جولات باسيل تولّد أزمات وتيّاره يضعها ضمن «سياسة الانفتاح»

أشرف ريفي وصفه بـ«سائح الفتنة» وفارس سعيد اعتبره «عصا بيد حزب الله»

من جولة الوزير باسيل الأخيرة في منطقة المتن وإلى جانبه الوزير إلياس أبو صعب والنائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)
من جولة الوزير باسيل الأخيرة في منطقة المتن وإلى جانبه الوزير إلياس أبو صعب والنائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)
TT

جولات باسيل تولّد أزمات وتيّاره يضعها ضمن «سياسة الانفتاح»

من جولة الوزير باسيل الأخيرة في منطقة المتن وإلى جانبه الوزير إلياس أبو صعب والنائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)
من جولة الوزير باسيل الأخيرة في منطقة المتن وإلى جانبه الوزير إلياس أبو صعب والنائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)

يستكمل رئيس «التيّار الوطني الحرّ» وزير الخارجية جبران باسيل تحضيراته لزيارة مدينة طرابلس (شمال لبنان) ضمن جولاته التي تشمل كلّ المناطق، رغم أن هذه الزيارة تواجَه باعتراض سياسي وشعبي.
وقبل أيام من زيارة طرابلس المقررة يوم الأحد المقبل، أخذت موجة الاعتراض تتنامى، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي المواقف السياسية، وهو ما عبّر عنه وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي، في تصريح وصف فيه باسيل بـ«سائح الفتنة» وقال: «طرابلس لا تضع فيتو على الوافدين إليها ومن حقّ أيٍّ كان أن يزورها ويتجوّل فيها بشكل طبيعي، لكن ما يفعله باسيل (سياحة فتنة) وندعوه أن يجنّب البلد والمدينة الإحراج».
وأدت زيارات باسيل للمناطق أكثر من أزمة، بدءاً من جولته في البقاع الغربي، والكلام الذي نُقل عنه وهاجم فيه «السنيّة السياسية» واعتبر أنها «أتت على جثّة المارونية السياسية»، ثم زيارته لمدينة بعلبك التي واجه فيها اعتراضات من بعض الأهالي والمواطنين الذين اتهموه بازدواجية الخطاب، إذ ينادي بالوحدة والمساواة بين اللبنانيين، في حين يمنع صدور مراسيم التحاق عشرات الشباب بوظائفهم، رغم فوزهم في امتحانات الدخول إلى الإدارات الرسمية بحجة غياب التوازن الطائفي، وصولاً إلى زيارته الأخيرة للجبل، وإطلاقه خطابات تذكّر بالحرب الأهلية.
ورفض مصدر في «التيار الوطني الحرّ» ما يُحكى عن توظيف سياسي لزيارات باسيل. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس «التيار»، «يزور كلّ المناطق، للقاء المحازبين والمناصرين والأهالي، والاستماع إلى مطالبهم، خصوصاً أن للتيار مكاتب في جميع المناطق»، مشيراً إلى أن «الزيارات تأتي في سياق الانفتاح على الجميع والتواصل مع كلّ الفئات والطوائف، خصوصاً أن التيار يضم محازبين وكوادر من مختلف الطوائف وليس حزباً مسيحياً فقط».
ويؤكد المصدر في «التيار» الحرّ، أن زيارة باسيل لطرابلس «لا تزال في موعدها (الأحد المقبل)، وهي مخصصة للاجتماع بمنسقي التيار هناك ولقاء بعض فاعليات المدينة»، مشيراً إلى أن «قيادة التيار تستكمل وضع برنامج الزيارة التي لم يطرأ أي تعديل على موعدها حتى الآن». وقال المصدر: «زيارة طرابلس ستحصل سواء كان الأحد أو في موعد لاحق إذا اقتضى الأمر تأجيلها».
لكنّ شخصيات سياسية معارضة لباسيل تعبّر عن مواقف مختلفة، ويعد منسّق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن باسيل «ليس إلا عصا في يدّ (حزب الله) يستخدمها لضرب الدروز والسنة وجزء من الشيعة واتفاق الطائف، مقابل مكاسب سياسية يحصل عليها، ووعود تؤهله لوراثة ميشال عون في رئاسة الجمهورية».
وقال سعيد: «المستفيد الوحيد من الأحداث التي تسببها زيارات باسيل للمناطق هو (حزب الله)، ليقدّم خطاباً سياسياً يقول فيه إن لبنان يعاني أزمات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية، وإن النظام القائم منذ عام 1989، أي اتفاق الطائف، هو سبب هذه الأزمات ولا يحتوي على آلية لتوليد الحلول». وسأل سعيد: «ماذا تعني محاصرة وليد جنبلاط في الجبل، ومحاصرة سعد الحريري في بيروت وطرابلس والبقاع الغربي، ومحاولة تحجيم (رئيس مجلس النواب) نبيه برّي، أحد أركان السلطة الداعمين لـ(الطائف)؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.