الجيش الإسرائيلي يعترف بفشله في عملية خان يونس

عناصر «الكوماندوز» وقعوا في بلبلة إثر اكتشاف {حماس} لهم وقتلوا قائدهم العسكري

TT

الجيش الإسرائيلي يعترف بفشله في عملية خان يونس

بعد ثمانية شهور من التحقيقات الداخلية، اعترفت قيادة الجيش الإسرائيلي، بشكل رسمي بأن العمليّة التي نفذتها المخابرات العسكرية في قلب مدينة خان يونس الفلسطينية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كانت فاشلة وأن الضابط الذي قاد العملية «قتل بنيران صديقة»، أي برصاص جنوده.
ويذكر أن قوة «كوماندوز» تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)، كانت قد اقتحمت قطاع غزة بسيارة تجارية في حينه بغرض القيام بمهمة استخبارية بالغة السرية والتعقيد، فاكتشفتها قوات حركة «حماس» بالصدفة، فراحت تحقق مع عناصرها وهم في الميدان، ثم وقع اشتباك أسفر عن مقتل قائد العملية الضابط «م»، وهو عربي (من فلسطينيي 48) يحمل رتبة مقدم، وإصابة مرافق له من الجنود بجروح متوسطة. وعلى أثر ذلك تمت إقامة لجنة تحقيق مهنية من قادة الجيش.
وحسب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، فإن هذه التحقيقات قد شملت «وحدة العمليّات الخاصّة» وتركّزت على أسباب نجاح عناصر حركة «حماس» في التعرف على هوية القوّة الإسرائيليّة، التي كانت متنكّرة. ومع أن الجيش أبقى الإجابة عن هذا السؤال خفية، ولم تنشر، فإن «شيئاً ما في تصرّفات مقاتلي القوّة أثار اشتباه السكّان الفلسطينيين، الذين كان من بينهم أفراد من الذراع العسكرية لحركة (حماس)»، وحسب صحيفة «هآرتس»، أمس، فإن «الجيش الإسرائيلي غير مستعدّ لنشر ما هي هذه التصرفات». وقد أصدرت المحكمة أمرا صارما يمنع نشر أي معلومات عن هذه المهمة وكيفية تنفيذها.
وفي خلاصة التحقيقات الكثيرة التي أجراها الجيش الإسرائيلي، اتضحت المعلومات التالية: دخلت وحدة كوماندوز للاستخبارات بسيارة مدنية إسرائيليّة إلى قطاع غزة ليلاً وسارت في شوارع خان يونس: «لتنفيذ مهمّة عملياتيّة استخباراتيّة حساسة جداً»، ولكنها أثارت الشبهات فأوقفها رجال حركة «حماس» في قلب منطقة سكنية وراحوا يحققون مع طاقمها. وعندما فهموا أن الحديث هنا عن إسرائيليين، استدعوا فورا قائداً لهم في المقاومة يسكن في المنطقة، أشرف بنفسه على استجواب أفراد المركبة الإسرائيليّة.
بعدها، ترجل قائد القوّة الإسرائيليّة العربي من سيارته وراح يتحدث مع المسلّحين، في الوقت ذاته، ترجل فرد آخر من أفراد القوّة، وحُقّق معه على مسافة معيّنة من المركبة»؛ وهنا «فهم قائد القوّة أن أمرهم قد انفضح، فأقدم على تصرف رمزي مما كانت الفرقة قد تدربت عليه وينطوي على أوامر بإطلاق النار. وعلى الرغم من حساسية وخطورة الصدام، أطلق مقاتلو القوة الإسرائيليّة النيران باتجاه رجال «حماس»، فقتلوا عددا منهم وكذلك قتلوا قائدهم، برصاص أسلحتهم.
وفي هذه الأثناء، سار قائد القوة الإسرائيليّة المصاب إلى المقاتل الذي أُخذ بعيداً عن المركبة للتحقيق معه، والمصاب هو الآخر، و«قام أفراد القوّة الإسرائيلية بجمع المصابين إلى داخل المركبة ومغادرة المكان على وجه السرعة إلى نقطة هبطت فيها مروحية إسرائيليّة لإجلائهم». وبحسب التحقيقات، امتدت الفترة بين بداية التصادم وبين خروج القوّة من القطاع 20 دقيقة فقط، بينما استمرّت تحقيقات رجال «حماس» مع أفراد الوحدة الإسرائيليّة 45 دقيقة، واستمرّ تبادل إطلاق النار دقيقة ونصف الدقيقة، وخلال كل هذه الفترة كانت قيادة أركان الجيش، برئاسة جادي آيزنكوت، تتابع العملية من غرفة القيادة الحربية في تل أبيب، وبمشاركة من رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، تامير هايمان، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، نداف أرغمان.
واعترف تقرير الجيش الإسرائيلي بنقاط ضعف الجنود واعترف بأنهم عانوا من وضع بلبلة لا يجوز الاستخفاف به لدرجة أنهم، ليس فقط قتلوا قائدهم بل إنهم عندما هربوا تركوا وراءهم معدّات ذكيّة وحساسة داخل القطاع، و«حتى المركبة التي استخدمتها القوّة قصفت من الجو ودمّرت بشكل تام».
وكشف الجيش الإسرائيلي أن التحضير لهذه العملية استمرّ 7 أشهر: «من التجهيزات الدقيقة، التي شاركت فيها القوّة السرية التي نفّذت العمليّة وكافة الأجهزة الاستخباراتيّة، ونفّذت خلالها تدريبات مفصّلة».
وتوقع محرر الشؤون العسكريّة في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئي، أمس، بأن كشف التحقيقات يمكن أن يحدث هزّة أرضية في شعبة الاستخبارات. وقال «إنه فشل غير مسبوق، سيؤدي إلى تغييرات بنيوية وحسيّة في طريقة عمل الاستخبارات العسكريّة ووحداتها مستقبلا. وأحدث وسيحدث سلسلة من التغييرات في المناصب العليا في وحدة العمليات الخاصّة، رغم أن التحقيقات لا تشمل استنتاجات شخصيّة ضد المشاركين في العمليّة» ومن هذه التغييرات طلب قائد الوحدة في القوات الخاصّة التي نفّذت العمليّة، وهو ضابط بدرجة عميد، مؤخراً، الاستقالة من منصبه قبل إنهائه فترته المعهودة، بالإضافة إلى أن قائد «القوات الخاصّة»، سيستقيل من منصبه ومن الجيش الإسرائيلي قريباً، على خلفيّة فشل العمليّة.
وأضاف هرئيل: «كان من غير الممكن تخليص القوّة دون أن يطلق أفرادها النار. ومع ذلك، يمكن فقط تخيّل كيف كانت ستكون الأشهر الأخيرة، سواءً أمنياً أو جماهيرياً، فيما لو تعقّدت العمليّة أكثر: ما الذي كان سيحدث في إسرائيل لو قتل عدد من أفراد وحدة استخباراتيّة سريّة أو قبض على بعض منهم أحياء وتم التحقيق معهم واحتجازهم من قبل (حماس)، حيث كان يحاول الحصول على الأسرار السرية العملياتيّة التي يعرفونها؟ لقد كان هناك خطر في أن تتحوّل العملية إلى قضيّة بأضعاف قضيّة غلعاد شاليط، وكانت إسرائيل ستتورّط في حرب إضافيّة بغزة، والتأثير على مسار الأحداث في إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.