النائب حمادة: الجبل ليس مغلقاً أمام أحد وباسيل يسعى إلى إلغاء الآخرين

قال لـ«الشرق الأوسط» إن هناك مسلسلاً من التحريض على وليد جنبلاط

TT

النائب حمادة: الجبل ليس مغلقاً أمام أحد وباسيل يسعى إلى إلغاء الآخرين

أبدى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة أسفه لما جرى من أحداث في منطقة الجبل الأحد الماضي، ووجّه سؤالاً إلى وزير الخارجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، حول «الأهداف الكامنة وراء هذه الزيارة الفتنوية والتي سبقتها خطابات التحريض ونبش القبور والعودة إلى مراحل الحرب، وكأن مصالحة الجبل في مخيلة باسيل لم تحصل».
وشدد حمادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «ما جرى ليس من قبيل الصدفة، بل هناك مسلسل من التحريض والاستهدافات التي تطال (النائب السابق) وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، والسعي إلى القبض على مقدرات الدولة من قبل الفريق الحاكم». وعدّ حمادة أن باسيل تحديداً «لم يقرأ التاريخ ولا الجغرافيا ولا التوازنات السياسية والطائفية والميثاقية، ويريد الانقضاض على كل المناطق كما حاول في زغرتا وبشري وسائر المناطق من خلال الغرور والاستعلاء، دون أن يدرك تاريخ الجبل وتوازناته وتاريخ المختارة ودورها الوطني والعربي»، مشيراً إلى أن «ما قام به وزير الخارجية من تمرد وتطيير جلسة مجلس الوزراء على خلفيات نواياها مبيتة، يذكرنا يوم أسقطت حكومة الحريري عام 2011 من الرابية عبر البيان الذي تلاه باسيل آنذاك، لكن حكمة الرئيس سعد الحريري امتصت هذا الغرور والتعطيل من أجل الحفاظ على البلد ووحدته».
وعن سبب منع باسيل من الوصول إلى حيث يريد في الجبل، قال حمادة: «مناطق الجبل ليست مغلقة ولا أبواب المختارة، فالمصالحة التاريخية تمت بين الكبار والمتخاصمين في الحرب المؤسفة التي حصلت في حقبة الثمانينات، وذلك برعاية البطريرك الراحل نصر الله صفير، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكل الأحزاب المسيحية؛ وتحديداً (القوات اللبنانية)، إنما باسيل لا يقدر الخصوصيات، ولا يعترف بالزعامات والتاريخ، فيسعى لإلغاء الآخرين، ويحاول أن يستعيد حرب الإلغاء بطريقة ما لعله يصل إلى رئاسة الجمهورية، محولاً وزارة الخارجية من تاريخ دبلوماسي عريق إلى مركز حزبي وقاعدة للدفاع عن النظام السوري وإيران والحوثيين و(الحشد الشعبي) وحلفائهم في لبنان. فنحن في الجبل أهل الشهامة والكرم، ونرحب بالضيوف ونعتبرهم أهلنا، إنما هل يعقل أن يصعد إلى الجبل من ينبش القبور ويفتح دفاتر الماضي ويحرض على الفتنة؟!».
وعن كلام الوزير محمود قماطي في خلده وغمزه من قناة الحزب التقدمي الاشتراكي بأنه ميليشيا، سأل حمادة: «هل (حزب الله) جمعية خيرية؟ أم إن مآثره وصلت إلى المشاركة في الحرب السورية وفي (الحشد الشعبي) العراقي ومع الحوثيين وفي معظم دول العالم؟ الحزب الاشتراكي كان أول من سلم سلاحه للشرعية وانخرط في (الطائف) ويحتكم إلى الدولة والمؤسسات الشرعية والقضاء».
وخلص النائب مروان حمادة إلى أنّ «مصالحة الجبل التاريخية مستمرة ومتماسكة، ولن يدنسها أي طارئ، ولا خوف على المسيحيين؛ فهم بين أهلهم وفي قراهم وبلداتهم، مرتاحو البال، وليدعهم من يحرض ويستفز الدروز والمسيحيين في آن، في أمان واطمئنان»، كما شدد على «وحدة الصف الدرزي التي هي من المسلمات»، وقال إن وليد جنبلاط «حريص على كل أهل الجبل لأي حزب وتيار وعائلة انتموا، فكفى تحريضاً من البعض وصراخاً وضجيجاً»، مضيفاً أنّ «المساعي للتهدئة في الجبل جارية على قدم وساق، والاتصالات التي يقوم بها العقلاء وفي طليعتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والمشايخ، مستمرة لما فيه خير الجبل والبلد، وبالتالي الحفاظ على (اتفاق الطائف) الذي هو أيضاً خط أحمر، حيث يسعى البعض لنسف هذا الاتفاق، ومحاولاتهم لهذا الغرض غير بريئة لأهداف معروفة وعلى صلة بسياق استهداف المملكة العربية السعودية والحملات التي تطالها من أعوان النظام السوري وطهران في لبنان».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.