هكذا تحولت ليبيا إلى سوق مفتوحة للأسلحة الدولية

فرنسا تقر بملكيتها صواريخ عثر عليها في غريان

نموذج من صواريخ «جافلين» الأميركية الصنع التي عثر عليها في غريان والتي تعود للجيش الفرنسي (أ.ب)
نموذج من صواريخ «جافلين» الأميركية الصنع التي عثر عليها في غريان والتي تعود للجيش الفرنسي (أ.ب)
TT

هكذا تحولت ليبيا إلى سوق مفتوحة للأسلحة الدولية

نموذج من صواريخ «جافلين» الأميركية الصنع التي عثر عليها في غريان والتي تعود للجيش الفرنسي (أ.ب)
نموذج من صواريخ «جافلين» الأميركية الصنع التي عثر عليها في غريان والتي تعود للجيش الفرنسي (أ.ب)

فتحت العملية العسكرية، الدائرة في العاصمة الليبية منذ ثلاثة أشهر ونيف، الباب على مصراعيه لتدفق أنواع مختلفة من الأسلحة على المتقاتلين بالمحيط الجنوبي لطرابلس. وفي وقت توقع فيه مسؤول ليبي تسلم حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، قريباً من تركيا صفقة أسلحة متطورة، ومجموعة من طائرات «درون» من دون طيار، حلت فرنسا أمس «لغز» العثور على صواريخ «جافلين» الأميركية في مدينة غريان (90 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس) التي استعادتها قوات «الوفاق» نهاية يونيو (حزيران) الماضي، من قبضة «الجيش الوطني».
ولا تخلو محاور الاقتتال في الضواحي القريبة من قلب العاصمة من تناثر بقايا صواريخ في مشاهد متكررة، دُوّن عليها اسم البلد المُصنّع. بالإضافة إلى كثير من الدبابات التي أضرمت فيها النيران، أو ما تم الاستيلاء عليه منها من قبل قوات «الخصم».
وأمس قالت عملية «بركان الغضب»، التابعة لحكومة «الوفاق»، إنها ضبطت مجموعة من الأسلحة والصواريخ المستوردة مساء أول من أمس، كانت تستخدمها قوات «الجيش الوطني» في الهجوم على طرابلس. لكن مسؤولا أمنيا في ليبيا قال لـ«الشرق الأوسط» إن «غالبية الأسلحة التي تقاتل بها ميلشيات السراج تتحصل عليها من تركيا، وهو ما يتطلب استمرار (جيشنا الوطني) في مقاتلة تلك الجماعات المسلحة».
من جانبها، أعلنت أمس قوات «الوفاق»، التي سبق لها أن تلقت أسلحة ومدرعات تركية، في بيان، أن (القوات المعادية) قصفت أحياء مأهولة بالسكان في العاصمة بصواريخ (SNORA) من طراز (022)، المصنّعة بواسطة شـركة Oerlikon - Bühler AG السويسرية، وذهبت إلى أن هذه الصواريخ صنّعت بالاشتراك مـع الشركة الإيطالية (SNIAViscosa SPA).
كما نشرت عملية «بركان الغضب» صوراً لصواريخ محترقة، ورؤوسا لصواريخ لم يتم استخدامها بعد، مع تنويه بكشف المزيد من الأسلحة التي عثر عليها في مواقع عسكرية أخرى.
وكان مجلس الأمن الدولي قد حظر في مارس (آذار) 2011 بيع الأسلحة لليبيا، وطالب جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة منع بيع أو توريد الأسلحة ومتعلقاتها إلى ليبيا. كما أصدر قراراً آخر يسمح لتلك الدول بتفتيش السفن المتجهة إلى ليبيا، أو القادمة منها بهدف التصدي لدخول السلاح إلى ليبيا، إلا أن الواقع على الأرض أمر مختلف تماما.
ويقول المسؤول الأمني الليبي محمد عبد السلام المصينعي في حديث إلى «الشرق الأوسط» حول سبل حماية البلاد من تدفق الأسلحة: «الحل لوقف تدفق السلاح على ليبيا يتطلب موقفاً قوياً من جامعة الدول العربية، واتفاقاً مشتركاً من جميع الأجهزة الأمنية بالمنطقة»، مبرزا أن «العالم لا يغفل عن حظر السلاح المفروض على ليبيا، ويعرف جيداً تحركات أنقرة في مد الميليشيات بالسلاح، لكنه يغمض عينيه ليستفيد من اللعبة،».
وفي أكثر من مرة تسلمت قوات «الوفاق» أسلحة من تركيا بشكل غير معلن. لكنها اضطرت للكشف عن جزء منها، وهي على رصيف ميناء طرابلس، في تطور غلب عليه الطابع الاستعراضي في مواجهة «الجيش الوطني»، الذي يشن عملية عسكرية لـ«تطهير» العاصمة من «الجماعات الإرهابية». وقد أظهرت الصور التي بثتها «الوفاق» حينها عربات مدرعات تم تصنيعها في شركة «بي إم سي» التركية. لكن مع تصاعد وتيرة الحرب دخلت أنقرة بثقلها على خط الحرب، من خلال مد قوات «الوفاق» بطائرات مسيرة عن بُعد، قبل أن يتصدى «الجيش الوطني» لهذه النوعية من الطائرات.
وكان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، قد أعلن مطلع الشهر الجاري تدمير غرفة التحكم بالطائرات التركية المسيرة داخل قاعدة معيتيقة الجوية بالعاصمة طرابلس. فيما توقع مسؤول ليبي في الحكومة المؤقتة، رفض الإفصاح عن هويته، أن تزيد تركيا وقطر من دعم قوات «الوفاق» بالسلاح، وقال بهذا الخصوص: «الأسلحة تتدفق على حكومة الميليشيات منذ بداية المعركة، والجيش يعلن من وقت لآخر عن ضبط كميات منها»، لافتاً إلى أن زيارة السراج الأخيرة لتركيا كانت «بهدف الحصول على مزيد من الأسلحة».
وفور تمكن قوات «الوفاق» من مدينة غريان، أعلنت أنها ضبطت ثلاثة صواريخ من طراز (جافلين) المضادة للدبابات، وسبع قذائف مدفعية «نورينكو جي بي 6» موجهة بالليزر صينية الصنع، مما أثار مجموعة من الأسئلة حول كيفية وصولها إلى ليبيا في ظل الحظر الدولي المفروض على البلاد. إلاّ أن فرنسا أقرت أمس بمسؤوليتها عن هذه الصواريخ، وذلك في اعتراف طرح أسئلة جديدة على لسان سياسيين حول دور فرنسا في المعركة الدائرة الآن في ليبيا.
فقد قالت وزارة الجيوش الفرنسية في بيان، أمس، إن صواريخ جافلين الأميركية الصنع، التي عثر عليها في غريان «تعود في الواقع للجيش الفرنسي الذي اشتراها من الولايات المتحدة». مبرزة أن «هذه الأسلحة كانت تهدف إلى توفير الحماية الذاتية لوحدة فرنسية نشرت لغرض استطلاعي في إطار مكافحة الإرهاب»، لكنها نفت في الوقت ذاته أن تكون قد سلمتها لقوات (الجيش الوطني)، أو خرقت الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، موضحة أنها غير صالحة للاستعمال. وانتهت فرنسا إلى أنه تم تخزين هذه الذخيرة «التالفة وغير الصالحة للاستخدام مؤقتاً في مستودع بهدف تدميرها»، موضحة أنه «لم يتم تسليمها لقوات محلية».
وفتحت واشنطن تحقيقاً لمعرفة كيف وصلت هذه الصواريخ الأميركية إلى بلد يخضع نظرياً للحظر منذ عام 2011 في ظل تقارير إعلامية غربية تحدثت عن أن صواريخ جافلين «بيعت في الأصل إلى فرنسا»، معتمدة بشكل خاص على «أرقامها التسلسلية».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.