تريزيغيه... «الجوكر» الذي سرق بعضاً من بريق صلاح

انتظرت مصر نجماً أوحد في بطولة كأس الأمم الأفريقية هو محمد صلاح، فأتاها مَن يشاركه الأضواء ويسرق بعضاً من بريقه. «تريزيغيه» اسم يتردد بكثافة على لسان المشجعين، مؤشراً إلى الجناح الشاب الذي يتوقع أن تكون البطولة القارية معبره نحو مستويات أعلى.
شغل محمود حسن تريزيغيه (24 عاماً) المصريين منذ انطلاق أمم أفريقيا على أرضهم في 21 يونيو (حزيران)، فقد تألق في المباراة الافتتاحية للبطولة بين مصر وزيمبابوي؛ حيث سدّد هدفاً من مجهود فردي، منح المنتخب أول 3 نقاط في المجموعة الأولى. وفي المباراة الثانية ضد الكونغو الديمقراطية، كان تريزيغيه مفتاح تسجيل صلاح أول أهدافه في البطولة بتمريرة حاسمة متقنة.
كما كان مع المدرب السابق للمنتخب الأرجنتيني هكتور كوبر، وبقي مع خلفه المكسيكي خافيير أغيري. الشاب ذو الوجه الطفولي الخجول المبتسم، شارك أساسياً في المباريات الثلاث للفراعنة في مونديال روسيا 2018، وفي أمم أفريقيا التي تستضيفها مصر حتى 19 يوليو (تموز).
لاعب نادي قاسم باشا التركي، الذي يشغل مركزاً مبدئياً هو الجناح الأيسر، مع تحركات دائمة نحو الوسط الهجومي، وتسلم الكرة من العمق، برز في البطولة، وحضر حين احتاج إليه زملاؤه.
تردد اسمه في التحليلات أو في مواقع التواصل، حتى اختياره أفضل لاعب في المباراة الثانية، لم يؤثرا على تواضع ابن بلدة كفر الشيخ (شمال القاهرة)، فقد ردّ بعد المباراة الثانية على تعليق مراسل إحدى القنوات الرياضية المصرية أنه الوحيد المستثنى من انتقادات المشجعين بالقول: «ما يجعلني جيداً هو أن اللاعبين الذين معي يساندونني، ويساند بعضنا البعض، والأهم أننا نفوز».
نشأ تريزيغيه في النادي الأهلي الذي دعم المنتخب بأسماء لا تحصى على مرّ تاريخه، وكنيته التي بات يعرف بها نسبة للمهاجم الفرنسي ديفيد تريزيغيه، لاعب المنتخب الوطني ويوفنتوس الإيطالي سابقاً.
ويقول النجم السابق عادل عبد الرحمن، الذي أشرف عليه في الأهلي وهو طفل في التاسعة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أسميناه تريزيغيه لأنه كان يرتدي قميصه في منتخب فرنسا. كان يلعب رأس حربة، يشبهه، ويحلق شعره بالكامل مثله».
يختصر عبد الرحمن مواطنه تريزيغيه بمفردة «الجوكر»، فهو «كان يتمتع بموهبة السرعة والمهارة، يعرف كيف يسجل، يمرر... يلعب في أي مكان بحسب احتياج الفريق».
وتابع عبد الرحمن: «إذا كان صلاح أهم لاعب في مصر، فتريزيغيه لا يقل أهمية، ولا سيما أنه الوحيد الذي لديه حلول فردية غير محمد صلاح، وهو في الوقت الحالي يشارك صلاح في نجومية أفضل لاعب في مصر».
وفي الملعب، شكّل تريزيغيه محور الحركة الهجومية للمنتخب المصري، معتمداً بشكل أساسي على مهارة في المراوغة وتخطي المدافعين، قبل التمرير نحو الهجوم إلى صلاح المتقدم يميناً، أو مروان محسن رأس الحربة الأساسي للفراعنة.
إحصاءاته في الدور الأول، بحسب الاتحاد المصري، كانت الأقرب إلى صلاح؛ تريزيغيه شارك في 3 مباريات (253 دقيقة)، نفذ 80 تمريرة، 64 منها صحيحة (80 في المائة) ونفذ 3 محاولات على المرمى. أما صلاح فشارك في 270 دقيقة (3 مباريات كاملة)، صنع 85 تمريرة، بينها 55 صحيحة (65 في المائة)، و9 محاولات على المرمى.
وقد دفع أداء ودور تريزيغيه في المنتخب المعلقين إلى الإشادة به، ومستخدمي مواقع التواصل إلى انتقاد الاتحاد الأفريقي لعدم إيراد اسمه في التشكيلة المثالية للدور الأول التي أعلنها الأربعاء.
تراوحت مسيرة تريزيغيه الاحترافية خارج مصر بين تجارب بلجيكية، أبرزها مع نادي أندرلخت الذي انتقل منه بشكل نهائي إلى قاسم باشا في صيف 2018. لكن المحللين المصريين، حتى أغيري، يرون في البطولة الحالية فرصة له للانتقال إلى نادٍ ودوري أقوى في أوروبا.
وقال أغيري، في مؤتمر صحافي بعد المباراة الأولى ضد زيمبابوي، التي سجل فيها تريزيغيه هدفه: «بطولة أمم أفريقيا تقام بمشاركة 24 منتخباً، وفي الصيف (وكلاهما للمرة الأولى)، لذا فكثير من الأشخاص من أوروبا هم هنا، يبحثون عن لاعبين جدد، عن وجوه جديدة، وبالطبع تريزيغيه يمكنه أن يكون أحد هذه الوجوه الجديدة».
وتابع: «هذه فرصة جيدة ليظهر للعالم قدرته على اللعب على أي مستوى»، مضيفاً: «بالطبع محمد صلاح هو الأبرز، لكن لدينا لاعبين آخرين أيضاً».
لكن تحسين شروط الاحتراف يبدو آخر ما يشغل بال تريزيغيه حالياً، فقد أجاب رداً على سؤال عما إذا كانت أمم أفريقيا فرصته لإظهار معدنه: «أنا لا أسوّق نفسي في البطولة. كل ما أريده هو أن أفوز بلقبها، لأنه لو فزت بالبطولة أكون قد رفعت اسم بلدي، وهذا بالنسبة إليّ أغلى من أي احتراف».