الاستطلاعات تبين مرة أخرى أن الانتخابات ستبعد نتنياهو عن الحكم

بنيامين نتنياهو في اجتماع أخير للحكومة الإسرائيلية (إ.ب.أ)
بنيامين نتنياهو في اجتماع أخير للحكومة الإسرائيلية (إ.ب.أ)
TT

الاستطلاعات تبين مرة أخرى أن الانتخابات ستبعد نتنياهو عن الحكم

بنيامين نتنياهو في اجتماع أخير للحكومة الإسرائيلية (إ.ب.أ)
بنيامين نتنياهو في اجتماع أخير للحكومة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

تشير نتائج آخر الاستطلاعات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيواجه صعوبات جدية بشكل مؤكد في الفوز في الانتخابات القادمة واستحالة تشكيل حكومة يمين من دون خصمه، رئيس حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان. وعلى الرغم من ضم حزب جديد إلى الليكود، تبين الاستطلاعات أنه سيخسر نحو ربع قوته الانتخابية. وفقط في حال وقوع فشل ذريع لأحزاب المعارضة، يمكن أن يعود نتنياهو لتشكيل الحكومة.
ففي استطلاع رأي أجراه معهد «مدغام»، ونشره موقع «واللا» الإخباري، فإن تحالف حزبي «الليكود» (بقيادة بنيامين نتنياهو) و«كولانو» (بقيادة وزير المالية، موشيه كحلون)، اللذين يشكلان اليوم 39 عضوا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، سيهبطان إلى 30 مقعدا. وحسب تحليل النتائج يظهر أن ليبرمان هو أول وأكبر المستفيدين من هبوط الليكود هذا، إذ إنه يقفز من 5 مقاعد حاليا إلى 8 - 9 مقاعد. ويشير المراقبون إلى أن ليبرمان يضاعف قوته تقريبا بفضل حملته الانتخابية التي يركز فيها على علمانية إسرائيل وصد الأحزاب الدينية ذات التأثير الكبير على الحكومة.
وبناء على نتائج الاستطلاع، يصبح عدد نواب معسكر اليمين بكل أحزابه 55 مقعدا، ولكن من دون حزب ليبرمان. وبهذا فإن ليبرمان يعزز مكانته كلسان الميزان. وبالمقابل يحصل معسكر الوسط واليسار مع العرب 56 مقعدا (هو الآن 55 مقعدا)، ويصبح الحسم بيدي ليبرمان. ووفقا لهذا الحساب، يحصل حزب الجنرالات «كحول لفان» بقيادة بيني غانتس، أيضا على 30 مقعدا (هو اليوم 35 مقعدا). وبما أن ليبرمان كان قد صرح بأنه لن يدعم حكومة يمين صرف أو حكومة يسار صرف وسيصر على تشكيل حكومة وحدة قومية تضم حزبي نتنياهو وغانتس إضافة إلى حزبه هو، باشر حزب الجنرالات إلى الاتصال مع الأحزاب الدينية لتحييدها عن نتنياهو. وقال الجنرال جابي اشكنازي، المرشح الرابع في قائمته، إلى الإعلان بأن المتدينين لا يرون أنفسهم في جيب نتنياهو ومن الممكن أن يتحولوا عنه ويؤيدوا غانتس لتشكيل الحكومة الجديدة.
وكان الاستطلاع قد أظهر أن عودة رئيس الوزراء السابق، إيهود باراك، إلى الساحة السياسية لا يغير الخريطة السياسية بتاتا. فهو قد يتجاوز نسبة الحسم ويدخل الكنيست، لكن ذلك يتم على حساب أحزاب اليسار. والمجال الوحيد للتأثير من دخوله المعترك يكون في توحيد صفوف اليسار والوسط في كتلة أو اثنتين. فبهذه الطريقة فقط يمكن له أن يسحب كمية كبيرة من أصوات اليمين.
وتناول الاستطلاع إمكانية التوصل إلى اتفاق بين «اتحاد أحزاب اليمين» و«اليمين الجديد» على خوض الانتخابات بقائمة واحدة. وتبين، من النتائج، أن 31 في المائة من الجمهور عامة يعتقدون أن هذا التحالف حتمي وضروري واختاروا لرئاسته وزيرة القضاء، أييليت شاكيد، على عكس رأي رجال الدين في حزبها الذين يعارضون ترؤس امرأة لقائمة انتخابية.
\ وقد صوت لها 36 في المائة من مصوتي اليمين و32 في المائة من مجموع المصوتين. وقد جاء وراءها حتى رئيس الاتحاد اليميني، رافي بيرتس، حاصلا على 27 في المائة ثم نفتالي بنيت 16 في المائة ثم رافي بيرتس 7 في المائة.
وفحص الاستطلاع إمكانية خوض «العمل» و«إسرائيل الديمقراطية» و«ميرتس» وتسيبي ليفني خوض الانتخابات بقائمة واحدة. وظهر فيه أن 19 في المائة من المستطلعين عامة يعتقدون أن عمير بيرتس يجب أن يقود هذا التحالف، مقابل 18 في المائة لإيهود باراك، و12 في المائة لتسيبي ليفني. أما في وسط مصوتي ما يسمى «اليسار» فقد حصل باراك على 29 في المائة، مقابل 27 في المائة لبيرتس، و27 في المائة لليفني.
وردا على سؤال بشأن الأنسب لرئاسة الحكومة، حصل نتنياهو على 42 في المائة، مقابل 22 في المائة لبيني غانتس، و7 في المائة لباراك، و6 في المائة لليبرمان.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.