انطلاق القمة الأفريقية الاستثنائية لـ«التجارة الحرة» القارية... اليوم

سامح شكري وزير خارجية مصر خلال التحضير لافتتاح القمة الاستثنائية لرؤساء وحكومات الاتحاد الأفريقي المُخصصة لاتفاقية التجارة الحرة في نيامي (أ.ف.ب)
سامح شكري وزير خارجية مصر خلال التحضير لافتتاح القمة الاستثنائية لرؤساء وحكومات الاتحاد الأفريقي المُخصصة لاتفاقية التجارة الحرة في نيامي (أ.ف.ب)
TT

انطلاق القمة الأفريقية الاستثنائية لـ«التجارة الحرة» القارية... اليوم

سامح شكري وزير خارجية مصر خلال التحضير لافتتاح القمة الاستثنائية لرؤساء وحكومات الاتحاد الأفريقي المُخصصة لاتفاقية التجارة الحرة في نيامي (أ.ف.ب)
سامح شكري وزير خارجية مصر خلال التحضير لافتتاح القمة الاستثنائية لرؤساء وحكومات الاتحاد الأفريقي المُخصصة لاتفاقية التجارة الحرة في نيامي (أ.ف.ب)

في قمة أفريقية استثنائية تترأسها مصر، يطلق عدد من رؤساء الدول والحكومات المعنية بالقارة، اليوم (الأحد)، «اتفاقية التجارة الحرة» القارية التي أقرّتها برلمانات 24 دولة أفريقية من إجمالي 52 دولة موقِّعة عليها.
وتستضيف نيامي عاصمة النيجر، القمة الاستثنائية الـ12 لقمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي المُخصصة لاتفاقية التجارة الحرة القارية، فيما تواصلت، أمس، فعاليات اليوم الثاني لاجتماعات الدورة العادية الـ35 للمجلس التنفيذي على مستوى وزراء الخارجية.
وأفادت الخارجية المصرية، أمس، بأن الوزير سامح شكري، ترأس جلسات عدة لمناقشة التقارير الخاصة بأنشطة الاتحاد الأفريقي، وأبرزها مناقشة تقرير اللجنة الوزارية للترشيحات الأفريقية في المنظومة الدولية، وذلك لمتابعة تنفيذ قرارات القمم الأفريقية السابقة بشأن دعم مرشحي القارة للمناصب الدولية. وقال أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إنه تم «بحث التقرير المرحلي للجنة الوزارية حول تطورات التصديق على مختلف الوثائق القانونية الصادرة عن منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي، وتقرير اللجنة الوزارية المعنية بأجندة التنمية 2063، كما تناول الاجتماع تقرير ممثل الاتحاد الأفريقي رفيع المستوى المعنيّ بتمويل الاتحاد الأفريقي وصندوق السلام حول نتائج المشاورات الإقليمية بشأن تقييم صندوق السلام.
وشهدت الاجتماعات كذلك التحضيرات للقمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي لإطلاق المرحلة التشغيلية لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، والاجتماع الأول التنسيقي بين الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية المقرر عقده غداً (الاثنين). كما ناقش المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، أمس، تقريراً حول منطقة التجارة الحرة القارية.
بدورها، قالت «الهيئة العامة للاستعلامات» (التابعة للرئاسة المصرية)، أمس، إن مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، تأتي «في سياق اهتمام السياسة المصرية في السنوات الأخيرة بتعزيز العلاقات مع دول القارة الأفريقية، وهو الاهتمام الذي تضاعف مع رئاسة مصر للاتحاد».
وشرحت أن «هذا العام هو الأول الذي لن يشهد قمة صيفية لقادة الاتحاد الأفريقي، والتي سيستعاض عنها باجتماع تنسيقي على مستوى القادة بنيامي عاصمة دولة النيجر، بدعوة من الرئيس محمدو إيسوفو رئيس النيجر».
ونوهت «الاستعلامات» بأن منطقة التجارة الحرة القارية لزيادة حجم التجارة البينية الأفريقية من 17% إلى 60% بحلول عام 2022، وتقليص السلع المستوردة بشكل رئيسي، وبناء القدرات التصنيعية والإنتاجية، وتعزيز مشروعات البنية التحتية في القارة الأفريقية.
وعلى صعيد قريب، دعا رئيس النيجر محمدو إيسوفو، إلى تشكيل «تحالف دولي» على غرار التحالف الذي تصدى لتنظيم «داعش» في العراق وسوريا. وقال رئيس النيجر، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، عشية القمة الثالثة والثلاثين للاتحاد الأفريقي في نيامي: «اقترحت تشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب في الساحل وبحيرة تشاد على غرار التحالف الذي تشكل لمحاربة (داعش) في الشرق الأوسط».
وأضاف أن «أمننا هو أمن العالم. إذا تمكن الإرهاب غداً من هزيمة دولنا (في الساحل) فسينتقل إلى أوروبا والولايات المتحدة. هذا واضح. على المجتمع الدولي إذن أن يبدي اهتماماً أكبر بالوضع. إن وسائلنا وحدها لا تكفي». وشكّلت دول مجموعة الساحل الخمس (بوركينا فاسو، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، وتشاد) قوة من خمسة آلاف عنصر، لكنها لم تنجح في الحد من تمدد الجماعات الجهادية ولا في وقف هجماتها.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.