ضغط أميركي على ألمانيا لإرسال جنود إلى شمال سوريا

TT

ضغط أميركي على ألمانيا لإرسال جنود إلى شمال سوريا

طلبت الولايات المتحدة، أمس الأحد، من ألمانيا تقديم قوات برية لمكافحة الإرهاب في شمال سوريا، معززة بذلك الضغوط لالتزام عسكري أكبر من قبل برلين، فيما دعا نائب رئيس الكتلة البرلمانية لـ«الاتحاد المسيحي» الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى فحص متأنٍ للطلب الأميركي. وقال الممثل الأميركي الخاص بسوريا جيمس جيفري لصحيفة «دي فيلت» الألمانية: «نريد من ألمانيا قوات برية لتحل محل جزء من جنودنا» المنتشرين، في إطار مهمة دولية لمكافحة الإرهاب في هذه المنطقة تجري مناقشتها حالياً.
وكان جيفري يزور برلين الجمعة الماضي لإجراء محادثات في هذا الشأن. وقال إنه ينتظر رداً خلال الشهر الحالي.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في نهاية 2018 سحب الجزء الأكبر من نحو ألفي جندي أميركي ينتشرون في شمال شرقي سوريا، مؤكداً الانتصار بشكل كامل على تنظيم «داعش».
لكن منذ ذلك الحين تم إقناعه بإبطاء الانسحاب، وبأن يبقي في هذه المنطقة التي لا يسيطر عليها النظام السوري بضع مئات من الأميركيين الذين يريد أن يدعمهم عسكريون من الدول الحليفة.
وقال جيفري إن واشنطن تبحث «هنا (في ألمانيا) ولدى شركاء آخرين في التحالف» الدولي ضد تنظيم «داعش» الذي يشمل 80 بلداً، عن «متطوعين (دول) مستعدين للمشاركة». وأضاف: «نعتقد أننا سنحقق ذلك»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
إلى ذلك، دعا نائب رئيس الكتلة البرلمانية لـ«الاتحاد المسيحي» الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى فحص متأنٍ لطلب أميركا بإرسال قوات برية ألمانية إلى سوريا.
وقال يوهان فادفول، أمس الأحد، لوكالة الأنباء الألمانية، إنه يجب «ألا يتم رفض الطلب بشكل تلقائي»، ودعا إلى مواصلة الاستعانة بطائرات الاستطلاع «تورنيدو» التابعة للجيش الألماني؛ «على أي حال»، في مكافحة تنظيم «داعش»، مؤكداً أنه «في هذه المنطقة يتعلق الأمر بأمننا، وليس بالأميركيين».
لكن مسألة نشر جنود على الأرض بالغة الحساسية في ألمانيا ذات الثقافة السلمية جداً، بسبب ماضيها النازي، ويمكن أن تثير جدلاً حاداً داخل التحالف الحكومي الهش الذي تقوده المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
ولهذه المهمة هدف مزدوج، هو عدم التخلي عن الأكراد الذين خاضوا المعارك على الأرض ضد التنظيم المتطرف بدعم من التحالف، لكنهم مهددون من تركيا، ومواصلة جهود مكافحة الإرهاب لمنع عودة التنظيم.
وتعول واشنطن على أوروبا للقيام بذلك؛ أي بريطانيا وفرنسا، وحالياً ألمانيا التي تشارك في التحالف ضد «داعش» بطائرات استطلاع «تورنيدو» وطائرة للتزويد بالوقود في الجو ومخبرين في العراق.
ومن المقرر في الأساس أن تنتهي هذه المشاركة للجيش الألماني في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ويجري البرلمان الألماني «بوندستاغ»، مشاورات في سبتمبر (أيلول) المقبل حول إمكانية التمديد لهذه القوات.
يذكر أنه يتم التعامل مع فادفول، وهو خبير في السياسة الخارجية وشؤون الدفاع، على أنه مرشح لخلافة وزيرة الدفاع الاتحادية أورزولا فون دير لاين في منصبها، حال تم انتخابها رئيسة للمفوضية الأوروبية في بروكسل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».