نتنياهو لا يتذكر وضع طائرة عسكرية في خدمة رجل أعمال

تسريبات جديدة من ملفات الفساد بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي

TT

نتنياهو لا يتذكر وضع طائرة عسكرية في خدمة رجل أعمال

نشرت في تل أبيب، في اليومين الأخيرين، معلومات جديدة من ملفات التحقيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تبين أنه على عكس ادعاءاته، قدم خدمات جلى لرجل الأعمال اليهودي الأميركي، الملياردير أرنون ميلتشين، الذي كان قد قدم له ولزوجته وأولاده هدايا ثمينة تزيد عن حد المعقول، وتعتبر قريبة من الرشوة. ولم تكن تلك خدمة عادية، بل هي عبارة عن وضع طائرة مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في خدمة الرجل.
وبما أن القانون الإسرائيلي يعتبر الهدايا التي تعطى لمسؤولين بمثابة رشوة، لو كان لها مقابل من ذلك المسؤول، فقد اشتمت رائحة فساد قوية من هذا التصرف. وعليه اعتمدت النيابة عندما فتحت ما يعرف باسم «الملف 1000»، ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، والذي يظهر أن نتنياهو وزوجته كانا يطلبان من ميلتشين السيجار الفاخر والجواهر والشمبانيا الزهرية الفاخرة.
وحسب هذه التسريبات، التي نشرتها «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية، فإن نتنياهو أمر باستدعاء مروحية عسكرية خصيصاً لكي تنقل صديقه ميلتشين إلى الأردن، وبذلك كلف خزينة الجيش عشرات ألوف الدولارات.
وقالت القناة إنها حصلت على بعض بروتوكولات التحقيق في هذا الملف، وفيها يحقق مع نتنياهو رئيس الوحدة القُطرية للتحقيق في قضايا النصب والاحتيال، اللواء كورش بارنور، لمدة خمس ساعات في هذه القضية العينية. وقد سئل نتنياهو عن قيامه باستدعاء المروحية العسكرية لنقل الملياردير ميلتشين وصديق آخر له يحمل الجنسية الهندية، يدعى طاطا، إلى الأردن، خدمة لمصالحهما الشخصية. وقد بدا على نتنياهو أنه صدم من هذه المعلومة وتلعثم في الكلام. وفي البداية أنكر الموضوع، ثم قال إنه لا يتذكر، ثم اعترف جزئياً، وقال إنه قدم هذه الخدمة بهدف «تطوير العلاقات الاستراتيجية مع الهند، والسلام الاقتصادي في الشرق الأوسط».
كان المستشار القضائي للحكومة قد قرر تقديم نتنياهو للمحاكمة، بناءً على جلسة الاستماع، بتهمة «الاحتيال وخيانة الأمانة» فقط، خلافاً لموقف المدعي العام والنيابة العامة الذين يعتقدون أن الحديث عن ملف رشوة. وقالت النيابة، بعد البحث، إن ميلتشين كان شريكاً مع رجل الأعمال الهندي طاطا، وخططا سوية لإقامة منطقة تجارة حرة مشتركة لإسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، تضم إقامة مصنع لإنتاج المركبات بتكلفة منخفضة، وهو مشروع يدر أرباحاً طائلة.
وجاء في البروتوكول أن نتنياهو رد على سؤال المحقق بارنور، قائلاً: «لا أذكر، ربما حصل ذلك، لا أذكر». وكرر نتنياهو الإجابة ذاتها مع تكرار السؤال: «ربما حصل ذلك». وحاول أكثر من مرة التهرب من الإجابة.
وقد عقب مكتب نتنياهو على هذا النشر، بالقول، إن «المحقق لم يفهم ما بات واضحاً اليوم، وهو أن رئيس الحكومة دفع في ذلك الحين بالعلاقات الاستراتيجية مع الهند التي تحولت إلى حليف من الدرجة الأولى لإسرائيل، وبالسلام الاقتصادي الذي جرى التعبير عنه مؤخراً في الورشة الاقتصادية في البحرين».
وعلق على الموضوع أيضاً رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، الذي يخوض المعركة الانتخابية القريبة ضد نتنياهو فقال إن هذا التسريب جاء من مكتب نتنياهو نفسه، وكان غرضه أن يظهر مسكيناً، وأنه يقدم خدمات لمصلحة إسرائيل السياسية والاقتصادية. ولكن النتيجة جاءت عكسية، وأظهرت نتنياهو قائداً سياسياً مرتشياً يحصل على هدايا ويقدم خدمات رهيبة تصل إلى حد وضع مقدرات الجيش الإسرائيلي لصالح من يرشونه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.