غرينبلات: خطة السلام لا تستخدم عبارة «حل الدولتين» أو مصطلح مستوطنات «المتحيز»

توقيت الإعلان عنها يحدده ترمب وسنتعامل مع أمور مسكوت عنها مثل غزة و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»... ولن نقدم أي ضمانات للفلسطينيين

غرينبلات خلال حواره مع (الشرق الأوسط)
غرينبلات خلال حواره مع (الشرق الأوسط)
TT

غرينبلات: خطة السلام لا تستخدم عبارة «حل الدولتين» أو مصطلح مستوطنات «المتحيز»

غرينبلات خلال حواره مع (الشرق الأوسط)
غرينبلات خلال حواره مع (الشرق الأوسط)

قدم جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط ملامح حول الشق السياسي لخطة السلام الأميركية التي طال انتظارها، قائلا إنها ستكون «واقعية» ويمكن لها أن تنهي النزاع العربي - الإسرائيلي وتحقق حياة أفضل ومستقبلاً أفضل لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال غرينبلات إن الخطة التي سيحدد موعد طرحها الرئيس دونالد ترمب ستأتي في 60 صفحة ولا تتعامل مع مصطلح حل الدولتين وتركز على قضايا مسكوت عنها مثل الحل لوضع غزة والتعامل مع فصائل مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي» الفلسطيني، وترفض الحلول السابقة الأميركية لقضايا مثل المستوطنات واللاجئين والقدس.
وطلب غرينبلات من الجميع انتظار الخطة التي يرفضها الفلسطينيون سلفاً قائلا إنها تقوم على مفاوضات بين الطرفين اللذين سيقرران في نهاية الأمر كل شيء. وبخلاف توقعات كثيرين، أجاب غرينبلات ببساطة بأنه إذا رفض أحد الأطراف الخطة فإن موقف واشنطن سيكون لا شيء لأنها لا تستطيع إجبار أحد على قبول أي شيء لا يريد قبوله.
وفيما يأتي مقتطفات من الحوار مع غرينبلات:

> قاطعت السلطة الفلسطينية ورشة العمل في البحرين وأعربت عن رفضها للخطة الاقتصادية وصفقة القرن وقالت إنها ولدت ميتة، ما الذي تعزمون على تقديمه للفلسطينيين في الشق السياسي حتى يغيروا من موقفهم؟
- نحن لا نقدم أي ضمانات بخلاف الجهود المخلصة لحل الموانع ولا نستطيع دفع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات، وما ينبغي أن يجعلهم يعودون إلى الطاولة هو عندما يرون الخطة السياسية التي سيتم ربطها بالخطة الاقتصادية. نعتقد أن الشعب الفلسطيني سيدرك المستقبل الهائل الذي يمكن أن تقدمه هذه الخطة. الأمر ليس سراً، فالقضايا بين الفلسطينيين والإسرائيليين صعبة ومليئة بالتحديات. وما نقدمه في 60 صفحة هو خطة سياسية تمكن الطرفين من فهم كيف يمكن الخروج من هذا الصراع وكيف يمكن الحصول على حياة أفضل ومستقبل أفضل، لكن سيكون على القيادة الفلسطينية تحمّل المسؤولية ومواجهة المشاكل.
> هل هناك جهود يقوم بها القادة العرب حالياً لإقناع الفلسطينيين بالمرونة وقبول الخطة؟
- (هذا) من السابق لأوانه فيما يتعلق بالشق السياسي، لأن المنطقة لا تعرف ما هو مدرج في الخطة السياسية. سيكون من الظلم أن نطلب منهم إقناع الفلسطينيين بشيء ما. الخطة الاقتصادية قدمت مثالاً للفلسطينيين على ما يمكن أن يكون الحال إذا وصلنا إلى نهاية للصراع السياسي. إذا نجحنا في الخطة السياسية فسيتم تنفيذ الخطة الاقتصادية ولا توجد خطة سياسية من دون خطة اقتصادية. نحن سنستمر في العمل ومحاولة التوصل إلى اتفاق سلام وسنستمر في المحاولة لتحسين حياة الفلسطينيين بغض النظر عما يقولون. ولكن إذا أرادوا الاستمرار في العناد والتظاهر أننا لا نريد المساعدة فهذا شأنهم، وهو عار على الشعب الفلسطيني.
> صرح جاريد كوشنر (مستشار الرئيس ترمب وصهره) في مؤتمر تليفوني الأسبوع الماضي بأنه سيعلن عن الخطوات في سياق الخطة السياسية. ماذا لدى فريق العمل على خطة السلام لتقديمه وإعلانه في الوقت الحاضر؟
- أعتقد أن كوشنر كان يعني خطوات في الخطة الاقتصادية وليست السياسية.
> تغريداتك عبر «تويتر» تلقي باللوم على السلطة الفلسطينية بكلمات لاذعة... لماذا كل هذا الغضب؟
- نعم، أعتقد أنه أمر مأساوي. فهم يدفعون نصف الرواتب للموظفين المدنيين الذين يعملون بجد ويحصلون على القليل من المال ولا يدفعون تكاليف الرعاية الصحية ويلقون باللوم على الولايات المتحدة، وأقول لهم: استخدموا الأموال لمساعدة الشعب وليس لمكافأة الإرهابيين. وإذا توصلنا إلى اتفاق سلام، فستنتهي تلك الألعاب ولا يمكن أن يكون لديك مجتمع ناجح إذا كان هذا ما يقوم به مجتمعك، ولا أعتقد أن هذا ما يريده الشعب الفلسطيني.
> هناك أنباء تسربت عن زيارة لماجد فرح رئيس المخابرات الفلسطينية لواشنطن لمقابلة الفريق الأميركي الذي يعمل على خطة السلام. هل هذا صحيح، وهل لديكم نوع من التواصل خلف الكواليس مع الفلسطينيين؟
- لا... لدي كثير من الاحترام لماجد وقد عملنا سوياً عام 2017، لكن لا يوجد اتصالات رسمية منذ نهاية عام 2017. وأتمنى أن يكون هناك تواصل، لكن لا توجد أي اتصالات على الإطلاق.
> توقيت إعلان الخطة السياسية، هل هو مرتبط بالانتخابات الإسرائيلية المقرر عقدها في17 سبتمبر (أيلول) المقبل؟ هل هناك توقيت؟
- لم يتخذ الرئيس ترمب قراراً بعد حول توقيت إعلان الخطة.
> ثمة منافسون في إسرائيل لبنيامين نتنياهو يدعمون حل الدولتين. وثمة افتراض أنكم قد تدعمون مثل هذا الحل من خلال توقيت مناسب لإعلان الخطة، قبل الانتخابات أو بعدها؟
- نحن لا نستخدم هذه العبارة، واستخدام هذه العبارة (حل الدولتين) يؤدي إلى لا شيء. لا يمكن حل صراع معقد مثل هذا الصراع بشعار مكوّن من كلمتين. نحن نطلب فقط من الناس الانتظار، وعندما يحصلون على الخطة السياسية فسيفهمون كيف نرى أن كلا الطرفين يمكن أن يخرج من هذا الصراع بطريقة ممتازة، لكن الأمر يتطلب كثيرا من العمل الشاق.
> وصف جاريد كوشنر الخطة السياسية بأنها ستكون براغماتية وعادلة وقابلة للتطبيق، كيف يمكن ترجمة هذه الكلمات الثلاث القوية مع مسائل مثل حل الدولتين واللاجئين والقدس وغزة؟
- أعتقد أنه سيتعين الانتظار. وهذه الكلمات تصف الخطة بالفعل وأضيف عليها كلمة «واقعية». وجميع هذه القضايا التي كانت محور الحديث والمفاوضات في الماضي لم تؤد قط إلى السلام. نعتقد أننا أخذنا جميع محاور النقاش هذه وقمنا بتطويرها بعمق وفكر. لقد وضعنا خطة طويلة يمكن أن يفهم من خلالها الناس كيف سيكون الحل بالنسبة لموضوع اللاجئين وجميع القضايا السياسية وبعض الأمور التي لا يتم الحديث عنها بشكل كاف، وضع غزة وكيف نتعامل مع المعاناة الرهيبة لسكان غزة، وكيف نتعامل مع جماعات مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي الفلسطيني»، وهي أمور تعد من أكبر العقبات التي تحول دون تحسين حياة الفلسطينيين والقليل يتحدث عنها. بالنسبة لي هذه قضية جوهرية مثلها مثل أي من القضايا الأساسية الأخرى.
> هل يمكن أن تعطي تلميحات حول الخطة والقضايا الخلافية المتعلقة بالحدود وتبادل الأراضي والمستوطنات ووضع القدس واللاجئين وغيرها؟
- للأسف لا أستطيع. هذه عملية حساسة ولا يوجد سبب لإعلان شيء يسمح للأشخاص الذين يعارضون الخطة بالبدء في إفسادها. نحن نريد وضع الحل بالكامل والسماح للأشخاص بقراءته والتفكير فيه. عندما يأخذون الخطة بكل تفاصليها نعتقد أن النقد سيكون أكثر عقلانية ونزاهة وملاءمة.
> بعد عقود من البناء الاستيطاني هناك نحو 400 ألف إسرائيلي يعيشون في المستوطنات في الضفة الغربية. لا تريد استخدام كلمة حل الدولتين، ولكن ما مصير هذه المستوطنات المقامة على أراض يفترض أن تشكل جزءاً من الدولة الفلسطينية المنشودة؟
- أود أن أقول إنني أفضل لفظ الأحياء أو المدن لأنها كذلك ولأن كلمة مستوطنات هي مصطلح تحقير يتم استخدامه بشكل متحيّز لوضع إصبع على جانب واحد من الصراع. وفيما يتعلق بكيفية حل هذا الأمر فسوف يتم توضيحه في الخطة السياسية.
> ماذا بشأن الحدود والأمن وحق عودة اللاجئين. هل ستقدم الخطة السياسية رؤية أو حلولا لم تطرح من قبل؟
- الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على أمور عدة. بالنسبة لقضية اللاجئين أولاً لا بد من تعريف من هم اللاجئون وما عددهم وما الحل العادل والواقعي وما عدد اللاجئين اليوم مقارنة بوقت ظهور مشكلة اللاجئين. يجب أن يكون هناك شيء واقعي ولا يمكن الوفاء بالوعود التي قدمت لهم من قبل، وما نقدمه هو شيء جديد ومثير بالنسبة لهم. الأمر يعتمد على ما إذا كان الجانبان على استعداد للتفاوض والوصول إلى خط النهاية.
> هل تعتقد أن كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستعد للتفاوض، وهل يوجد مستوى من الثقة المتبادلة يمكن البناء عليها؟
- أعتقد أنه يتعين علينا بناء الثقة بين الجانبين. تعليقات رئيس الوزراء نتنياهو مفيدة، قال إنه سيكون منفتحاً للحوار، وهذا كل ما نطلبه. في المقابل، تعليقات السلطة الفلسطينية على خلاف ذلك. آمل بأن يدرك الرئيس محمود عباس أن هذه فرصة عظيمة. هم يحبون أن يقولوا إننا فشلنا، ولكن الولايات المتحدة لم تفشل. نحاول مساعدتهم ولسوء الحظ الشعب الفلسطيني هو الذي سيفشل إذا فشلت هذه الخطة.
> هل أنتم على استعداد لمنح الفلسطينيين حوافز أو ضمانات تجعلهم أكثر مرونة وقبولاً لمناقشة الخطة السياسة التي تطرحونها؟
- لا، لقد تم تجريب سياسة الحوافز من قبل، وما يجب أن يجعلهم يقبلون الخطة هي الخطة نفسها. نحن لسنا في مجال دفع شيء لشخص ليأتي إلى مائدة المفاوضات ثم لا نحصل على اتفاق، ولا أقصد هنا الحوافز المالية ولكن أي حوافز أو سياسات الجزرة.
> حتى وإن كان الأمر يتعلق فقط بدعوة رسمية للرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة البيت الأبيض؟
- في الوقت المناسب وعندما نكون مستعدين لكشف النقاب عن الخطة السياسية سنقرر ما الطريق التي سنسلكها. بالتأكيد الرئيس محمود عباس هو زعيم هؤلاء الفلسطينيين في الضفة الغربية أو ما نطلق عليها يهودا والسامرة، ونريد الخوض في نقاش معهم. أفضل شيء أن يكون الرئيس عباس جالساً هنا ويشمّر عن ساعديه ويتفاوض مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.
> وإذا طلب الرئيس الفلسطيني نوعاً من الرؤية الواضحة حول حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والكثير من التفاصيل الأخرى؟
- هذا السؤال يبدو مثل الضمانات والحوافز والجزرة، وقد أوضحت أننا لن نقدم أي حوافز.
> هل هذا يعني أنكم ستطرحون الخطة السياسية بمنطق «خذها أو اتركها»؟
- لا، إن الخطة هي أساس رائع للمفاوضات. ولا أعتقد أنه من الواقعي أن نقول خذها أو اتركها، وأعتقد أن كلا الطرفين سيصر على التعليق عليها والتفاوض عليها وتنقيحها.
> في كلمتك أمام المؤتمر السنوي لمنظمة «مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل» ألقيت باللوم على إيران وقلت إن من المحتمل جداً أن تكون إيران سبباً مهماً في عرقلة عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية. كيف ترى إيران عنصراً معرقلاً لخطة السلام؟
- أعتقد أن أسوأ كابوس في إيران هو التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. إيران تريد فقط إشعال المشاكل في المنطقة ولديها مصلحة في السيطرة على جزء كبير من الإقليم. إنهم يستخدمون الفلسطينيين كمخلب قط وبصفة خاصة حماس، فهي منظمة إرهابية تمولها إيران، وكذلك «حزب الله»، ومهمتهما إثارة المتاعب.
> في النهاية ماذا ستفعل إذا رفض الجانب الفلسطيني أو كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الخطة السياسية التي ستطرحونها؟
- هذا سؤال رائع، والجواب هو لا شيء. إما أن يرغب الجانبان في إبرام صفقة والعمل بجد لإبرامها وإلا فإن الوضع سيستمر كما هو. إذا فشلنا مثل كل من جاء قبلنا إذن سنفشل وسيستمر الفلسطينيون في العيش في معاناة وهذا أمر مأسوي. يمكننا منع ذلك عندما تأتي القيادة الفلسطينية إلى رشدها وتعود إلى غرفة المفاوضات.
> إذن تقول إن تكلفة الفشل سيتحملها الفلسطينيون؟
- حسناً، إسرائيل بلد ناجح، وإذا افترضنا مجيء الفلسطينيين والعمل بجد للتوصل إلى اتفاق فإن الإسرائيليين يواجهون مشكلة أمنية لا يزال يتعين عليهم العيش معها. والسؤال المطروح للجانبين هو هل التسويات اللازمة لتجاوز الصراع تستحق العناء أم لا؟ لا تستطيع الولايات المتحدة الإجابة عن ذلك. الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي هما وحدهما اللذان يستطيعان الإجابة عن ذلك.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.