليمة مدير مكتب القرضاوي السابق
الشيخ عصام تليمة مدير مكتب القرضاوي السابق

اتخذت قطر قرارا بترحيل سبعة من قيادات حزب «الحرية والعدالة»، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، في خطوة مفاجئة تستجيب مع المطالب الخليجية الرامية إلى توقف الدوحة عن احتواء جماعة الإخوان، التي تدشن منها حملات مناهضة لحكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ظل تصنيف بعض دول مجلس التعاون للجماعة بأنها «منظمة إرهابية».
وقال عصام تليمة، أحد من صدر قرار بترحيلهم من قطر، والمقرب من الشيخ يوسف القرضاوي، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنه بصدد مغادرة الدوحة والسفر إلى النرويج لإكمال دراسة الدكتوراه في جامعة أوسلو، دون أن يكشف عن الأسباب التي أدت إلى انتقاله من قطر، والدواعي التي كشفتها له السلطات القطرية لدى إبلاغه بالقرار.
وعمل تليمة مديرا لمكتب الشيخ يوسف القرضاوي وسكرتيرا خاصا له لمدة ست سنوات، وأبدى خلال الفترة الماضية إعجابا بشخصية القرضاوي، مما دعاه لتأليف كتاب «القرضاوي فقيه الدعاة وداعية الفقهاء»، وألف إصدارا آخر يبحث في الأسباب التي دعت عددا من أقطاب الإخوان للخروج عن الجماعة، عنونه بـ«الخارجون عن الإخوان.. كيف ومتى ولماذا؟».
وكان عضوا في جبهة علماء الأزهر الشريف، وعضوا مؤسسا في اتحاد علماء المسلمين العالمي، إضافة إلى عضويته في الجمعية الشرعية في مصر، ويحمل شهادة الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن من جامعة وادي النيل. ويعد الدكتور عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري في حكومة هشام قنديل، من أبرز المبعدين من قطر، وتولى دراج مسؤولية العلاقات الخارجية لحزب «الحرية والعدالة»، ونشط كعضو في اللجنة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة من 2002 إلى 2006.
وإضافة إلى «دراج» فإن من بين قائمة مغادري «الدوحة» من مسؤولي حكومة الإخوان السابقة، الدكتور جمال عبد الستار، وكيل وزارة الأوقاف، الذي انتقد في وقت سابق نظراءه في الجماعة وإدارتهم للدولة أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسي، وأوضح أن أبرز الأخطاء التي وقعت فيها جماعة الإخوان، تتمثل في إدارة الدولة بمنهج إدارة الجماعة، وقال إن «الدولة تحتاج إلى منهجية الثواب والعقاب على خلاف الجماعة في منهجية الاستيعاب، كما تحتاج إلى منطلقات ثورية فاصلة مؤلمة في بعض الحالات، لا يتناسب معها طريقة العمل الدعوي داخل الجماعة».
وأضاف عبد الستار: «وكما أن الدولة تحتاج إلى مناورات وتدابير لا تتناسب مع منهجية العمل الدعوي، فإنها تحتاج أيضا إلى مصارحة ومكاشفة مع الشعب ليتحمل المسؤولية»، وطالت انتقاداته أيضا علماء الأزهر الشريف، الذين رأى أنهم لا يملكون علما حقيقيا لتولي المهام الرفيعة التي يتقلدونها.
وعلاوة على تلك الأسماء، أبعدت قطر من أراضيها الدكتور محمود حسين، عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان، وأمينها العام خلفا لمحمود عزت، والداعية وجدي غنيم، الذي قال في بيان له، إنه قرر نقل دعوته إلى خارج قطر، «حتى لا يسبب أي ضيق أو مشكلات أو حرج لإخوانه في قطر».
كما كشف الدكتور حمزة زوبع الناطق باسم حزب «الحرية والعدالة» عن مغادرته أيضا، واعتبر أن قطر أكرمت وفادتهم ولا يمكن إنكار معروفها.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.