مصر تترقب اليوم تداعيات زيادة أسعار المحروقات

الحكومة تطمئن مواطنيها وتنفي اعتزامها الاقتراض مجدداً

TT

مصر تترقب اليوم تداعيات زيادة أسعار المحروقات

في الوقت الذي يترقب فيه المصريون، اليوم (الأحد)، التداعيات العملية لقرار زيادة أسعار المحروقات في أول أيام العمل بغالبية المؤسسات الحكومية والخاصة، قالت الحكومة، أمس، إن البلاد «ليست بحاجة للحصول على أي قرض جديد من صندوق النقد الدولي»، وذلك بعد انتهاء برنامج القرض الحالي البالغ قيمته 12 مليار دولار.
وأعلنت الحكومة المصرية، صباح أول من أمس، زيادة متوقعة لأسعار الوقود للمرة الخامسة منذ عام 2014، وبنسب تتراوح بين 16 في المائة و30 في المائة في بعض المنتجات، في إطار خطة «إصلاح اقتصادي شاملة» تتضمن تحرير سعر الوقود، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وحاولت أجهزة محلية ووزارات، أمس، طمأنة المواطنين، بشأن السيطرة على الأسواق وأسعار تقديم الخدمات وخصوصاً النقل، إذ يظهر الأثر الفوري على أسعار زيادة المحروقات في تعريفة الركوب.
وتمثل وسائل النقل الجماعي، مرتكزاً رئيسياً لحركة السواد الأعظم من المصريين، وعلى الأخص في إقليم القاهرة الكبرى (يضم محافظات القاهرة، والجيزة، والقليوبية) المكتظ بالسكان، فيما أعلنت أجهزة الحكم المحلي بالمحافظات المختلفة أسعار تعريفة الركوب الجديدة للمواطنين.
وأصدر جهاز حماية المستهلك، أمس، تحذيراً لقائدي سيارات الأجرة، وقال إنه لن يسمح بـ«استغلال إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تتخذها الدولة، وتغليب المصلحة الخاصة (للسائقين)، على مصلحة الوطن والمواطن من خلال زيادة قيمه أجرة الركوب عن التعريفة القانونية التي تصدر بقرار من المحافظين أو رؤساء المدن إضرارا بالمستهلك».
وشدد رئيس الجهاز، راضي عبد المعطي في بيان أمس، على «ضرورة التزام مقدم الخدمة بالإعلان بطريقة واضحة عن بيانات الخدمة التي يقدمها، وخصائصها ومواعيدها، والسعر الشامل للحصول عليها، وذلك في أماكن تقديمها للمستهلك، وتجنب أي سلوك خادع»، وشرح أن القانون يجيز عقوبة المخالفين «بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تجاوز مليوني جنيه، لكل من خالف أحكاماً بقانون حماية المستهلك».
وتضمنت الأسعار الجديدة للوقود رفع سعر البنزين 92 أوكتين إلى ثمانية جنيهات للتر من 6.75 جنيه، بزيادة نحو 18.5 في المائة، والبنزين 80 أوكتين الأقل جودة إلى 6.75 جنيه من 5.50 جنيه، بزيادة 22.7 في المائة.
وذكرت الوزارة أن سعر البنزين 95 زاد إلى تسعة جنيهات للتر من 7.75 جنيه، بارتفاع 16.1 في المائة، وارتفع السولار إلى 6.75 جنيه للتر من 5.50 جنيه، بزيادة نحو 22.7 في المائة.
وكذلك ارتفع سعر أسطوانات غاز الطهي بنسبة 30 في المائة، ليزيد من 50 جنيها إلى 65 جنيها للاستخدام المنزلي ومن 100 جنيه إلى 130 جنيها للاستخدام التجاري.
بدوره، قال المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، إن «ما تردد في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي من أنباء حول اعتزام مصر الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي غير صحيح».
ونقل «إعلامي الوزراء» عن وزارة المالية، أمس، أن «مصر لا تسعى للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي بعد انتهاء برنامج القرض الحالي البالغ قيمته 12 مليار دولار»، مُشددة على «تحسن واستقرار الاقتصاد المصري بشكل ملحوظ بشهادة كل المؤسسات الدولية، ولا توجد حاجة للحصول على أي قرض جديد من الصندوق، وكل ما أُثير حول هذا الشأن إشاعات لا أساس لها من الصحة، لزعزعة الثقة بتعافي الاقتصاد المصري».
وأضاف أن «الاقتصاد المصري الآن في حال أفضل، وقد استعاد ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية، في ظل الإجراءات الإصلاحية التي أسهمت في تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، وزيادة تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية وارتفاع معدلات النمو والتشغيل».
بدورها، قالت وزارة التموين إن الحكومة لن «ترفع سعر رغيف الخبز المدعم وأسعار السلع التموينية بعد قرار تحريك أسعار الوقود»، وخاطبت المواطنين مؤكدة التزامها بـ«استمرار صرف رغيف الخبز المدعم للمواطنين على البطاقات بـ5 قروش دون أي زيادة، إضافة إلى صرف السلع التموينية المدعمة لأصحاب البطاقات التموينية بالأسعار نفسها دون زيادة، تيسيرا عليهم، ومراعاة لمحدودي الدخل».
وأوضحت أنَّها تتابع بشكل دوري مع الأجهزة الرقابية بالوزارة، ومديري مديريات التموين بالمحافظات، مدى التزام المخابز بصرف الحصة اليومية للمواطنين من الخبز المدعم بالأسعار المحددة، مؤكدة أنه يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين والمتلاعبين، كما يتم توقيع الغرامات والجزاءات اللازمة على المخابز التي لا تلتزم بالمواصفات المحددة لرغيف الخبز.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».