أوروبا تحث إيران على التراجع والامتناع عن تقويض الاتفاق النووي

ماكرون حذرها من نسف التزاماتها... وأطراف الاتفاق تتمهل في تفعيل آلية فض النزاع

وزراء خارجية ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا
وزراء خارجية ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا
TT

أوروبا تحث إيران على التراجع والامتناع عن تقويض الاتفاق النووي

وزراء خارجية ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا
وزراء خارجية ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا

حث وزراء خارجية فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك، إيران على التراجع عن زيادة مخزون اليورانيوم المخصب فوق سقف الاتفاق النووي، والامتناع عن إجراءات أخرى تقوض الاتفاق النووي.
وقال البيان الأوروبي المشترك بشأن إيران: «نأسف لقرار إيران الذي يثير شكوكاً فيما يتعلق بوسيلة أساسية لمنع الانتشار النووي»، مضيفاً: «نحث إيران على التراجع عن هذه الخطوة والامتناع عن أي إجراءات أخرى تقوض الاتفاق النووي».
ولم تنفع التحذيرات التي أطلقتها الدول الأوروبية الثلاث «ومعها أيضاً روسيا والصين» في ردع إيران عن تنفيذ تهديداتها بالتخلي تدريجياً عن بعض التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم صيف عام 2015.
ورغم الاجتماع الذي استضافته فيينا قبل أربعة أيام بحضور الدول الخمس الموقعة على الاتفاق «باستثناء الولايات المتحدة التي خرجت منه قبل أكثر من عام»، والذي كان غرضه حث طهران على البقاء داخل الاتفاق بالكامل، وتأكيد وزيرة الخارجية الأوروبية فدريكا موغيريني أن الآلية المالية «إينستكس» أصبحت جاهزة، وأن أولى العمليات أصبحت قيد الدرس، إلا أن الجانب الإيراني ضرب بالنصائح الأوروبية وغير الأوروبية عرض الحائط.
وسبق لباريس، على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية جان إيف لودريان، أن حذرت إيران من ارتكاب «خطأ فادح» بتجاوزها التزاماتها. وكذلك فعلت بريطانيا وألمانيا، إلا أن كافة هذه النصائح لم تثن طهران عن تنفيذ وعيدها بتجاوز سقف الـ300 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب لكن مع التأكد أنها مستعدة للتراجع إذا ما نفذ الأوروبيون التزاماتهم.
حقيقة الأمر أن الخطوة الإيرانية تحرج بالدرجة الأولى باريس ولندن وبرلين الواقعة بين المطرقة الأميركية والسندان الإيراني. بيد أن «الأمر الواقع» الجديد الذي فرضته إيران وجوبه بتنديد واسع بما في ذلك من روسيا والصين لن يمنع الأوروبيين من التحرك مجدداً ومواصلة جهودهم لإقناع إيران بألا تتجاوز «الخطوط الحمراء». والدليل على ذلك ما صدر أمس عن قصر الإليزيه عقب الاتصال الهاتفي بين ماكرون والرئيس دونالد ترمب. وأهم ما ورد في البيان، إلى جانب التعبير عن «القلق» للنبأ الذي أكدته الوكالة الدولية للطاقة النووية حول تجاوز إيران لسقف الـ300 كلغ، ثلاثة أمور: الأول، دعوة طهران «للعودة من غير تأخير» عن تخطي سقف مخزونها من اليورانيوم، وثانيها «الامتناع عن أي تدابير إضافية من شأنها أن تنسف التزاماتها النووية». وثالثها، تأكيده أنه «سيواصل في الأيام المقبلة الجهود التي بدأها من أجل أن تلتزم إيران تماماً بواجباتها، وأن تستمر في الاستفادة من المنافع الاقتصادية التي يوفرها الاتفاق».
أهمية كلام ماكرون أنه جاء بعد محادثته الهاتفية مع ترمب. وليس سراً أن الأول كان «يطمع» بالاجتماع ثنائياً بالرئيس الأميركي على هامش قمة أوساكا لمجموعة العشرين. لكن هذا اللقاء المطلوب فرنسياً لم يتم لأسباب لم يوضحها أي من الجانبين. وكان غرض ماكرون أن يتباحث مع ترمب في «مقترحات» فرنسية لخفض التصعيد في مرحلة أولى، ثم من أجل «إيجاد الإطار» الملائم الذي من شأنه أن يوفر الفرصة لعودة التواصل بين الطرفين.
ومما تسرب، أن ماكرون كان سيطلب من ترمب «تجميد» أو «تعليق» أو «تأجيل» العمل بمجموعة من العقوبات الأخيرة التي فرضها على المرشد الأعلى وفريقه، أو تلك التي كان ينوي فرضها على الوزير محمد جواد ظريف. وبالمقابل، كان سيطلب من الرئيس روحاني الذي هاتفه قبل زيارته لليابان أن «يؤجل» العمل بالتهديدات التي أطلقتها طهران، وأولها خرق سقف الـ300 كلغ لليورانيوم ضعيف التخصيب، وخصوصاً الامتناع عن زيادة نسب التخصيب، وأخيراً صرف النظر عن العودة إلى العمل بمنشأة أراك لإنتاج المياه الثقيلة.
وكانت إيران، قبل الاتفاق قد نجحت في تخصيب اليورانيوم إلى أقل من 20 في المائة بقليل. وثمة اجتماع بين الخبراء أن من ينجح في الوصل إلى هذه النسبة قادر على الوصول إلى نسب أعلى، علماً بأن إنتاج القنبلة النووية يحتاج إلى تخصيب بحدود 90 في المائة.
ووفق معلومات مصادر دبلوماسية أوروبية، فإن الخروج التدريجي لإيران يتضمن في مرحلة لاحقة لأمرين إضافيين: زيادة عدد الطاردات المركزية المسموح لها بنشرها وتركيب الجيل الرابع من هذه الطاردات الأسرع، وبالتالي الأكثر قدرة على إنتاج اليورانيوم المخصب.
منذ زمن بعيد، كان الأوروبيون يحذرون طهران من أن الإخلال بالتزاماتها سيدفعهم إلى التخلي عن جهودهم لدعم الاتفاق النووي؛ لأن جهوداً كهذه ستكون من غير معنى. واليوم أضيف إلى ذلك، في حال استمرت إيران في صم أذنيها عن النصائح الأوروبية، التخلي أيضاً عن دفع الآلية المالية «إينستكس» إلى الأمام، علماً بأن طهران جعلت من فاعلية هذه الآلية الأوروبية «ما يعني أن تمكنها من الالتفاف حقيقة على العقوبات الأميركية بما في ذلك بيع نفطها» الشرط الرئيسي لعدم الخروج من الاتفاق. ولذا؛ فالسؤال المطروح على العواصم الأوروبية الثلاث اليوم يتناول تحديداً مستقبل الجهود التي تبذلها من أجل تفعيل هذه الآلية التي لم يتم من خلالها حتى اليوم أي عملية تجارية أو غير تجارية. أما السؤال الآخر، فيتناول ما جاء في بيان الإليزيه، وتحديداً طبيعة ومصير الجهود التي ينوي الرئيس الفرنسي بذلها مع إيران لتحقيق المطالب التي طرحها وملخصها دفعها إلى عدم خرق الاتفاق الذي وقعت عليه رغم العقوبات الأميركية و«الضغوط القصوى».
تقول المصادر الدبلوماسية الأوروبية، إن إيران لا تملك سوى ورقتين تلوح بهما مقابل هذه الضغوط: الأولى هي التصعيد «الميداني» في الخليج وثانيها الورقة النووية. لكنها في الوقت عينه تشير إلى أن إيران «مستعدة» للعودة على التجاوزات، كما أنها تشدد تعلى أنها لم تنتهك بنود الاتفاق، بل إن وزير خارجيتها تذرع بفقرتين من الاتفاق تقولان إنه إذا «تجاوز» أحد الفرقاء مضمونه، فإن للطرف الآخر الحق في التخلي عن بعض التزاماته.
أما الأمر الآخر الذي تتوقف عنده هذه المصادر، فهو نظرتها إلى أن تخطي سقف الـ300 كلغ «عمل رمزي أكثر. مما هو شيء آخر». ولا تبدو البلدان الأوروبية اليوم فاقدة للأمل، وأنها ترغب في «إعطاء فرصة» جديدة لإيران حتى السابع من الشهر الحالي، وهو التاريخ الذي حددته طهران من أجل خطوتها الثانية في التخلي عن التزامين نوويين أساسيين.
يؤكد الخبر الذي جاءت به «رويترز» نقلاً عن مصدرين دبلوماسيين أوروبيين هذا التوجه. ونقلت الوكالة، أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا لن تفعل في الوقت الراهن آلية فض النزاع الواردة في القرار 2231 الصادر من مجلس الأمن بعد إعلان الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015، التي قد تؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وبحسب أحد المصدرين، فإن مسعى الأوروبيين اليوم هو «نزع فتيل الأزمة» في حين ركز الآخر على أن القوى الثلاث سوف تتركز على حمل إيران على العودة للالتزام بالاتفاق، وأنها تريد كسب مزيد من الوقت للحوار. وبحسب مصدر رئاسي فرنسي، فإنه «استناداً إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية نريد أن يُنظر لمسألة تجاوز الحد المسموح به للمخزونات في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة»، أي للاتفاق النووي. كذلك، شدد أحد الدبلوماسيين على الحاجة إلى عقد اجتماع وزاري للدول الخمس التي اجتمعت مؤخراً في فيينا، وأن الحاجة إلى هذا الاجتماع أصبحت اليوم حتمية.
يبقى أن الأوروبيين ليسوا وحدهم في الملعب وهناك الرئيس ترمب الذي حذر من أن إيران «تلعب بالنار». فهل سيكون مستعداً لانتظار ما ستفزره الاتصالات الأوروبية، علماً بأن الأوروبيين ليس لديهم الكثير مما يقدمونه؛ فإيران التي تريد بالدرجة الأولى تصدير نفطها والبقاء في الدورة المالية العالمية ما يبدو صعب التحقيق، وفق اعتراف الأوروبيين أنفسهم.



استقالة بن غفير ووزيرين آخرين من حكومة نتنياهو احتجاجاً على اتفاق غزة

الوزير الإسرائيلي المتشدد بن غفير (إ.ب.أ)
الوزير الإسرائيلي المتشدد بن غفير (إ.ب.أ)
TT

استقالة بن غفير ووزيرين آخرين من حكومة نتنياهو احتجاجاً على اتفاق غزة

الوزير الإسرائيلي المتشدد بن غفير (إ.ب.أ)
الوزير الإسرائيلي المتشدد بن غفير (إ.ب.أ)

أعلن حزب «القوة اليهودية» الذي يترأسه وزير الأمن الوطني الإسرائيلي المنتمي إلى أقصى اليمين إيتمار بن غفير استقالة زعيمه ووزيرين آخرين من أعضاء الحزب من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسبب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ولم يعد الحزب ضمن الائتلاف الحاكم لكنه قال إنه لن يحاول إسقاط حكومة نتنياهو.