دوري شمعون: على باسيل أن يتوقف عن نبش دفاتر الماضي

قال لـ«الشرق الأوسط» إن جولات وزير الخارجية «تثير الفتن»

دوري شمعون
دوري شمعون
TT

دوري شمعون: على باسيل أن يتوقف عن نبش دفاتر الماضي

دوري شمعون
دوري شمعون

شدد رئيس حزب «الوطنيين الأحرار»، النائب السابق دوري شمعون، على أهمية استقرار الجبل، وتحصين المصالحة، بعيداً عن الخلافات السياسية «لأنّ الناس لم تعد تحتمل أحداثاً وحروباً، وهي تمر اليوم في ظروف اقتصادية صعبة، إضافة إلى الانقسام السياسي الداخلي، وغياب الدولة الواضح، في ظل فائض القوة لدى (حزب الله) الذي يسيطر على المؤسسات الرسمية بكل قطاعاتها، ويدعم أحزاباً وقوى سياسية محسوبة على النظام السوري وإيران».
وقال شمعون في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه «يحق لأي شخص، ومن يتعاطى الشأن السياسي، أن يكون لديه طموح، أكان على مستوى رئاسة الجمهورية أو أي موقع ومنصب رسمي، فهذا حق مكتسب ودستوري»، ولكن أن يجول البعض، أي الوزير جبران باسيل، متنقلاً من منطقة إلى أخرى، ومذكراً بالحروب والمآسي «فذلك أمر غير مقبول، ويترك ارتدادات سلبية، ويحرك الغرائز، ويثير الفتن»، مضيفاً: «هذا ما سبق وحذرت منه يوم جاءني وزير المهجرين غسان عطاالله لدعوتي للمشاركة فيما سمي (قداس التوبة والغفران) في بلدتي دير القمر، حيث قلت له يومها: هناك مصالحة جامعة حصلت في المختارة، وشاركنا فيها إلى جانب البطريرك الراحل نصر الله صفير، وكل القيادات المسيحية كان لها دور في هذه المصالحة، فلماذا هذا القداس؟ وسألته إذا كان الهدف أن يكسب جبران باسيل شعبياً وسياسياً عند المسيحيين».
وأضاف شمعون: «في تلك الزيارة، فتح باسيل ملفات الحرب، بحضور وليد جنبلاط، واستغربت يومها كيف شاركوا في هذا القداس، وأيضاً كان لي تحذير ولوم على وزير المهجرين المحسوب على التيار الوطني الحر، عندما أخاف المسيحيين يوم قال إن المسيحي يخاف النوم في الجبل».
ورأى شمعون أنه «على هذا الأساس، ما حصل في الجبل أمر مؤسف، وجاء نتيجة الاحتقان السياسي، فالمناطق اللبنانية يزورها من يشاء، إن في الجبل أو سواه، ولكنّ ما حصل كان نتيجة خلافات سياسية عميقة، وتصعيد ممتد منذ فترة طويلة، وما كان على باسيل أن ينبش دفاتر الماضي، وإن كان طموحه أمراً مشروعاً في السياسة والرئاسة».
ولدى سؤاله عن رأيه في قول البعض إن باسيل يسعى ليكون كميل شمعون آخر، ويلعب دوره على الصعيد المسيحي، ابتسم دوري شمعون قائلاً: «كما سبق وأشرت، كل شخص ماروني لديه طموح سياسي بأن يصبح رئيساً للجمهورية، إنّما أن يكون كميل شمعون، فالناس هي من يحكم، لكن على باسيل أن يعلم أنّ الرئيس كميل شمعون لم يسبق له أن أثار الأحقاد ودعا إلى فتن، أو أنّه نبش دفاتر الماضي، كان يختلف سياسياً مع كثيرين في مراحل متفاوتة، إنما كان يشدد على التعايش الدرزي - المسيحي التاريخي، وعلى ضرورة تحييد الجبل عن الصراعات الداخلية والإقليمية، وكانت له إنجازات في السياسة والاقتصاد، وفي كل الحقول».
ويحمّل شمعون الطاقم السياسي مسؤولية ما يحصل، متمنياً أن تنتهي هذه الأزمة التي حصلت في الجبل، مشيراً إلى «أيدٍ خفية ومعروفة تعمل على تأجيج الصراع»، من دون أن يغفل أين يصب النائب طلال أرسلان في السياسة، أي أن «(حزب الله) له صلات من خلال علاقاته الوثيقة مع أرسلان، وبعض الدروز الموالين لـ(حزب الله) وسوريا وطهران، وبالتالي فإن الوزير باسيل يتوافق معهم في السياسة».
وقال شمعون: «ما يهمني في هذه المرحلة أن تنتهي الأمور على خير، في ظل ظروف الناس الصعبة، وليس بمقدور أي طرف أن يتحمل أعباء أي أحداث وتطورات وخلافات، في ظل سوء الإدارة من الدولة والحكومة في معالجة الملفات السياسية والاقتصادية، حتى بات الجميع يقول لهم (حلوا عنا)، إذ إن صحة لبنان غير مستقرة، لا في السياسة ولا في الاقتصاد، فهي ضعيفة جداً، وبحاجة إلى علاج جذري».



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.