بعد غياب دام 12 عاماً، استعاد المنتخب البرازيلي لكرة القدم التاج القاري وأحرز لقبه التاسع في بطولات أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) بعد التغلب على بيرو 3 - 1 في المباراة النهائية على ملعب «ماراكانا» الأسطوري.
وفي طريقه إلى اللقب الأول له على الإطلاق منذ 12 عاماً، وتحديداً منذ 2007. مر المنتخب البرازيلي بالملعب المشؤوم «استاديو مينيراو» في بيلو هوريزونتي الذي كان شاهداً على سقوطه التاريخي قبل 5 أعوام بهزيمة مذلة أمام غريمه الألماني 1 - 7 في نصف نهائي «مونديال 2014»، لكنه نجح هذه المرة في التعويض بأفضل طريقة من خلال الفوز على غريمه التاريخي المنتخب الأرجنتيني 2 - صفر في نصف النهائي.
وجاء التتويج التاسع للبرازيل بلقب كوبا أميركا، بينها خمسة من أصل خمس نسخ استضافتها على أرضها، بغياب نجمها المطلق نيمار الذي غاب عن الفريق لإصابة في كاحله تعرض لها قبيل البطولة خلال مباراة ودية ضد قطر.
وخلافاً لمونديال 2014 حين غاب نيمار عن نصف النهائي ضد ألمانيا ثم مباراة المركز الثالث التي خسرتها بلاده ضد هولندا بثلاثية نظيفة بسبب إصابة تعرض لها في ربع النهائي ضد كولومبيا، لم يتأثر المنتخب البرازيلي بافتقاده لخدمات نجم برشلونة الإسباني سابقاً وباريس سان جيرمان الفرنسي حالياً وقدم أداءً جماعياً بمزيج من لاعبي الخبرة والشباب.
وقال حارس ليفربول الإنجليزي أليسون بعد الفوز على بيرو في النهائي: «دون نيمار، كان الوضع معقداً لأنه لاعب موهوب جداً يقدم الكثير للفريق. كان من المهم جداً أن نفوز من أجل المجموعة».
وأشار الحارس المتوج الموسم الماضي بلقب دوري أبطال أوروبا إلى أنه في بعض الأحيان، كل الأضواء تكون مسلطة على نيمار ونبقى نحن - اللاعبين - جانباً، لكن الجميع يقدره، وأوضح: «أنا متأكد بأنه سيتعافى وسيمنحنا بعودته المزيد من القوة».
وقال لاعب خط الوسط آرتور: «إنه شعور لا يمكن تصديقه... منذ بداية البطولة، قلت إن الفوز باللقب هو حلمنا. إنه شعور لا يمكن وصفه. العمل الذي قمنا به يستحق هذا التتويج».
كما خرج المدير الفني تيتي عن صمته بعدما أحجم عن التصريحات العامة طيلة البطولة، مشيراً إلى أنه سيتحدث بعد الفوز باللقب، وقال: «اليوم، أصبحت بالفعل مدرباً قومياً... لا يمكنني وصف شعوري بأي كلمات».
وخاض منتخب بيرو المباراة كمرشح أضعف من نظيره البرازيلي لكنه برهن على أنه ند قوي.
وظهر منتخب بيرو بقيادة مديره الفني الأرجنتيني بشكل أفضل من منافسه في بداية المباراة لكن شباكه اهتزت بهدف مبكر في الدقيقة 15 حيث مرر غابرييل خيسوس كرة عرضية قابلها إيفرتون مباشرة في الشباك. وقال غاريكا: «أهم شيء أن مستوانا تطور بمرور الوقت... واجهنا منافساً فعالاً للغاية. أعتقد أننا قدمنا أداءً جيداً رغم الهزيمة. نحن على الطريق الصحيح».
ورغم تعادل بيرو بهدف سجله باولو جيريو من ضربة جزاء في الدقيقة 44 إثر لمسة يد من تياغو سيلفا، أنهى المنتخب البرازيلي الشوط الأول لصالحه بفضل هدف لخيسوس.
ومع النقص العددي في صفوفه بعد طرد خيسوس في الدقيقة 70 لنيله الإنذار الثاني بسبب الخشونة مع ريناتو تابيا، والجدل مع الحكم، حافظ الفريق البرازيلي على هدوئه وأكدوا تقدمهم بهدف ثالث في نهاية المباراة من ضربة جزاء.
وعلى مدار البطولة، أثارت قرارات الحكام واستخدامهم لنظام حكم الفيديو المساعد (فار) الانتقادات. ولم يختلف الحال كثيراً في النهائي حيث لجأ الحكم لتقنية (فار) لاحتساب ضربتي جزاء الأولى لصالح بيرو والثانية للبرازيل.وفي شوارع البرازيل، احتفل المشجعون بهذا اللقب الذي توج به منتخب بلادهم «دون نيمار». وسبق لمدرب المنتخب تيتي أن قال قبيل البطولة بأنه «لا غنى عن نيمار فيما يتعلق بنوعية لعب المنتخب البرازيلي، لكن بالإمكان تعويضه».
ومن المؤكد أن وجود نيمار في الاستحقاقات المقبلة، لا سيما مونديال 2022. سيكون مصيرياً للمنتخب البرازيلي الذي شكل تتويجه القاري خطوة هامة في البناء للمستقبل، على أمل محو الفترة السوداء التي مر بها أبطال العالم خمس مرات منذ إحرازهم لقبهم القاري الأخير عام 2007، حيث خرجوا من ربع نهائي مونديالي 2010 و2018 ونصف نهائي 2014. وربع نهائي كوبا أميركا في نسختي 2011 و2015 ومن الدور الأول للبطولة القارية عام 2016 في ذكراها المئوية.
لكن «كوبا أميركا 2019». أظهرت بأن البرازيل تملك الخيارات اللازمة لتعويض لاعب من طراز نيمار الذي سجل 60 هدفاً بقميص المنتخب في 97 مباراة.
وانتظر البرازيليون أن يكون ديفيد نيريس مفتاح المنتخب بعد الموسم الرائع الذي قدمه مع أياكس أمستردام الهولندي، لكن إيفرتون هو من خطف الأضواء من الجميع رغم أن الجناح الشاب (23 عاماً)، هو اللاعب الوحيد في التشكيلة الأساسية الذي يلعب في الدوري المحلي حيث يدافع عن ألوان غريميو.
وأنهى إيفرتون الذي يتميز بمراوغاته، البطولة القارية كأفضل هداف مشاركة مع البيروفي باولو غيريرو بتسجيله ثلاثة أهداف، أهمها الهدف الذي مهد به الطريق لمنتخب بلاده من أجل الفوز باللقب في الدقيقة 15 من المباراة النهائية.
وهناك نجم آخر كان مؤثراً جداً هو لاعب مانشستر سيتي الإنجليزي غابريال خيسوس الذي، وعلى غرار إيفرتون، بدأ البطولة القارية من مقاعد البدلاء قبل أن يفرض نفسه أساسياً لا غنى عنه منذ مباراة الجولة الأخيرة من دور المجموعات ضد بيرو بالذات (5 - صفر).
ورغم أعوامه الـ22، صنع خيسوس الفارق بالنسبة لبلاده، بتسجيله هدفاً مع تمريرة حاسمة في مباراة نصف النهائي ضد الأرجنتين، ثم كرر الأمر ذاته في النهائي بتسجيله الهدف الثاني وتمريره كرة الهدف الأول لإيفرتون، قبل أن تنتهي مشاركته ببطاقة حمراء نتيجة نيله إنذارين، دون أن يكون لذلك عواقب وخيمة على البلد المضيف.
وإذا كان الشباب عنوان القوة الهجومية للبرازيل، فإن خط الوسط مزيج بين الخبرة التي يؤمنها كاسيميرو وفيليبي كوتينيو (كلاهما 27 عاما)، والشباب المتمثل بآرثر، 22 عاما،.
بالنسبة لتيتي، الخط الأهم الذي يجب التركيز عليه للمستقبل هو الدفاع الذي كان مفتاح نجاح المنتخب منذ أن تولى هذا المدرب منصبه قبل ثلاثة أعوام، إذ لم تتلق الشباك البرازيلية سوى 11 هدفا في آخر 42 مباراة، بينها واحد فقط في كوبا أميركا 2019.
والمشكلة التي يواجهها تيتي، أن عليه إيجاد البديل لكل من تياغو سيلفا والقائد الجديد داني ألفيش الذي اختير أفضل لاعب في البطولة، لأن الأول يبلغ 34 عاماً والثاني 36. ما يعني أن مشاركتهما في مونديال 2022 مستبعدة إلى حد كبير، لا سيما بالنسبة للأخير. وعلى تيتي أن يراقب إيدر ميليتاو (21 عاماً)، الذي خاض دقائق معدودة في النهائي، لمعرفة إذا كان يتمتع بالقدرات التي رآها فيه العملاق الإسباني ريال مدريد عندما قرر أنفاق 50 مليون يورو لضمه إلى صفوفه من بورتو البرتغالي بعقد لستة أعوام.
المنتخب البرازيلي بطلاً لكوبا أميركا بعد غياب 12 عاماً
المنتخب البرازيلي بطلاً لكوبا أميركا بعد غياب 12 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة