التركمان يشاركون للمرة الأولى في حكومة إقليم كردستان

محللون عزوها إلى تحسن العلاقة بين أربيل وأنقرة

TT

التركمان يشاركون للمرة الأولى في حكومة إقليم كردستان

للمرة الأولى منذ انبثاق الكيان السياسي والإداري في إقليم كردستان العراق، قبل سبعة وعشرين عاماً، قرر التركمان الذين يربو عددهم على الأربعمائة ألف نسمة، ويشغلون خمسة مقاعد في برلمان كردستان المؤلف من 111 مقعداً، المشاركة في نظام الحكم بالإقليم.
قرار التركمان هذا أكسبهم حقيبة واحدة بلا وزارة في الحكومة المرتقبة، التي سيرأسها مسرور بارزاني، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني (45 مقعداً)، فضلاً عن منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان الذي تتولاه نائبة رئيس حزب الإصلاح التركماني منى نبي القهوجي.
وتعد مشاركة القوى التركمانية، لا سيما حزب الجبهة التركمانية، في إدارة دفة الحكم بالإقليم، من وجهة نظر العديد من المراقبين السياسيين تحولاً واضحاً في سياسات ذلك الحزب الذي يتزعمه النائب في البرلمان العراقي أرشد الصالحي، والمعروف بمواقفه السياسية المتصلبة حيال سياسات القوى والأحزاب الكردية، خصوصاً ما يتعلق منها بمصير محافظة كركوك والمناطق المسماة دستورياً بـ«المتنازع عليها»، فيما يعتبر آخرون المشاركة ازدواجية صارخة في مواقف حزب الجبهة التركمانية، الذي يرفض من جهة التعاطي منذ نحو ثلاثة عقود، مع الكيان السياسي في الإقليم وينعته رسمياً في بغداد بإقليم «شمال العراق»، ومن جهة أخرى يقرر المشاركة في سلطات الإقليم بل ويطالب بحصة أكبر مما حصل عليه هذه المرة.
من جانبه، أوضح النائب في برلمان الإقليم، آيدن معروف، رئيس فرع الجبهة التركمانية في أربيل، قرار حزبه المشاركة في حكومة الإقليم المرتقبة، بأنه دليل يعكس حرص قيادة حزبه على تكريس الوئام والاستقرار السياسي القائم في الإقليم، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» غايتنا من المشاركة في حكومة وبرلمان الإقليم، هي تدعيم ركائز السلطة، وضمان الحقوق القومية والسياسية والثقافية للشعب التركماني، ضمن إقليم كردستان وفي إطار المبادئ والأسس الديمقراطية، إضافة إلى تقديم نموذج فاعل من الشراكة الحقيقية في إدارة شؤون المنطقة.
وأشار معروف إلى أن حزبه حصل على حقيبة وزارة واحدة، وهي وزارة الإقليم لشؤون الأقليات (وزير بلا وزارة).
وعلل معروف مواقف حزبه المتقاطعة، مع سياسات القوى الكردية، بخصوص مصير كركوك، قائلاً إن «وجود الخلافات السياسية حول قضايا متباينة يشكل حالة طبيعية، فحزبنا وبصفته أكبر الأحزاب التركمانية يحرص على ضمان حقوق الشعب التركماني في الإقليم، ومن هذا المنطلق اتخذ قراره بالمشاركة في نظام الحكم، أما قضية كركوك فمختلفة سياسياً من الجوهر والمضمون، وقد أكدنا سابقاً ونكرر بأن الحوار والشراكة الحقيقية والمتوازنة لجميع مكونات كركوك في إدارة شؤون المحافظة، هما السبيل الأنجع لحل تلك القضية الحساسة، لا سيما أن تجربة فرض الأمر الواقع من قبل جهة معينة على بقية مكونات المحافظة، قد أثبتت فشلها في السابق، لذا ينبغي للجميع استنباط الدروس من تلك التجربة، بمعنى أن كل قضية سياسية تخص أي جزء من البلاد، لها ظروفها ومتطلباتها السياسية الخاصة ينبغي التعاطي معها وفقاً لذلك.
في المقابل يرى الكاتب السياسي التركماني ضياء العزيري، أن مشاركة التركمان في إدارة الإقليم، تشكل خطوة إيجابية في الطريق الصحيح، وكان ينبغي أن تتخذ منذ سنوات، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ما حصل عليه التركمان من حصة في نظام الحكم بالإقليم، متواضع جداً ولا يتناسب مطلقاً، مع كثافتهم السكانية وطموحاتهم وثقلهم السياسي وتاريخهم في المنطقة، لكنه يمثل إنجازاً نوعياً ينبغي تطويره مستقبلاً»، مؤكداً أن التركمان سيسعون لاحقاً للحصول على مناصب رفيعة، في الرئاسات الثلاث بالإقليم، سيما الوزارات السيادية من خلال صناديق الاقتراع والمنافسة السياسية المشروعة».
من جهتهم، يصف محللون هذا التحول في الموقف التركماني بأنه نتاج طبيعي لتحسن العلاقات السياسية بين أربيل وأنقرة من جهة، وبين الإقليم والسلطات الاتحادية في العراق من جهة ثانية.
من ناحية أخرى، حسمت قيادة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (21 مقعداً)، أمرها من الحكومة المقبلة، بتقديم أسماء مرشحيها للوزارات الخمس التي حصل عليها الحزب في الحكومة المؤلفة من تسع عشرة وزارة، حيث سيتولى قوباد طالباني، النجل الأصغر لزعيم الحزب الراحل جلال طالباني، منصب نائب رئيس الحكومة، ويتولى شورش إسماعيل القيادي في الحزب حقيبة وزارة البيشمركة، ودارا رشيد يتولى حقيبة وزارة التعليم العالي، وحمه حمه سعيد، وزيراً للثقافة، وخالد شواني وزيراً للإقليم للتنسيق بين الإقليم وبغداد، ودرباز كوسرت وزيراً للتخطيط، فيما سيتولى جعفر الشيخ مصطفى منصب نائب رئيس الإقليم، وتتولى رئاسة البرلمان للمرة الأولى القيادية في الاتحاد ريواز فائق.
أما حركة التغيير (12 مقعداً)، فقد حصلت على منصب النائب الثاني لرئيس الإقليم، ويتولاه مصطفى السيد قادر، والنائب الثاني لرئيس الحكومة ويتولاه جلال جوهر، وكل من آوات الشيخ جناب وزيراً للمالية والاقتصاد، ودانا عبد الكريم وزيراً للأعمار، وكمال مسلم وزيراً للتجارة والصناعة، وكويستان محمد وزيرة للعمل والشؤون الاجتماعية.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.