مسرحية «حي التنك»... المسرح الشعبي يعود إلى قلب بيروت

لأن مشكلات عقود الإيجارات القديمة لامسته عن قرب، وكونه أحد اللبنانيين المهتمين بالمباني التراثية في مدينة بيروت، قرّر المخرج حسام حوحو أن يترجمها في مسرحية «حي التنك».
أما لماذا سماها «حي التنك»، فيقول: «لأنها بكل بساطة تحكي عن حي شعبي بنيت بيوته من التنك على مساحة قصر مهجور». ويضيف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «إن ديكورات العمل تتمحور حول هذه البيوت، وقد بنيناها خصيصاً للمسرحية مع خلفية لقصر مهمل تحولت مساحته مع الوقت إلى ملجأ للمهجرين من بلدات لبنانية بسبب الحرب التي شهدتها».
ويشارك في هذه المسرحية نحو 11 ممثلاً، جميعهم ينتسبون إلى فرقة جمعية «كواليس» الفنية. وتلقوا خبراتهم في هذا العالم من تجاربهم على الأرض بعيداً عن الدروس والاختصاصات الأكاديمية التي ترافق هذه المهنة عادة. «لقد عملنا في الماضي مع مسرح الجامعة العربية، وبالتالي في أعمال ممسرحة عدة، زودتنا بخبرة عالية دفعتنا إلى تأسيس جمعيتنا التي تفتح أبواب مركزيها في بلدة برجا الشوفية وبيروت أمام هواة التمثيل المسرحي مجاناً»، يوضح حسام حوحو الذي تحول من التمثيل إلى الإخراج في السنوات الثلاث الأخيرة.
والشخصيات الـ11 تجسد نماذج لمواطنين لبنانيين وغيرهم يقاربون أدوار أحد موظفي الدولة المعتاد على الفساد والفتاة العانس والأخرى الساذجة التي تلاقي عريساً رغم ذلك. كما تطل أيضاً على عينة من الشباب اللبناني المستقوي بزعيم ومتسلح بسكين للوصول إلى مآربه. وعلى المواطن المصري الذي وجد في لبنان فرصة للعمل وغيرها من الشخصيات التي نصادفها في يومياتنا.
وتدور قصة المسرحية حول سكان هذا الحي الذين تهجروا بفعل الحرب، ووجدوا محيط القصر وبنائه ملاذاً لهم. وراحوا يدفعون الإيجارات لابنة ناطور سبق وعمل في القصر. وعندما يعود ورثته لإعادة بنائه يواجهون مشكلة وجود سكان على أرضه ما يدفعهم للبحث عن حل لإخراجهم من هذا العقار، خصوصاً أن السكان طالبوا بتعويضات لهم كونهم يدفعون الإيجارات بشكل دائم ومنذ زمن.
«هناك موضوعان أساسيان في المسرحية، وهما قانون الإيجارات القديم والجديد ومصير المباني التراثية»، يوضح حسام حوحو في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط». وعن سبب ملامسته هذه الموضوعات بالذات يرد: «أنا شخصياً أعيش تجربة مشكلة الإيجارات القديمة مع أصحاب الملك للمنزل الذي أسكنه مع أهلي. وتناقشت كثيراً معهما حول أحقية المالك زيادة قيمة الإيجار بعد مرور سنوات طويلة على توقيعهما العقد، إلا أنهما مقتنعان بالتالي بأحقيتهما بتعويضات تدفع لهما في المقابل. فهما لديهما رأيهما بهذا الموضوع، وأنا أيضاً، ومن هنا ولدت فكرة هذه المسرحية التي تنتهي بعلامة استفهام كبيرة نطرحها في الختام. وهذه النهاية أصفها بصفعة سيتلقاها الحضور إثر توقعه نهاية مغايرة تماماً من جراء سياق القصة». ويشير حوحو إلى أن لجوءه إلى 11 ممثلاً على خشبة المسرح يعود سببه إلى إعادة إحياء المسرح الشعبي الذي تربى عليه في أعمال الرحابنة ودريد لحام ومحمد الماغوط وغيرهم. «هي مدرسة نفتقدها في أيامنا الحالية بعد أن طغى مسرح (المونودراما) على غالبية أعمالنا الفنية. فهذا الأخير يتكرر في أعمال محلية ومقتبسة إلى حدّ جعلنا نشتاق لمسرحنا الشعبي اللبناني الأصيل».
ويستهل المشهد الافتتاحي في المسرحية مع حديث للقصر مع الجمهور يتلى على خلفية رقصة تعبيرية من نوع «خيال الظل». فيتابع الحضور لوحة تعبيرية من خلف ستارة بيضاء وعلى وقع أغنية من كلمات وألحان فرقة «كواليس».