احتفالات سودانية باتفاق «تقاسم السلطة»... والتوقيع الاثنين

احتفالات سودانية باتفاق «تقاسم السلطة»... والتوقيع الاثنين
TT

احتفالات سودانية باتفاق «تقاسم السلطة»... والتوقيع الاثنين

احتفالات سودانية باتفاق «تقاسم السلطة»... والتوقيع الاثنين

احتفل آلاف السودانيين، في شوارع الخرطوم، ومدن أخرى، منذ فجر اليوم، بإعلان المجلس العسكري الانتقالي الحاكم و«قوى الحرية والتغيير»، التي تقود حراك الشارع، التوصُّل إلى اتفاق بتقاسم السلطة، وإعلان ترتيبات المرحلة الانتقاليّة المقبلة، التي تستمر لثلاث سنوات، وثلاثة أشهر، مع إرجاء تشكيل البرلمان الانتقالي إلى ثلاثة أشهر.
ويُنتظر أن يتم التوقيع على الاتفاق بشكله الرسمي بحضور رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وعدد من القيادات الإقليمية وممثلين من الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج) الراعية للسلام، والأمم المتحدة، يوم الاثنين المقبل، الثامن من يوليو (تموز) الحالي في أجواء احتفالية.
فبعد يومين من المفاوضات المكثفة، أكَّد وسيط الاتّحاد الأفريقي محمد الحسن لبات خلال مؤتمر صحافي، عُقد في الساعات الأولى من الصباح، أن المجلس العسكري وتحالف «إعلان قوى الحرّية والتغيير» اتفقا على «إقامة مجلس للسيادة بالتناوب بين العسكريين والمدنيين ولمدّة ثلاث سنوات قد تزيد قليلاً». كما اتفقا على «تشكيل حكومة كفاءات مستقلة»، تدير المرحلة الانتقالية. وأوضح لبات أنّ الطرفين اتفقا أيضاً على إجراء «تحقيق دقيق شفّاف وطني مستقلّ لمختلف الأحداث والوقائع العنيفة المؤسفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة».
وبحسب لبات «وافقت الأطراف أيضاً على إرجاء إقامة المجلس التشريعي والبتّ النهائي في تفصيلات تشكيله، حالما يتمّ قيام المجلس السيادي والحكومة المدنيّة»، في فترة لا تزيد على 3 أشهر.
وتم الاتفاق على تشكيل المجلس السيادي من 11 عضواً مناصفة «5+5» بالإضافة إلى شخص مدني مستقل ذي خلفية عسكرية، يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، كما نصّ الاتفاق على أن يتولى المجلس العسكري فترة الرئاسة الأولى لمدة 21 شهراً بما فيها الستة أشهر الأولى التي خُصِّصت لتحقيق السلام بالتفاوض مع الحركات المسلحة، على أن تتولى قوى الحرية والتغيير لمدة 18 شهراً من عمر الفترة الانتقالية التي ستعقبها إجراء انتخابات عامة.
وقال نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي)، متحدثاً بعد الوسيط الإثيوبي في المؤتمر الصحافي: «نودّ أن نطمئن كل القوى السياسية والحركات المسلحة وكل من شاركوا في التغيير، إلى أن هذا الاتفاق سيكون شاملاً لا يقصي أحداً ويستوعب كل طموحات الشعب السوداني بثورته»، متوجهاً بالشكر إلى المبعوثين الأفريقي والإثيوبي وإلى السعودية والإمارات، ولسفيري الولايات المتحدة، وبريطانيا، لدورهم الكبير في تقريب وجهات النظر، معرباً عن أمله في أن يحقّق الاتفاق التراضي بين جميع السودانيين من أجل وطن آمن وديمقراطي ومستقر.
ومن ناحيته، حيا عضو وفد «قوى الحرية والتغيير» في المفاوضات رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر يوسف الدقير، الشعب السوداني وترحم على أرواح الشهداء، وقال: «أهم أولويات الحكومة الانتقالية المقبلة الاهتمام بقضية السلام والتحقيق المستقل الشفاف للكشف عن قتلة الشهداء ومحاسبتهم».
وأضاف: «بعد ثلاثين عاماً من حكم (الإنقاذ) العضوض (حكم الرئيس المخلوع عمر البشير) استطاع السودانيون إثبات الحقيقة التاريخية الراسخة، وهي أن جذوة الحرية والكرامة لا تموت، وإن تراكم عليها الرماد وقد استطاعوا عبر حراك ثوري باسل وحضاري وسلمي أن يكسروا القيود ويفتحوا الأبواب لأنوار الحرية»، مؤكداً أن الاتفاق يفتح الطريق لتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية.
واتفق الطرفان على تشكيل لجنة وطنية مستقلة بدعم أفريقي للتحقيق في الأحداث الدامية التي وقعت في البلاد منذ الحادي عشر من أبريل (نيسان) الماضي، والهجوم على مكان الاعتصام أمام قيادة الجيش في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي. واتفق على أن تقوم «قوى الحرية والتغيير» بتشكيل حكومة من الكفاءات لتنفيذ البرنامج الاقتصادي الإسعافي ومهام الفترة الانتقالية، وتم الإبقاء على النسب المتفق عليها في تشكيل البرلمان بأن تنال قوى الحرية والتغيير 67 في المائة، 33 في المائة لبقية القوى الأخرى التي شاركت في الثورة ولكنها لم توقع على إعلان الحرية والتغيير.
وفور الإعلان عن التوصل إلى اتفاق، خرجت حشود من السودانيين المبتهجين إلى شوارع الخرطوم هاتفين: «حكم مدني»، في حين لم يكن هناك وجود للقوات الأمنية في الشوارع. وكانت الحشود تضرب على علب معدنية وزجاجات مياه بلاستيكية أثناء مسيرتهم في الشوارع الرئيسية في العاصمة مرددين شعارات ثورية.
وعلى موقع «تويتر»، شكك كثيرون بالاتفاق، وعبّر البعض عن خيبة أملهم، بينما حاول آخرون أن يكونوا واقعيين، فكتب أحدهم: «سياسياً وواقعياً ونظراً لأن الجيش والدعم السريع يمتلكون كل الوقت وكل السلاح، لا أعتقد بنجاح حلّ آخر للتقدم بالنسبة للمدنيين»، معتبراً أن الاتفاق «غير منصف للثورة».
ولم تتضح بعد الآليّة التي سيتمّ اعتمادها. ولكن وفقاً للخطّة الانتقاليّة التي أعدها الوسيطان الأفريقي والإثيوبي، سيرأس «المجلس السيادي» في البداية عسكري لمدّة 18 شهراً على أن يحلّ مكانه لاحقاً مدني حتّى نهاية المرحلة الانتقاليّة.
ورحّبت الإمارات بالاتفاق في السودان، داعيةً إلى «تأسيس نظام دستوري راسخ». وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة «نبارك للسودان الشقيق الاتفاق الذي يؤسس لانتقال سياسي مبشر».
وأضاف الوزير في تغريدته: «نقف مع السودان في العسر واليسر ونتمنى أن تشهد المرحلة القادمة تأسيس نظام دستوري راسخ يعزز دور المؤسسات ضمن تكاتف شعبي ووطني واسع».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.