الأكراد يرفضون انضمام البيشمركة إلى «الحرس الوطني»

خلافات حول حقيبتي الدفاع والداخلية أولى عقبات حكومة العبادي

الأكراد يرفضون انضمام البيشمركة إلى «الحرس الوطني»
TT

الأكراد يرفضون انضمام البيشمركة إلى «الحرس الوطني»

الأكراد يرفضون انضمام البيشمركة إلى «الحرس الوطني»

أكد سياسيون أكراد أمس أنه لا يمكن انخراط قوات البيشمركة ضمن تشكيلات الحرس الوطني العراقي الذي أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تشكيله بدعم أميركي، عادين أن «البيشمركة قوات خاصة بإقليم كردستان»، مبينين في الوقت ذاته استعداد الجانب الكردي للمشاركة في تشكيل جيش عراقي جديد مبني على أسس وطنية. ويأتي ذلك في وقت يواصل فيه العبادي مشاوراته حول تسمية وزيري الدفاع والداخلية ومن ثم العمل على إعادة هيكلة القوات العراقية بالاتفاق مع الأميركيين.
وقال فرحان جوهر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في برلمان إقليم كردستان لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعد هذه الخطوة خطوة جيدة من قبل الحكومة العراقية، فتأسيس جيش وطني أمر جيد وضروري للعراق إذا لم تؤسس على أسس طائفية أو مذهبية، أما الإقليم فإنه يملك قوات البيشمركة التي وبحسب الدستور العراقي ذكرت بقوات حرس الإقليم، وقد تعهد رئيس الوزراء العبادي في برنامجه الذي قدمه للبرلمان بتسليح وتدريب قوات البيشمركة وضمها إلى منظومة الدفاع العراقية، وهذا هو المهم بالنسبة لنا».
وتابع جوهر أن «إقليم كردستان أصبح الآن جزءا من التحالف الأميركي لمواجهة داعش في كل مكان من المنطقة خاصة في العراق وسوريا، وقوات البيشمركة جزء من هذا التحالف الدولي»، وهي الآن تخوض الحرب ضد الإرهاب في المنطقة. ولفت إلى ضرورة أن «يكون للأكراد دور بارز في تأسيس هذا الجيش الوطني في العراق».
ومن جانبه، قال قادر وتمان عضو لجنة البيشمركة في برلمان إقليم كردستان لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش العراقي الحالي يحتاج إلى روح الانتماء للوطن، وهو غني من حيث العدد والإمكانية المالية، لكنه يعاني من سوء التوجيه، ويجب أن تبنى القوات الجديدة التي تطلق عليها قوات الحرس الوطني على الانتماء للوطن بالدرجة الأولى وهذا يحتاج إلى الحفاظ على موازين القوى في تأسيسها بين كافة مكونات العراق، بحيث يكون للأكراد دور بارز داخل هذه القوة».
وأشار وتمان إلى أن الأكراد سيساهمون في بناء الجيش العراقي الوطني، «لكن يجب أولا على الحكومة العراقية أن تنفذ كافة التزاماتها الدستورية أمام قوات البيشمركة»، مطالبا بغداد بـ«تدريب وتسليح قوات البيشمركة وتوفير كافة المعدات العسكرية لها، وعدم إعادة السيناريوهات السابقة للجيش العراقي». وأكد أن «قوات البيشمركة لن تصبح جزءا من قوات الحرس الوطني التي ستشكلها الحكومة العراقية بدعم من واشنطن، لأن قوات البيشمركة قوات خاصة بإقليم كردستان، والإقليم يحتاج إلى هذه القوة كالأقاليم الأخرى الموجودة في العالم».
بدوره يرى شوان محمد طه النائب السابق في لجنة الأمن والدفاع بمجلس النواب العراقي، أن المنظومة الأمنية العراقية بحاجة إلى إعادة النظر من ناحية الهيكلية والعقيدة. وقال طه لـ«الشرق الأوسط»: «إن عملية إعادة النظر التي أشرت إليها تحتاج إلى وقت، فإذا اعتمدت الحكومة العراقية على المادة التاسعة من الدستور، التي تتكون من فقرتين، الأولى تنص على بناء جيش يضم كافة مكونات أبناء الشعب حسب التوازن الوطني، والثانية تنص على عدم زج الجيش في الأمور السياسية، وهذا يحتاج إلى عقيدة عسكرية ووطنية، إلى جانب أن الدستور العراقي أعطى صلاحية إدارة الملف الأمني لكل محافظة من محافظات العراق، ويجب على الحكومة تسليم الملف الأمني للمحافظة إلى مجلس المحافظة، وقد ورد هذا في قانون مجالس المحافظات وكان من الأجدر على الحكومة الاعتماد على أبناء المحافظات لمسك الأرض لأنهم أدرى بمحافظاتهم ».
ومضى طه بالقول: «أما بالنسبة لقوات البيشمركة، فقد ذكرت بقوات حرس الإقليم في الدستور العراقي، وهي لن تنخرط في هذه القوات، لكننا نضع الحكومة العراقية أمام خيارين، الأول إما أن تسلح وتدرب قوات البيشمركة وقوات الأمن والشرطة في الإقليم، والثاني أن تفسح أمام الإقليم المجال بأن تبرم عقود تسليح وتدريب وتأهيل قوات البيشمركة بنفسه».
وفي بغداد، بدأ العد التنازلي لتعهد رئيس الوزراء العراقي الجديد بحسم حقيبتي الدفاع والداخلية اللتين بقيتا شاغرتين عقب نيل حكومته الثقة من البرلمان العراقي الاثنين الماضي. وأكد العبادي التزامه بالبرنامج الحكومي الذي لم تصادق عليه كتلة التحالف الكردستاني في بيان صادر عن مكتب وعلى هامش استقباله زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم أمس. وقال البيان: «العبادي أكد التزامه بالبرنامج الحكومي الذي قدمه»، مشددا على ضرورة «تعاون الجميع وتضافر الجهود من أجل مواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية والسير بالبلد إلى بر الأمان».
في سياق ذلك ومع بقاء 6 حقائب وزارية دون حسم حتى الآن لأسباب بدت إجرائية لبعضها مثل «السياحة والآثار والموارد المائية والهجرة والمهجرين والمرأة» فإن الحقيبتين الأهم وهما الدفاع والداخلية لا تزالان تمثلان التحدي الأكبر بالنسبة للعبادي لا سيما أن العراقيين لا يريدون تكرار تجربة السنوات الماضية على عهد حكومة نوري المالكي حيث بقيت حقيبتي الدفاع والداخلية تداران بالوكالة من قبل المالكي نفسه. العبادي بحث مساء أول من أمس مع وفد مشترك من التحالف الوطني (الشيعي) وتحالف القوى العراقية (السني) المرشحين لهاتين الحقيبتين واللتين كان للخلاف الأميركي - الإيراني دور بارز فيهما. وفي هذا السياق قال السياسي العراقي عزت الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أمر وزارتي الدفاع والداخلية مختلف عن ملف الوزارات الأخرى حيث جرت إدارة هذا الملف بالوكالة بين الإيرانيين والأميركان عن طريق وكلائهما في كلتا الكتلتين»، مشيرا إلى أنه «في الوقت الذي تمكنت فيه الولايات المتحدة من انتزاع وزارة الدفاع من التحالف الشيعي الذي كان يسعى إليها بتأثير إيراني وترشيح (قائد منظمة بدر) هادي العامري لها فإنها نجحت ثانية في أن تضع فيتو مستمرا على العامري حتى حين رشح إلى حقيبة الداخلية التي أصبحت من حصة التحالف الوطني». ويرى الشابندر أن «التحالف السني لديه مرشحان كلاهما مقبول وهما خالد العبيدي (عسكري سابق) وجابر الجابري (طبيب) وربما الكتلة السنية حسمت أمرها باتجاه أحدهما وتنتظر حسم الكتلة الشيعية أمرها مع بديل العامري في وزارة الداخلية مع بقاء الحقيبة من حصة بدر وهو أمر لا يزال يثير حفيظة الأميركيين ولكنه يحظى بدعم إيران».
العبادي الذي كان حسم خلافه مع حسين الشهرستاني (وزير التعليم العالي) الذي كان مصرا على تولي الخارجية بدلا من إبراهيم الجعفري يواصل لقاءاته مع التحالف الوطني الذي ينتمي إليه لحسم مرشح الداخلية في غضون الساعات الثماني والأربعين المقبلة. والناطق السابق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العبادي يختلف عن المالكي كثيرا حيث إن الرجل تكنوقراط ومنفتح ومرن على الرغم من أن هناك وزراء فرضوا عليه وعليهم الكثير من علامات الاستفهام ولكن هذه هي إحدى المشكلات التي لا يستطيع أي رئيس وزراء في ظل سياسة المحاصصة الخلاص منها».



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».