فصائل مسلحة تتهم قائد عمليات الأنبار بـ«الخيانة العظمى»

«الدفاع» العراقية تحقق في تسجيلات صوتية منسوبة للفلاحي «تسهّل» ضرب «الحشد»

TT

فصائل مسلحة تتهم قائد عمليات الأنبار بـ«الخيانة العظمى»

تتفاعل، منذ يومين، قضية المقطع الصوتي المسرب من حديث لقائد عمليات الأنبار، محمود الفلاحي، مع ما يقال إنه «عميل» لوكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، ويرد فيها الكلام عن تقديم معلومات وإحداثيات عن مواقع وجود فصائل «الحشد الشعبي» في غرب العراق، خصوصاً «كتائب حزب الله» و«النجباء»، تمهيداً لاستهدافها من قبل طيران الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأمر وزير الدفاع نجاح الشمري، أول من أمس، بتشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة الحقائق بعد بث التسجيل الصوتي في إحدى القنوات الفضائية التابعة لإحدى فصائل «الحشد». وذكر بيان لمكتب الوزير أن «الإجراء يأتي للتعاطي مع ما يتم نشره في وسائل الإعلام، وتدقيق المعلومات، خدمة للصالح العام وإظهار الحقائق للحفاظ على أمن البلد».
وطالبت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، أمس، بتشكيل لجنة للتحقيق في صحة التسريبات الصوتية المنسوبة إلى قائد العمليات، ويشير بعض أعضاء اللجنة إلى إمكانية أن «يواجه الفلاحي عقوبة الإعدام حال ثبوت صحة التسجيل الصوتي».
وفيما لم يصدر أي تعلق عن قائد عمليات الأنبار حول التسجيل الصوتي المسرب، هاجمت «كتائب حزب الله»، أمس، الفلاحي، بشدة، متهمة إياه بـ«الخيانة العظمى». وقال المتحدث باسم الكتائب محمد محي الدين، في تصريحات، إن «بعض الأطراف المتضررة والقريبة من أجواء الفلاحي، والسفارة الأميركية، يهدفون لإثارة الطائفية والدفاع عنه، في محاولة للتشكيك بما نشر، من أجل إبعاد التهمة عنه»، مؤكداً أنه «لا يمكن لأحد أن يبرئه، لوضوح الأدلة التي تدينه».
وذكر محي الدين أن «(كتائب حزب الله) توقعت لجوء السفارة الأميركية، من خلال عملائها والجيوش الإلكترونية، إلى أسلوب التشكيك بما نشر، والبعض بدأ يلجأ إلى الأسلوب الطائفي لحماية الفلاحي». وأضاف أن «قضية قائد عمليات الأنبار محمود الفلاحي تتعلق بالخيانة العظمى والتخابر مع الأجنبي والتآمر على أبناء العراق».
من جهته، يقول مصدر مقرب من قيادة عمليات الأنبار إن «سكوت قائد العمليات، وعدم رده على الاتهامات المفبركة التي طالته، لا يعني أنه غير قادر على ذلك، إنما لأن التعليمات الصادرة عن وزارة الدفاع تلزمه بذلك، وهو بانتظار نتائج لجنة التحقيق المشكلة في الوزارة». ويقول المصدر، الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، إن «التسجيل الصوتي مفبرك، وتقف وراءه جهات معروفة تسعى لبسط نفوذها على مناطق الأنبار، خصوصاً الغربية منها، ثم إن قائد العمليات يلتقي بشكل منتظم مع قيادات أميركية للتنسيق معها في قضايا الأمن في الأنبار والشريط الحدودي مع سوريا والأردن، وهو ليس بحاجة للاتصال بعملاء للمخابرات، والطيران الأميركي يعرف تماماً وجود قطاعات الجيش و(الحشد) في الأنبار».
ويؤكد المصدر أن «أصل القصة يتعلق بسعي فصائل وجهات في (الحشد الشعبي) إلى الاستحواذ على مطار النخيب ومناطق حيوية غرب الأنبار لتسهيل حركة الدخول والعبور إلى سوريا من قبل بعض الفصائل، وهذا ما لم يسمح به قائد عمليات الأنبار، فصاروا يفبركون له التسجيلات الصوتية للنيل من سمعته».
من جانبه، اعتبر عضو مجلس النواب عن محافظة الأنبار عادل المحلاوي، أمس، أن ما وصفه بـ«الفبركات المسيئة» محاولات يائسة للنيل من الجيش وقادته. وقال المحلاوي، في بيان، أمس: «لاحظنا خلال الأيام الماضية صدور تصريحات وفبركات تسيء للجيش العراقي وقادته واتهامات ظالمة تنال من قياداته، وهذا أمر مرفوض ونقف بالضد منه، وهي محاولات يائسة لاستهداف حصن العراق». وأضاف أن «الجيش العراقي مفخرة لجميع العراقيين، وقاتل الإرهاب، وأعطى تضحيات سخية ودماء غالية في الدفاع عن العراق وشعبه، وأن الإساءة له إساءة للعراقيين بمختلف ألوانهم ومذاهبهم ودياناتهم».
وطالب المحلاوي، القوى السياسية والقائد العام للقوات المسلحة، بـ«اتخاذ مواقف حازمة ضد كل من يحاول إضعاف تلك المؤسسة لغايات شريرة ومشبوهة مدعومة خارجياً بمعاونة أخرى داخلية ممولة لاستهداف أمن واستقرار الوطن».
وتعليقاً على موضوع الاتهامات التي طالت قائد عمليات الأنبار، حذّر عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية محمد الكربولي، مما سماه «مخططاً لإقصاء الخبرات العسكرية من مواقع المسؤولية». وقال الكربولي في تغريدة على «تويتر»: «العمل الاستخباري المحترف يقتنص المعلومة المهمة، ولا ينتظر العثور عليها عبر الإعلام»، وأضاف: «التكنولوجيا الحديثة سهلت فبركة الفيديوهات، فكيف يمكن الوثوق بالتسجيلات الصوتية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.