«العسكري» كان قلقاً خشية «مكائد الإسلاميين»

كواليس المباحثات المباشرة بين ممثلي الجيش والمدنيين في السودان

جانب من احتفالات السودانيين في الخرطوم بالتوصل إلى اتفاق بين المدنيين والعسكريين يوم الجمعة (رويترز)
جانب من احتفالات السودانيين في الخرطوم بالتوصل إلى اتفاق بين المدنيين والعسكريين يوم الجمعة (رويترز)
TT

«العسكري» كان قلقاً خشية «مكائد الإسلاميين»

جانب من احتفالات السودانيين في الخرطوم بالتوصل إلى اتفاق بين المدنيين والعسكريين يوم الجمعة (رويترز)
جانب من احتفالات السودانيين في الخرطوم بالتوصل إلى اتفاق بين المدنيين والعسكريين يوم الجمعة (رويترز)

شهد التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير، خلال جلستين طويلتين في يومين متتاليين، حالات من التوتر والقلق والخوف، وأيضاً حالات إنسانية تخللتها الدموع، لكنها أفلحت في النهاية في التوصل إلى اتفاق. ولم يكن التفاوض سهلاً على الطرفين طيلة هذه المدة، إلا ان الأمر انتهى باتفاق تقاسم التمثيل والرئاسة، واستراتيجية «الكل كاسب، ولا خاسر»، رغم المعارك التفاوضية الشرسة التي أسهم الوسطاء في تذليلها.
وقال مصدر من داخل غرفة التفاوض إن حالة من «التوتر والقلق» سادت بدايات التفاوض، قبل أن تعود الأشياء إلى طبيعتها. وأوضح المصدر أن المجلس العسكري كان قلقاً في البداية، ويخشى «مكائد الإسلاميين». وبين أن نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كان يخشى من تأجج الأوضاع والخروج في «مسيرات مليونية» مما يزعزع الأوضاع في البلاد، لذلك كان يرى «ضرورة مسايرتهم». وبحسب المصدر، فإن المجلس العسكري كان يرى أن «عدوه الأول» هو الإسلاميون والنظام القديم، لذلك كان يعمل على إشراكهم لتحاشي شرهم بأي صورة من الصور. وتابع المصدر: «كانوا (أعضاء المجلس) يتساءلون باستمرار ما إن كان بمقدورهم تسيير حشود مليونية»، وأضاف: «بالطبع، هم كانوا يريدون البقاء في السلطة لحماية أنفسهم، لكنهم تلقوا تطمينات جعلتهم يوافقون على التوقيع».
وقال المصدر أيضاً: «لكن النظرة الواقعية هي التي جعلت المجلس العسكري يقبل التفاوض، ويتوصل إلى اتفاق. فقد توصلوا إلى قناعة بأن قوى إعلان الحرية والتغيير لا يمكن تجاوزها، خصوصاً بعد مليونيات 30 يونيو (حزيران)».
وبعد أن صفت الأوضاع، بدأ التفاوض بإصرار من قبل المجلس العسكري على رئاسة الفترة الانتقالية من قبل الجيش، إذ «كانوا يستندون إلى أن وجود الجيش هو الضامن للثورة، وعدم إقصاء الآخرين. لكن مفاوضي الحرية والتغيير أبلغوهم بأنهم لن يعملوا على إقصاء أحد، وأن رموز النظام القديم ممن لم تطالهم أحكام قضائية في جرائم سياسية أو جنائية بمقدورهم العودة لممارسة نشاطهم السياسي بعد الفترة الانتقالية».
وتواصل التفاوض، وتحولت الأجواء داخل القاعة إلى أجواء إيجابية، بعد زوال مخاوف الطرفين، فقبل مفاوضو المجلس العسكري الانتقالي مناصفة مقاعد المجلس السيادي، 5 ممثلين عن كل طرف، بالإضافة إلى شخصية يتفق عليها الطرفان.
ووضع {العسكري} عقدة ثانية أمام المتفاوضين، بإصراره على أن تكون الشخصية التي تكمل عدد المجلس السيادي إلى 11 عضواً، شخصية عسكرية متقاعدة يوافق عليها مفاوضو الحرية والتغيير، لكن المفاوض العسكري حاول للمرة الثانية اشتراط أن تكون هذه الشخصية هي رئيس المجلس في الفترة الثانية، غير أن مفاوضي الحرية والتغيير أصروا على أن يتم انتخاب ممثل المدنيين بنهاية فترة حكم العسكريين. وتوافقت الأطراف على فترة انتقالية طولها 3 سنوات و3 أشهر «فترة تمهيدية» تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق، ويتولى العسكريون رئاسة المجلس خلال الفترة الأولى منها، البالغة 18 شهراً، إضافة لثلاثة أشهر، ثم يتولى ممثل عن الحرية والتغيير رئاسة المجلس في الـ18 شهراً المتبقية من عمر الفترة الانتقالية.
وأوضح المصدر أن المفاوضين من جانب {العسكري} كانوا متشددين في مطالبهم، خصوصاً رئيس اللجنة السياسية الفريق شمس الدين الكباشي، ونائبه ياسر العطا، والأمين العام للمجلس برتبة لواء، لكن الفريق حميدتي ألزمهم بقبول الاتفاق. وكان الكباشي يبدو مستاءً، وكان يكثر من الخروج والدخول بحجة التدخين، لكنه لم يكن راضياً عما تم التوصل إليه، غير أن أمين المجلس العسكري، برتبة لواء، كان أكثر تشدداً من الآخرين، قبل أن يحسم نائب رئيس المجلس العسكري الأمر لصالح الاتفاق.
ثم جاءت معضلة تكوين لجنة التحقيق المستقلة في الجرائم التي ارتكبت في أثناء فض الاعتصام وما بعده، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى، وقال المصدر: «النص المقترح من الوساطة أن تُكون اللجنة برقابة إقليمية، لكن {العسكري} رأى أن تكون وطنية، وهو ما وافقت عليه قوى الحرية والتغيير». وشدد المصدر على أن «وطنية اللجنة» لن تقلل من استقلاليتها ومهنيتها وعدالتها، وتابع: «اتفقنا على أن يخضع كل من تشير التحقيقات إلى ضلوعه في جرائم قتل المتظاهرين، بما في ذلك أعضاء المجلس العسكري، الذين سيصبحون أعضاء في مجلس السيادة»، وتابع: «تم التوافق على نزع الحصانة من الذين تثبت إدانتهم، وإقالتهم من مجلس السيادة، وتقديمهم للمحاكمة».
وأوضح أن التفاوض شابه كثير من التوترات، وتبودلت خلاله مشاعر إنسانية، ومن بينها «الفرح اللافت» من قبل نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، و«الدموع التي سالت على خديه»، وقوله في ختام التفاوض لوفد الحرية والتغيير: «نحن أيضاً نخشى أن تتصارعوا أنتم وتضيع الفترة الانتقالية».
من جهتها، كشفت مصادر في قوى إعلان الحرية والتغيير لـ«الشرق الأوسط» عن أسماء مرشحة لعضوية المجلس السيادي، ورئيس مجلس الوزراء، وأشارت إلى عدد من الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء، ومن بينهم «أحمد عبد الله حمدوك، وفيصل محمد صالح، وعمر الدقير، وآخرين»، وتم إعداد قائمة من 38 مرشحاً من أصحاب الكفاءات، توضع أمام طاولة رئيس الوزراء، ليختار من بينهم 17 وزيراً. وأوضح أن هناك عدداً من الشخصيات تم ترشيحها لعضوية مجلس السيادة عن قوى إعلان الحرية والتغيير، وهم: «الدكتورة فدوى عبد الرحمن علي طه، وبابكر فيصل، وطه عثمان، وبروفسور منتصر الطيب، وصديق تاور، وشخص من الشرق»، وتم الاختيار فيه على أساس أقاليم البلاد، وتوقع المصدر أن يتم تقديم الترشيحات النهائية بمجرد التوقيع على الاتفاق في غضون الأيام القليلة المقبلة.
وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، رحّب أمس كلٌّ من مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والأردن بانفراج الأزمة السودانية، لينضموا بذلك إلى السعودية والإمارات ومصر والبحرين وبريطانيا وفرنسا وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. وإذ رحّبت الولايات المتحدة أمس باتفاق تقاسم السلطة في السودان الذي وضع حداً لأزمة سياسية في البلاد استمرت لبضعة أسابيع. ووصفت الخارجية الأميركية الاتفاق بأنه «خطوة مهمة إلى الأمام»، وأعربت عن أملها بأن يفضي الاتفاق إلى قيام حكومة انتقالية برئاسة مدنيين، تكون مقبولة على نطاق واسع من الشعب السوداني. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مورغان أورتيغاس، في بيان: «نتطلّع إلى استئناف إتاحة الوصول للإنترنت فوراً، وقيام سلطة تشريعية جديدة، ومحاسبة مرتكبي القمع العنيف للاحتجاجات السلمية، والمضي قدماً نحو انتخابات حرة نزيهة».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».