باسيل في طرابلس يذكّر باغتيال رشيد كرامي... و«القوات» ترد: «حديث أرعن يستعيد الحرب»

مشاركة خجولة في استقباله... وعدد الأمنيين فاق عدد الحضور

الوزير جبران باسيل يتقدم الحضور خلال استقباله في طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)
الوزير جبران باسيل يتقدم الحضور خلال استقباله في طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)
TT

باسيل في طرابلس يذكّر باغتيال رشيد كرامي... و«القوات» ترد: «حديث أرعن يستعيد الحرب»

الوزير جبران باسيل يتقدم الحضور خلال استقباله في طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)
الوزير جبران باسيل يتقدم الحضور خلال استقباله في طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)

رغم كل ما رافق زيارته لطرابلس، من مواقف معترضة ورافضة، قام وزير الخارجية جبران باسيل، بزيارة عاصمة الشمال، أمس، بعد أسبوع على زيارته الجبل التي انتهت بمواجهة درزية – درزية وسقوط قتيلين.
وفي اللقاء الذي نُظِّم في المدينة مع كوادر من «التيار الوطني الحر»، تحدّث باسيل عن تعرضّه للتهديد لمنعه من القيام بالزيارة، مصوّباً كلامه باتجاه «القوات اللبنانية»، عبر التذكير باغتيال رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي، وهو ما رأت «القوات» أنه «حديث فتنوي أرعن يستعيد الحرب اللبنانية»، متوجهةً إلى «التيار» بالقول: «لا تَدَعوا باسيل يدمّر المصالحة»، في إشارة إلى «اتفاق معراب» بين الطرفين.
وعمد باسيل إلى تعديل موعد زيارته للشمال، (طرابلس وعكار)، ليوم السبت (أمس) بعدما كانت قد حُددت اليوم (الأحد)، وذلك من دون أن يعلن «التيار» عن ذلك بشكل رسمي، مع إجراء بعض التعديلات على برنامجها، أهمّها إلغاء الغداء الذي كان مقرراً في منزل النائب فيصل كرامي في طرابلس. وفيما كان لافتاً عدد المشاركين الخجول في اللقاء الذي نظّمه «التيار» في معرض رشيد كرامي الدولي ما اضطر باسيل إلى الانتظار طويلاً قبل الدخول، لفت أحد الحاضرين إلى أن عدد عناصر القوى الأمنية المرافقة لوزير الخارجية فاق عدد الحضور الذي قدّر بمئتي شخص معظمهم من خارج المدينة، فيما قال باسيل إنه خُصّص فقط للقاء الكوادر كما انضم إليه كل من وزير الدفاع إلياس بوصعب والوزير السابق يعقوب الصراف.
وكما في معظم زياراته للمناطق اللبنانية، اتّسمت زيارته لطرابلس ببعض المواقف التصعيدية وأصابت هذه المرة «القوات اللبنانية»، بقوله: «لسنا نحن من اغتال رئيس الحكومة من طرابلس... واليوم نزور المدينة لتغذية العيش الواحد»، وذلك في إشارة إلى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي الذي اتُّهمت «القوات اللبنانية» باغتياله.
وفي كلمته قال باسيل: «سأبقى أحب طرابلس ولو كره الكارهون. أشكركم على حضوركم وأعتذر منكم لتغيير البرنامج بسبب الضرورات الأمنية والتهديدات التي تلقيناها من بعض الجهات»، معتبراً أن أهمية الزيارة تكمن في رمزيتها. وقال: «لن نقبل أن يتقسم لبنان إلى كانتونات أو خطوط حمر على اللبنانيين. وأشكر الذين تجمعوا للتعبير عن رفضهم لزيارتي»، مؤكداً: «لا نقبل بأن يفرض علينا أحد أمراً واقعاً مناطقياً وأن يقوم بالهيمنة على أي منطقة تحت مسمى الخصوصية».
وأضاف: «نحن لا نعتدي على أحد في طرابلس، ولم نصعد إلى الجبل من أجل المعارك، ولم نشارك في أي حرب، وكنا دائماً مع الجيش اللبناني ضد الميليشيات، لم ننصب حواجز على الطرقات، كما لم تقفل البترون طريقها أو أبوابها على أحد». وفيما قال: «لسنا نحن من اغتال رئيس الحكومة من طرابلس»، أكد: «اليوم نزور طرابلس لتغذية العيش الواحد... زمن انقطاع بعضنا عن بعض انتهى مع الحرب». وفيما كان حزب «القوات» قد اتخذ قراراً بعدم الدخول في جدال مع باسيل والرد على مواقفه، حسبما أشارت مصادره لـ«الشرق الأوسط»، و«اعتبرت أن كلامه في طرابلس لا يختلف عن كل مواقفه الاستفزازية التي تهدف إلى الفتنة واستعادة الحرب»، قال القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط»: «تحدث باسيل عن اغتيال كرامي وهو الآن يصطاد في المياه العكرة ويغتال اتفاق الطائف».
ومع تأكيد علوش أن طرابلس مفتوحة للجميع وهي لم ولن تمنع أحداً من زيارتها، قال: «عندما يعبّر أبناء هذه المدينة عن رفضهم لاستقبال أي شخص فعليه احترام رأيهم وعدم الزيارة». مع العلم أن باسيل لم يتواصل، حسب علوش، مع «تيار المستقبل» في المدينة قبل زيارته وخلال التحضير لها، فيما بات معلوماً أنه ألغى لقاء الغداء الذي كان مقرراً عند النائب فيصل كرامي.
وكما في طرابلس، حيث تجمع عدد من الشبان احتجاجاً على زيارة باسيل في ظل انتشار عناصر الجيش وقوى الأمن، كذلك في عكار لفتت مصادر «القوات» إلى أن وزير الخارجية لم يتواصل مع السياسيين في المنطقة، واقتصرت لقاءاته على كوادر «التيار»، معتبرة أنه في «مواقفه يعيد إذكاء الفتنة من جديد بعدما كانت الحرب في لبنان قد انتهت منذ 30 سنة».
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن تدابير أمنية مشددة قام بها الجيش وقوى الأمن الداخلي على الطرقات الرئيسية والفرعية في مناطق محددة من محافظة عكار، بالتزامن مع زيارة باسيل، فيما رُفع في المقابل العديد من اللافتات المرحِّبة به في المنطقة.
وتوقفت مصادر «القوات» عند إصرار رئيس «التيار» على القيام بزيارته رغم كل الاعتراضات عليها. وقالت: «في اليوم الذي يُدفن فيه أحد الشبان الذي سقط نتيجة زيارته للجبل أصر هو على زيارة الشمال»، طارحةً أيضاً علامة استفهام حول العدد الكبير لعناصر القوى الأمنية التي ترافقه، موضحة: «هل يحتاج لقاء مائة أو مئتي شخص من الكوادر الحزبية إلى كل هذه الإجراءات؟ وإذا كان كذلك فهذا دليل إضافي على أن الزيارة كان يجب ألا تتم».
وردّت «القوات» على كلام باسيل بأنه لا يقبل أن يتم تقسيم لبنان إلى كانتونات، بالقول إنه هو أكثر من يعمل على تقسيم لبنان بعد دخوله في صدام مع الطائفة السنية ثم الدرزية وقبل ذلك مراراً وتكراراً مع الشيعة. ولفتت إلى أنه بعدما كانت القوات ضحّت لرأب الصدع مع التيار «لم يألُ الوزير باسيل جهداً في السنوات الأخيرة إلا وبذله لإعادة الانقسام إلى المسيحيين من خلال حربه المستمرة على القوات».
وعن قول باسيل بأنهم لم يكونوا مع الميليشيات، قالت «القوات»: «الصحيح أن باسيل لم يشارك في أي حرب عندما كان المطلوب من كل لبناني أن يشارك دفاعاً عن لبنان وسيادته، أما فيما يتعلق بتأييد الميليشيات، فهو أيّد الميليشيات في زمن السلم عندما أصبحت عائقاً أمام قيام الدولة الفعلية في لبنان. فتأييده لـ(حزب الله) وسلاحه معروف، على حساب مصالح الدولة اللبنانية والشعب اللبناني».
وردّ الوزير جبران باسيل على بيان «القوات اللبنانية» الذي ردّ فيه على كلامه في طرابلس حول اغتيال الرئيس رشيد كرامي، واصفاً إياه بـ«النكتة المضحكة». وقال في لقاء في حلبا (بعكار) التي انتقل إليها من طرابلس: «أكثر نكتة مضحكة سمعتها اليوم كانت أن التيار الوطني الحر اغتال الرئيس كرامي».
وأضاف: «نريد أن نتحمل الكذب والتشويه، لكننا نريد أن نرد عليهم بمزيد من العمل والانفتاح، وكلما وضعوا حواجز أمامنا سنهدمها لنرتقي أكثر وأفضل».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».