يثير قرار صدر عن مجلس الوزراء العراقي بمنح أكثر من مائة ألف دونم من الأراضي الزراعية المحيطة بمطار بغداد الدولي فيما يعرف بحزام بغداد إلى الاستثمار لشركة أجنبية دون مراعاة واقعها السكاني قلقا شعبيا وحراكا برلمانيا لوقفه وسط مخاوف من أن غايته إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة التي تسكنها عشائر سنية.
وكان قرار تحويل هذه الأراضي التي يسكن غالبيتهم هذه المناطق منذ العهد العثماني ولديهم سندات تمليك أصولية قد اتخذ خلال الفترة الانتقالية بين دورتي رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والحالي عادل عبد المهدي وهي الفترة التي صدرت خلالها عدة قرارات قرر عبد المهدي إيقافها بهدف إعادة تدقيقها. وتشمل هذه الصفقة القصور الرئاسية الملاصقة للمطار فضلا عن منشآت حكومية وأهلية أخرى.
وأكد عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، عمار الشبلي، أن منح استثمار الأراضي الزراعية المحيطة بمطار بغداد الدولي ستهجر آلاف المواطنين قسرا.
وقال الشبلي في مؤتمر صحافي مشترك عقده في مبنى مجلس النواب مع النائبة زيتون الدليمي أمس إن «منح تلك الأراضي على سبيل الاستثمار إنما هو في الواقع بمثابة تهجير قسري لآلاف المواطنين في مساحة 105 آلاف دونم حول مطار بغداد وهي للأسف مررت في وقت الفترة الانتقالية قبل تسلم عبد المهدي رئاسة الوزراء». وطالبت رئيس الوزراء بـ«إنقاذ أكثر من 7 آلاف منزل ومساحات كبيرة من البساتين سيتم تجريفها، وقد وعدنا سابقا رئيس الوزراء بإلغاء ومراجعة جميع القرارات التي صدرت في الفترة الانتقالية، وقد نفذ وعده بالكثير منها، ولدينا أمل بأن يمنع هذا القرار أيضا».
وتابعت: «أرسلنا كتابا إلى هيئة الاستثمار وأمانة مجلس الوزراء نبين فيه هذا الخرق الكبير بمنح إجازة الاستثمار دون الرجوع للجهات المختصة والأهالي الذين يرفضون منح أراضيهم ومنازلهم لأي شركة استثمار».
من جانبه، عد عضو البرلمان العراقي محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يراد له أن يحصل في مناطق حزام بغداد إنما هو تغيير ديموغرافي باستهداف مكون معين (في إشارة إلى المكون السني الذي تنتشر غالبية عشائره في حزام بغداد) وهي خطة شبيهة بما حصل في جرف الصخر التي لم يعد سكانها الأصليون إليها برغم تحريرها منذ نحو أربع سنوات».
وأضاف الكربولي «لن يسكت الأهالي والعشائر، ونحن معهم، عن هذا المخطط»، محذرا «من المساس بالنسيج الاجتماعي والعشائري في هذه المناطق منذ مئات السنين تحت ذريعة الاستثمار».
وأوضح الكربولي أن «الكثير من مشاريع الاستثمار الوهمية يتم التوقيع عليها لكي يجري فيما بعد توزيع الأراضي إلى جهات أخرى غير سكانها الأصليين وهو ما لا يمكن السماح به تحت أي ذريعة».
في السياق نفسه، أكد الشيخ إياد الجبوري، النائب السابق في البرلمان وأحد شيوخ منطقة الرضوانية المستهدفة بهذا الإجراء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه العملية مكشوفة الأهداف والنوايا، وهي لا علاقة لها بالاستثمار نظرا لوجود مساحات أخرى غير مأهولة بالإمكان منح إجازات استثمار فيها دون المساس بالحقوق الأساسية والقانونية للعشائر التي تسكن هذه المنطقة منذ مئات السنين». وأضاف أن «عدد العشائر الموجودة في هذه المنطقة والتي تملك سندات تمليك أصولية منذ العهد العثماني والملكي من بعده وكل العهود الجمهورية يربو على الـ35 عشيرة وهي لا يمكنها التخلي عن أراضيها وممتلكاتها تحت أي حجة أو ذريعة».
أما القيادي في تحالف الإصلاح والأمين العام لحزب الحق الوطني أحمد المساري فقد أكد في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أنه «في الوقت الذي نشجع الحكومة على الاستثمار المخطط له، والذي يكون في مصلحة المواطن وليس بالضد منه فوجئنا بصدور قرار من مجلس الوزراء في جلسته رقم 175 لسنة 2019 بالموافقة على منح مساحات شاسعة من الأراضي في محيط المطار من مناطق حزام بغداد للاستثمار».
وأوضح أن «هذه المناطق مأهولة من عدد كبير من العشائر والتي تسكن منذ مئات السنين فيها ولديهم سندات تثبت ملكيتها ويقدر عدد القاطنين في هذه المناطق بـ(250) ألف نسمة».
من جهته، أكد النائب ووزير التربية السابق محمد إقبال الصيدلي أن قرار مجلس الوزراء القاضي باستثمار الأراضي المحيطة بمطار بغداد غير مدروس ويحتوي على شبهات فساد خطيرة.
وقال الصيدلي في بيان إن «شبهات فساد تحوم على قرار استثمار الأراضي والعقارات التي تحيط بمطار بغداد الدولي»، مبينا أن «تلك الأراضي والعقارات المحيطة بالمطار يقطنها عدد كبير من المواطنين الآمنين»، ومؤكدا في الوقت نفسه أن «الشركة المتقدمة للاستثمار غير كفوءة وليس لديها أعمال مماثلة تبعث على الاطمئنان».
قلق سني من مشروع استثماري في «حزام بغداد»
حراك سياسي لإيقاف الصفقة وسط تحذيرات من تغيير ديموغرافي
قلق سني من مشروع استثماري في «حزام بغداد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة