إسرائيل تدرس اقتراحاً لإعادة دفع الضرائب كاملة للسلطة الفلسطينية

تفادياً لانهيارها الاقتصادي

أطفال يلهون في حي فقير في غزة (أ.ف.ب)
أطفال يلهون في حي فقير في غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تدرس اقتراحاً لإعادة دفع الضرائب كاملة للسلطة الفلسطينية

أطفال يلهون في حي فقير في غزة (أ.ف.ب)
أطفال يلهون في حي فقير في غزة (أ.ف.ب)

كشفت مصادر في كل من تل أبيب ورام الله، أمس الخميس، أن وزير المالية، الإسرائيلي موشيه كحلون والفلسطيني شكري بشارة، بحثا في لقائهما الأخير الأسبوع الماضي، مشروعا لتسوية الخلاف بين الحكومتين حول قيام السلطة الفلسطينية بدفع رواتب شهرية لعائلات الأسرى والشهداء. وبموجب المشروع، تتخلى إسرائيل عن قرارها خصم قيمة هذه الرواتب البالغة 200 مليون شيقل (65 مليون دولار) من أموال الضرائب والجمارك.
وينص الاقتراح على مواصلة إسرائيل خصم هذه الرواتب ولكنها تعيد المبلغ بالمقدار نفسه إلى السلطة الفلسطينية عن طريق إعفائها من دفع جمرك على الوقود الذي تشتريه السلطة من إسرائيل، بالقيمة نفسها. ويعني ذلك عمليا أن تظهر إسرائيل كمن تخصم الأموال وتظل ميزانية السلطة الفلسطينية كما هي بلا خصم.
وقد وعد الوزير كحلون بدراسة هذا الاقتراح بشكل إيجابي مع رئيس وزرائه، بنيامين نتنياهو، وكذلك فعل الوزير الفلسطيني. وتم تسريب هذا التطور للإعلام في إسرائيل، أمس، لفحص رد الفعل الجماهيري. وقال مسؤول كبير في حكومة إسرائيل إن هذا التطور جاء ليمنع انهيار السلطة الفلسطينية اقتصاديا، مؤكدا أن انهيار السلطة سيكلف إسرائيل مبالغ أكبر بكثير من هذا المبلغ.
لكن اليمين المتطرف في إسرائيل رفض الاقتراح قبل أن يعرف نتائج البحث فيه. وقال الجنرال المتقاعد يوسي كوب فاسر، الرئيس السابق لقسم البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية والباحث في «المركز الأوروشليمي للأبحاث»، إن «تنازل إسرائيل عن موقفها يعتبر خطأ استراتيجيا. والتحذير من انهيار السلطة هو مجرد فزاعة لا أساس لها من الصحة. فالسلطة قادرة ماليا بشكل واضح، والدليل أنها رفعت مدفوعاتها للأسرى وعائلات الشهداء بنسبة 11 في المائة منذ مطلع السنة رغم أنها تزعم أن وضعها المالي صعب ومتأزم».
وقال كوبرفاسر، إن الأبحاث تشير إلى أن الرئيس الفلسطيني يستخدم هذا الموضوع لتخويف دول الغرب ومن خلاله تخويف إسرائيل. «لكن لا أحد يصدق أنه معني فعلا بانهيار السلطة. وكل ما هناك أنه يسعى لتحريض العالم على إسرائيل ورئيس حكومتها». غير أن مصدرا فلسطينيا فند أقوال كولر فاسر، قائلا إن «حكومة إسرائيل تدرك أنها ورطت نفسها وورطتنا في وحل مصطنع لم تكن له ضرورة من البداية. واليوم يسعى نتنياهو لإيجاد حل يخرجه من هذه الورطة. وهو يعرف أنه ما من حل سوى التخلي عن الخصم. وبالمقابل، لديه يمين متطرف أعمى يسعى بشكل مخطط لانهيار السلطة حتى يقضي على أي أمل في حل الدولتين ويجر المنطقة إلى صراع أبدي في إطار دولة واحدة».
وأكد المسؤول الفلسطيني أن الاقتراح الذي نوقش خلال اجتماع وزيري المالية الفلسطيني والإسرائيلي، يوم الأربعاء الماضي في القدس، حقق اتفاقا مبدئيا في هذا الشأن، وأن السلطة بانتظار الموافقة النهائية من إسرائيل خلال الأسابيع المقبلة. وأوضح أنه في حال الموافقة على الصفقة، فإن معدل نمو عجز الموازنة في السلطة الفلسطينية الناتج عن احتجاز أموال الضريبة سيتباطأ بمقدار الثلث، وسينخفض 200 مليون شيقل شهريا.
وأكد المسؤول في السلطة الفلسطينية أن القضية تكمن في إعطاء السلطة الفلسطينية فرصة لالتقاط الأنفاس خلال الأشهر المقبلة، ولكن إلى حد معين، معتبرا أن هذا الاتفاق لا يمثل حلا لأزمة أموال الضرائب، بل هو تعويض جزئي عن العجز في الميزانية، إذ سيبقى هناك نقص بقيمة 400 مليون شيقل ستبقى محتجزة لدى إسرائيل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.