الجزائر: رئيس البرلمان الجديد يطالب القوى السياسية بالحوار لتجاوز الأزمة

استجواب أويحيى مجدداً في قضايا فساد... واعتقال الرئيس السابق لـ «سوناطراك»

رئيس البرلمان الجزائري الجديد (وسط) أثناء تسلمه رئاسة غرفة التشريع أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان الجزائري الجديد (وسط) أثناء تسلمه رئاسة غرفة التشريع أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: رئيس البرلمان الجديد يطالب القوى السياسية بالحوار لتجاوز الأزمة

رئيس البرلمان الجزائري الجديد (وسط) أثناء تسلمه رئاسة غرفة التشريع أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان الجزائري الجديد (وسط) أثناء تسلمه رئاسة غرفة التشريع أول من أمس (أ.ف.ب)

أشاد الإسلامي سليمان شنين، رئيس البرلمان الجزائري الجديد، بالجيش وقيادته «التي ترافق الحراك الشعبي وتسعى لتحقيق مطالبه». وتزامنت هذه التصريحات مع استجواب «المحكمة العليا»، أمس، مجددا رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى في قضايا فساد، بعد أن تم سجنه في 12 من الشهر الماضي بناء على عدة تهم.
وأثنى سليمان شنين، الرئيس الجديد لـ«المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، أثناء تسلمه رئاسة غرفة التشريع، مساء أول من أمس، على «تضحيات الجيش وقيادته التي ترافق الحراك وتسعى لتحقيق مطالبه». وأكد أن «الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعرفها البلاد»، داعيا جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية إلى «الإسهام في هذا المسعى في ظل احترام النصوص الدستورية، بهدف تحقيق حلم الشهداء بجزائر حرة سيدة، وشعب جزائري مرفوع الهامة، موفور الكرامة».
ولأول مرة في تاريخ البلاد يصل إلى قيادة السلطة التشريعية برلماني من التيار الإسلامي، حيث ظل هذا المنصب حكرا على حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي». ولقي شنين تزكية من طرف نواب هذين الحزبين، ونواب أحزاب أخرى محسوبة على السلطة، فيما رفضه نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، الذي كان شنين من أبرز قياداته. غير أنه غادرها في 2012. وهو اليوم قيادي بالحزب الإسلامي «حركة البناء الوطني».
وقال أحمد صادوق، رئيس نواب «مجتمع السلم»، إن وصول شنين إلى رئاسة البرلمان «جاء بإيعاز من جهة فوقية». في إشارة إلى الجيش.
في غضون ذلك، قاطع المحامون أمس جلسات المحاكمات، احتجاجا على سجن معتقلي الرأي ونشطاء الحراك الشعبي، الذين تجمعهم خصومة شديدة بقائد الجيش. وشهدت المحاكم مظاهرات خارجها، نظمها مئات المحامين والحقوقيين، الذين يطعنون في مصداقية القضاة، ويعتبرونهم «مجرد أداة تنفذ أوامر قيادة الجيش»، بخصوص متابعة وسجن رموز تاريخية، وسياسيين وناشطين بالحراك، وذلك بسبب مواقف وشعارات معادية للجنرال قايد صالح، الذي أضحى السلطة الفعلية في البلاد منذ أن أزاح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
وطالب المحامون المحتجون أمس بإطلاق سراح لخضر بورقعة (86 سنة)، الرمز التاريخي ورجل الثورة، المتابع بتهمتي «إهانة هيئة نظامية»، و«إضعاف معنويات الجيش». بالإضافة إلى عشرات المتظاهرين الذين اعتقلتهم الشرطة، وتابعهم القضاء بتهمة «تهديد الوحدة الوطنية»، بعد رفعهم الراية الأمازيغية في الحراك. وتعد لويزة حنون، رئيسة «حزب العمال» اليساري، أيضا سجينة رأي، ويطالب المتظاهرون بالإفراج عنها، وهي متهمة بـ«التآمر على الجيش».
وأحدث موقف المحامين بخصوص رفض مرافقة بورقعة أثناء إجراءات المتابعة شرخا وسط المتعاطفين معه. ففريق منهم يؤيد موقف المحامين، وفريق آخر يلومهم بحجة أنهم «سيّسوا القضية»، بينما بورقعة في حاجة، حسب هؤلاء، لمن يترافع لمصلحته ووضع نهايته لإقامته بالسجن.
وهاجم قائد الجيش أول من أمس بشدة المعتقلين، وقال عنهم «إنهم ليسوا أبناء هذا الشعب، ولا يعرفون صلب قيمه ومبادئه، ومدى تعلقه بتاريخه الوطني، وتلكم هي عقلية المفسدين، فالعقل الفاسد سينجر عنه الرأي الفاسد، والتصرف الفاسد والسلوك الفاسد، وهذه طبيعة الأشياء».
من جهتها، انتقدت «مجلة الجيش» في عدد يوليو (تموز) الصادر أمس، بحدة المعارضة ضمنا، وكتبت بأن «المؤسسة العسكرية حريصة على قطع الطريق أمام الدونكيشوتيين المكلفين بمهام استيراد الحلول، وتطبيق أجندات مريبة ومشبوهة، مغلفة في معانٍ ملتبسة»، ويرجح بأنها تقصد مقترح أحزاب اليسار إطلاق «مجلس تأسيسي» كبديل للبرلمان، والعديد من المؤسسات.
وتحدثت النشرية العسكرية عن «عشيرة السوء والإثم»، و«مرتزقة ومخادعين وعملاء»، و«عصابة لصوص لا شرف ولا كرامة لها»، من دون توضيح من تقصد. لكن يفهم من هذا الكلام أن المستهدفين هم من يوجدون بالسجن حاليا بتهم فساد، وخاصة المسؤولين في عهد بوتفليقة، ورجال الأعمال الذين كانوا مقربين منه.
من جهة ثانية، أمر القاضي المستشار بالمحكمة العليا، والمكلف استجواب كبار المسؤولين في قضايا الفساد، أول من أمس، بإيداع عبد الحفيظ فغولي، رئيس شركة المحروقات المملوكة للدولة سابقا، «سوناطراك»، بعد اتهامه بتلقي رشى وعمولات في صفقات، خلال فترة تولي شكيب خليل وزارة الطاقة، وهو نفسه متهم بالفساد.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».