عملية خان يونس الفاشلة قد تطيح رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي

TT

عملية خان يونس الفاشلة قد تطيح رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي

ذكرت عدة مصادر عسكرية رفيعة في تل أبيب، أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، يدرس إمكانية إنهاء خدمة رئيس «أمان»، شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش، الجنرال تمير هايمان، وذلك بسبب فشل العمليّة العسكريّة المغامرة التي نفّذتها قوة كوماندوز تابعة له في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في قلب مدينة خان يونس في قطاع غزة.
وقالت هذه المصادر إن كوخافي وسائر قادة الجيش ما زالوا قلقين من الفشل الذريع لهذه العملية، ونتائج هذا الفشل المعنوية: «التي أهانت الجيش الإسرائيلي وشجعت التنظيمات المسلحة الفلسطينية». وأكدت أن «هذا الفشل يلقي بظلال قاسية على قيادة الجيش الإسرائيلي، وعلى الوحدة نفسها التي تعتبر من أفضل وحدات الكوماندوز في صفوفه، إذ نسبت إليها عمليات ناجحة كثيرة ضد إيران، وفي عدة دول لا تقيم علاقات مع إسرائيل؛ لكنها تنجح في اختراقها وإنزال قوات فيها حتى بالطائرات».
والحديث يدور حول العملية التي حاول تنفيذها رجال الكوماندوز، الذين دخلوا قطاع غزة بعد خداع قوات الأمن التي تعمل تحت حكم «حماس»، وارتدوا الزي العربي وبقوا في القطاع عدة أيام. ولكن أجهزة «حماس» اكتشفتهم بالتالي؛ حيث إن أفراد القوة استخفّوا بعدوهم وارتكبوا مسلسل أخطاء أوقعهم. وفي حينه قتل قائد هذه القوة الإسرائيلي وتمكن جنوده من الفرار.
وبحسب الخبير العسكري، ألون بن ديفيد، فإن هايمان كان قد دخل إلى منصبه رئيساً لجهاز «أمان»، قبل تنفيذ العمليّة الفاشلة بثمانية أشهر، وإن أهم نقاط ضعفه أنه «ذو خبرة ضحلة بالأعمال الاستخباراتيّة»، و«لم يكن قد انتهى من التعرف بعمق على تعقيدات هذا المجال وعلى (عالم وحدة العمليات الخاصّة) في الجيش الإسرائيلي، الذي يحوي تخصّصات كثيرة».
وكانت صحيفة «معريب» العبرية، قد أشارت إلى أن كوخافي يواجه عدة أزمات في الجيش، على صعيد العلاقات الشخصية في رئاسة أركان الجيش. وقد بدأت الأزمة مع اضطرار كوخافي إلى التوجه إلى العميد (أ) (48 عاماً)، ليعود إلى الخدمة الدائمة في الجيش الإسرائيلي، ويتولى مجدداً قيادة لواء العمليات الخاصة، وذلك من أجل إعادة بناء هذا اللواء «الذي تضرر جداً بعد فشل العملية المذكورة في غزة». وأضافت الصحيفة، أن «انكشاف أمر القوّة الإسرائيلية الخاصة في قطاع غزة ألحق ضرراً عميقاً وخطيراً بأمن إسرائيل، بمستويات لا يمكن التفصيل فيها»، وأشارت إلى أن «وحدة الكوماندوز في (أمان)، أجرت تحقيقاً شجاعاً، بيّن جملة طويلة من الأخطاء التي أدت إلى الفشل. جزء منها أخطاء جرت على مدار سنوات قبل العمليّة الفاشلة نفسها»، وبعد هذا التحقيق، أجرت الوحدة التي تعلو «أمان»، تحقيقاً خاصاً، بينت فيه أن عدداً كبيراً من المقاتلين في الوحدة، وأشخاصاً آخرين من ذوي الخبرة، أشاروا على مدار سنوات إلى أوجه القصور، وحذّروا بشدة من تبعاتها، إلا أن الضباط المشرفين عليهم في «وحدة العمليات الخاصّة» اختاروا أن يتجاهلوا هذه التحذيرات.
وكشف تقرير «معريب» أن بعض المقاتلين المشاركين في القوّة اجتاحه الخوف، «وكثيراً منهم ذهبوا إلى العمليّة بقلب مثقل... وحتى عندما اكتشفوا أخطاءً، لم يتجرأ أي منهم على إيقاف العملية والعودة إلى المنزل».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.