3 ملفات «ساخنة» تنتظر الرئيس التونسي بعد تعافيه من وعكته

TT

3 ملفات «ساخنة» تنتظر الرئيس التونسي بعد تعافيه من وعكته

بعد الإعلان الرسمي عن تعافي الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي من الوعكة التي ألمت به نهاية الأسبوع الماضي، ومغادرته المستشفى العسكري بالعاصمة، ينتظر أن يحسم الرئيس السبسي في ثلاثة ملفات عاجلة وساخنة، على علاقة مباشرة بالوضع الأمني، والمحافظة على الانتقال الديمقراطي لتونس.
ومن المرتقب أن يسارع الرئيس بالتوقيع على قرار تمديد حالة الطوارئ في البلاد، التي تنتهي رسمياً اليوم الجمعة، وهو ملف لا يمكنه الانتظار بسبب التهديدات الإرهابية التي ما زالت تحدق بتونس، وآخرها العمليتان الإرهابيتان اللتان استهدفتا الخميس الماضي وسط العاصمة، وحادث التفجير الإرهابي قبل أيام.
كما يستعد الرئيس السبسي لإصدار أمر رئاسي بدعوة الناخبين للتوجه إلى مكاتب الاقتراع غدا السبت على أقصى تقدير، أي قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات البرلمانية، المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مثلما ينص على ذلك الدستور التونسي.
وعلى مستوى الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فإن الرئيس مطالب بالتوقيع على القانون الانتخابي في شكله الجديد قبل 22 من هذا الشهر، وهو موعد فتح أبواب الترشح للانتخابات البرلمانية، خصوصاً أن هذا القانون خلف جدلاً قوياً داخل الأوساط السياسية، ويطرح مجموعة من الشروط التي يفترض نشر تفاصيلها في الرائد الرسمي (الصحيفة الرسمية للدولة) حتى تجد طريقها للتنفيذ.
وينص هذا القانون الانتخابي على إقصاء رؤساء المؤسسات الإعلامية والجمعيات الأهلية من الترشح إلى الانتخابات، بحجة احتمال استغلالهم لهذه الفضاءات الإعلامية للدعاية السياسية، وتوجيه العمل الإنساني التطوعي بهدف الحصول على أصوات الناخبين.
ولا يزال هذا القانون يثير جدلاً سياسياً حاداً، وهو ما دفع 51 نائباً برلمانياً، معظمهم من أحزاب المعارضة، إلى الطعن في هذا التعديل لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، وهو ما قد يدفع بدوره الرئيس إلى رفض هذا القانون، ويأمر بإعادة عرضه على البرلمان للتصويت من جديد، وإذا ما حدث ذلك فإن هذه الخطوة ستتطلب مزيداً من الوقت.
في غضون ذلك، وعلى الرغم من تأكيد السلطات الرسمية تعافي الرئيس واستئنافه نشاطه المعهود، فقد واصل عدد من التونسيين فعاليات حملتهم تحت عنوان «من حقنا أن نعرف»، وهي حملة تم إطلاقها للمطالبة بإعطاء توضيحات رسمية للمواطنين حول الحالة الصحية لرئيس الجمهورية، ومدى انعكاس ذلك على منصبه وقدرته على ممارسة صلاحياته الدستورية.
ويشدد المشاركون في هذه الحملة على ضرورة أن «يستند الإعلام المحلي على وثائق طبية، يتم عرض محتواها على العموم، بما يحفظ كرامة رئيس الجمهورية والسر الطبي، ومن حقنا كتونسيين الحصول على المعلومة». وفي هذا الشأن قال زهير المغزاوي، رئيس حزب «حركة الشعب» المعارض، إن الطاقم الطبي المشرف على الحالة الصحية لرئيس الدولة، ووزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي، باعتباره المشرف الأول على المستشفى العسكري: «مطالبون بتقديم تقرير طبي واضح حول صحة الرئيس. ومن غير المعقول أن يقدم نجل الرئيس حافظ قائد السبسي معطيات حول صحة رئيس الدولة للتونسيين، وألا تقدم لهم معلومات دقيقة حول أحد أهم رموز السلطة في تونس».
وأضاف المغزاوي أن عدداً من نواب البرلمان يستعدون لتوجيه طلب رسمي إلى وزير الدفاع لتقديم معطيات إضافية وكافية أمام أعضاء البرلمان حول صحة الرئيس، حتى يتم القطع نهائياً مع التأويلات والإشاعات التي رافقت تعرض الرئيس التونسي لوعكة صحية حادة.
على صعيد آخر أعلن سليم العزابي، الأمين العام لحزب «حركة تحيا تونس»، الذي يترأسه رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، أن الحزب سيخوض الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من أكتوبر المقبل بقوائم انتخابية مستقلة، وذلك بعد فشل دعوته أحزاب سياسية قريبة من توجهاته لتشكيل تحالفات انتخابية.
وأوضح العزابي خلال أول اجتماع للهيئة السياسية للحزب، أن الكتلة البرلمانية التابعة لحركة «تحيا تونس» ستطرح قريباً مسألة المحكمة الدستورية داخل هياكل البرلمان، باعتبارها أولوية لمواجهة التحديات السياسية، على حد قوله. كما كشف العزابي كذلك عن قرب تغيير اسم الكتلة البرلمانية الممثلة للحزب من كتلة «الائتلاف الوطني» إلى كتلة «تحيا تونس»، وذلك لتأكيد الانسجام بين تسمية الحزب، واسم الكتلة البرلمانية الممثلة له في البرلمان.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.