طلبت المحكمة العليا لمدينة إسلام آباد من وزارة العدل إقالة القاضي أرشد ملك قاضي محكمة جرائم الفساد، بعد ظهوره في شريط مسجَّل سرّاً، واعترافه بأن ضغوطاً ضخمة مورِسَت عليه من أجل إدانة نواز شريف في قضية العزيزية للحديد والصلب، رغم عدم وجود أدلة تلاعب مالي أو فساد تمسّ نواز شريف مباشرة. وكانت مريم نواز شريف نشرت، الأسبوع الماضي، أول مقطع من شريط مسجل للقاء بين أرشد ملك، قاضي محكمة الفساد المالي، وناصر بت، أحد المقربين من عائلة نواز شريف، يعترف فيه القاضي بوجود ضغوط كبيرة عليه من أجل إدانة نواز شريف في التهم التي وُجّهت إليه. وقد أحدث نشر الشريط أزمة كبيرة في المؤسسة القضائية وقضاة المحاكم العليا.
وبينما نفى القاضي أرشد ملك صحة ادعاءات مريم نواز شريف، فإنه اعترف بأن المقاطع التي بثتها وسائل الإعلام تم التلاعب بها وتجميعها من عدد كبير من اللقاءات له مع شخصيات باكستانية.
والتقى آصف سعيد خوسا رئيس المحكمة الفيدرالية العليا في باكستان رئيس المحكمة العليا الخاصة بالعاصمة إسلام آباد، لبحث تداعيات شريط القاضي أرشد ملك، فيما قدمت المحكمة العليا في إسلام آباد طلباً رسمياً لوزارة العدل في حكومة عمران خان بفصل القاضي أرشد ملك من عمله، بينما تقدم أحد المحامين لدى المحكمة الفيدرالية العليا بالتماس يطلب فيه من المحكمة التحقيق فيما يُنسب إلى القاضي أرشد ملك، كونه يمس استقلالية القضاء وهيبة المؤسسة القضائية، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد من نشروا الشريط إن كان غير صحيح، أو اتخاذ عقوبة ضد القاضي أرشد ملك في حال ثبت عليه الانصياع إلى ضغوط لإدانة نواز شريف والحكم عليه دون دليل قضائي.
من جانبها، قامت حكومة عمران خان بمنع بث مقابلة تلفزيونية لمريم نواز شريف مع قناة تلفزيونية باكستانية، وذلك بعد أيام قليلة من منع الحكومة بث مقابلة مع الرئيس السابق آصف زرداري. وقالت الحكومة إنه بصدد اتخاذ قرار بمنع أي تغطية صحافية لأي من المتهمين أو المدانين بقضايا في باكستان، وفقاً لصحيفة «دون». وهو ما يحرم المعارضة الباكستانية من أي تغطية إعلامية لاحقاً.
وتسبب هذا المنع في حرج كبير لوزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي في لندن، حيث كان يحضر مؤتمراً عن حرية الصحافة والإعلام، فقد قام الصحافيون الدوليون الذين كانوا في المؤتمر بمقاطعة كلمة وزير خارجية حكومة عمران خان والانسحاب من المؤتمر أثناءها.
وانتقدت منظمة «مراسلون بلا حدود» السلطات الباكستانية لوقفها بث ثلاث قنوات تلفزيونية، محذرة من أنّ هذه الخطوة «تشير إلى نزعة ديكتاتورية مقلقة» مع تزايد الضغوط على الصحافيين في الدولة الواقعة جنوب آسيا. وأتى انتقاد «مراسلون بلا حدود» بعد أيام على وقف بث المحطات التلفزيونية «آبتاك» و«نيوز 24» و«كابيتال تي في» لنقلها وقائع مؤتمر صحافي لزعيمة المعارضة مريم نواز شريف. وادّعت السلطات الباكستانية أن القنوات لم تكن متوفرة بسبب «مشكلات فنية»، لكنّ «مراسلون بلا حدود» وصفت قطع البث بأنّه نوع من أنواع «الرقابة الوقحة». وقالت المنظمة في بيان صدر ليل الثلاثاء: «تشعر (مراسلون بلا حدود) بالصدمة لتعليق بث ثلاث قنوات إخبارية تلفزيونية باكستانية على شبكات الكابل بناء على طلب من السلطات التي كانت ترد على بث مؤتمر صحافي لزعيمة معارضة». ومضت المنظمة إلى تحميل هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني الباكستانية مسؤولية وقف بث القنوات. وقالت إنّ «هيئة تنظيم البث الإعلامي النافذة» تنفذ أوامر «المؤسسة العسكرية» في البلاد، حسبما جاء في تقرير «الصحافة الفرنسية».
وأكد مسؤول رفيع المستوى على دراية بالقضية هذه الخطوة ضد القنوات، معتبراً أن المذيعين انتهكوا «قواعد السلوك» الباكستانية، وقد تم تحذيرهم من بثّ المؤتمر الصحافي لنواز. والأسبوع الماضي اضطرت قناة «جيو نيوز» التلفزيونية الخاصة لقطع بث مقابلة مع الرئيس السابق آصف علي زرداري بشكل فجائي بعد وقت قصير على بدئها.
وكانت هناك اتهامات في السنوات الأخيرة للجيش صاحب النفوذ في البلاد بالضغط على وسائل الإعلام لوقف أي تغطيات تنتقد سياساته، وهي مزاعم ينفيها الجيش. وتعتبر باكستان من بين أكثر دول العالم خطورة بالنسبة إلى العاملين في مجال الإعلام الذين قد يتعرضون للاعتقال بسبب تغطياتهم.
من جانبها، أطلعت مريم نواز شريف والدها نواز شريف في سجنه في لاهور على تفاصيل ما بثته من شريط اعتراف القاضي أرشد ملك، فيما قالت صحيفة باكستانية إن مريم لديها أكثر من شريط للقاضي في أكثر من لقاء يتحدث عن الضغوط التي مورست عليه من قبل جهات لم تذكرها مريم أو القاضي في اعترافاته. لكن الاعتقاد السائد هو أن الجهة المقصودة هي المؤسسة العسكرية والأمنية الباكستانية.
على صعيد سياسي، أعلن البيت الأبيض تأكيد الدعوة لعمران خان لزيارة واشنطن واللقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الثاني والعشرين من الشهر الحالي، وهو ما قد يسبب متاعب إعلامية لعمران خان من الصحافة الأميركية خاصة فيما يتعلق بحرية الإعلام ومقابلات قادة المعارضة في باكستان.
لكن حكومة عمران خان بدأت تستفيد من ثمار تعاونها مع الولايات المتحدة في إقناع «طالبان» بالتفاوض مع المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد. فقد أعلن الجنرال مارك ميلي المرشح لتولي رئاسة هيئة الأركان الأميركية أن بلاده بحاجة إلى الإبقاء على علاقات عسكرية قوية مع إسلام آباد مبنية على مصالح الدولتين، وهو ما يقود إلى استعادة باكستان مساعدات عسكرية أميركية قد تصل إلى مليار دولار سنوياً. وقال الجنرال ميلي أمام لجنة فرعية للكونغرس الأميركي إن بلاده بحاجة إلى التعاون العسكري الوثيق مع إسلام آباد للحفاظ على مصالح البلدين.
محكمة باكستانية تطالب وزارة العدل بإقالة قاض حاكَم نواز شريف
حكومة عمران خان تمنع بث مقابلات زعماء المعارضة
محكمة باكستانية تطالب وزارة العدل بإقالة قاض حاكَم نواز شريف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة