برلين ترفض طلب واشنطن إرسال قوات إلى سوريا لمحاربة «داعش»

جدل داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا

TT

برلين ترفض طلب واشنطن إرسال قوات إلى سوريا لمحاربة «داعش»

رفضت الحكومة الألمانية، أمس، طلباً أميركياً بإرسال قوات برية إلى شمال شرقي سوريا، في شأن يثير خلافات داخل ائتلاف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وأكّد ستيفن شيبرت، المتحدث باسم الحكومة خلال لقاء إعلامي دوريّ: «عندما أقول إنّ الحكومة الألمانية تنوي الإبقاء على مشاركتها في التحالف ضد تنظيم (داعش)، فإن ذلك كما ندرك، لا يشمل قوات برية».
وكانت واشنطن طلبت، أول من أمس الأحد، من برلين عبر الممثل الخاص الأميركي لسوريا جيمس جيفري، توفير قوات برية وطلبت رداً سريعاً.
وقال جيفري الذي يزور برلين: «نبحث هنا (في ألمانيا) ولدى شركاء آخرين في التحالف (...) عن متطوعين على استعداد للانخراط» في العملية.
وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية رداً على ذلك: «منذ سنوات عدة، تقدم ألمانيا مساهمة مهمة ومعترفاً بها على المستوى الدولي في التحالف ضد تنظيم (داعش)».
وتتمثل المساهمة الألمانية في التحالف أساساً في طلعات استطلاع جوي وتدريب لقوات عراقية. وأضاف المتحدث الألماني: «نحن الآن بصدد التباحث مع حلفائنا الأميركيين حول الطريقة التي يجب أن يستمر بها الالتزام في المنطقة».
وتنتهي مدة المشاركة الألمانية في سوريا نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ويتعين إثر ذلك أن يقرر البرلمان مستقبل هذه المشاركة.
وأثار الطلب الأميركي جدلاً داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا. ورغم الرفض الواضح من «الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، الشريك في الائتلاف، طلب الولايات المتحدة بإرسال قوات برية ألمانية إلى سوريا، فإن الحزب أظهر انفتاحاً مبدئياً تجاه تعزيز مشاركة ألمانيا في مهمة سوريا على مستويات أخرى.
وقال خبير شؤون الدفاع في الكتلة البرلمانية للحزب، فريتس فليجنتروي، في تصريحات لصحيفة «راينيشه بوست» الصادرة أمس الاثنين، إن «بين المساعدات التنموية ومهمة القوات البرية نطاقاً من المهام المجدية، التي يمكن لألمانيا أن تقدم إسهاماً فيها في إطار إمكاناتها المتوافقة مع الدستور».
وأضاف فليجنتروي: «يتعين علينا لذلك التقييم؛ على نحو مشترك مع دول أخرى في التحالف ضد (داعش)، ما هو ضروري الآن، وما الدولة التي تستطيع تولي مهام ما».
وذكر فليجنتروي أنه من المصلحة الألمانية الاستمرار في دعم مكافحة «داعش»؛ «لكن ما لا نستطيع بالتأكيد القيام به لأسباب قانونية هو إرسال جنود إلى سوريا».
وكان الرئيس المؤقت لـ«الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، تورستن شيفر جومبل، أعلن بوضوح رفضه مطلب الولايات المتحدة. كما طالب «حزب الخضر» و«الحزب الديمقراطي الحر» و«حزب اليسار»، الحكومة بإعلان رفض واضح لمطلب واشنطن.
ولم تعلق رئيسة «الحزب المسيحي الديمقراطي»، أنيجريت كرامب كارنباور، بوضوح حتى الآن على المطلب. وأشارت خليفة المستشارة أنجيلا ميركل في رئاسة الحزب خلال تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني «زد دي إف» إلى مصالح الأمن الألمانية والجهود الألمانية في تحالف مكافحة «داعش»، موضحة أنه إذا تطلب الأمر التحدث عن مزيد من المشاركة؛ «فيمكن مناقشة ذلك عندما يحين الوقت وبالنظر إلى الوضع».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن نهاية 2018 سحب العدد الأكبر من نحو ألفي جندي أميركي منتشرين في شمال شرقي سوريا مع إعلانه نصراً تاماً على تنظيم «داعش»، ثم اقتنع بإبطاء هذا الانسحاب وبترك بضع مئات من الجنود الأميركيين في هذه المنطقة الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، لكنه يريد أن يتم دعمهم من قوات حليفة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».