عبر نائب وزير الخارجية الياباني الأسبق ميتوجي يابوناكا، المعروف بـ«عراب» المفاوضات مع كوريا الشمالية، عن اعتقاده أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يريد من بيونغ يانغ «تجميد» البرنامج النووي، وعدم إجراء تجارب لتطوير الصواريخ طويلة المدى، كي لا تصل إلى «أميركا الوطن الأم»، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي طلب من ترمب إدراج ملف المخطوفين اليابانيين في كوريا الشمالية على جدول الأعمال، إضافة إلى «وضع برنامج زمني للتخلص من البرنامج النووي» لبيونغ يانغ.
وكان يابوناكا يتحدث إلى «الشرق الأوسط» في أوساكا، بعد ختام قمة «مجموعة العشرين»، بمشاركة 37 زعيماً ورئيس منظمة دولية، بينهم قادة الدول العشرين، بما في ذلك الرئيس ترمب الذي توجه السبت من أوساكا إلى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، والتقى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ - أون. وحذر في اللقاء الذي تزامن مع عبور ترمب خط الفصل للقاء جونغ - أون، من أن مسؤولين في الإدارة الأميركية لا يملكون «الخبرة الكافية بآلية التفاوض مع كوريا الشمالية». واستعرض يابوناكا تجربته خلال المفاوضات «سداسية الأطراف» مع كوريا الشمالية في عامي 2003 و2004 كممثل لليابان، التي شاركت فيها الصين وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، والتي توقفت نهاية 2008. وقال إن رئيس الوزراء الياباني الأسبق جونيشيتو كويزومي سأل الزعيم الكوري السابق كيم جونغ - إيل: «هل لديكم سلاح نووي؟»، فأجابه بأن السلاح النووي «لا قيمة له بنفسه، بل هو مهم بسبب السياسة العدائية الأميركية. ويجب أن أحمي نفسي». وأضاف أن كويزومي نقل ذلك إلى واشنطن لإرسال إشارات بـ«عدم وجود سياسات عدائية». وساهمت جهود يابوناكا مع الصين، وكويزومي مع أميركا، في إطلاق المحادثات السداسية التي توصلت إلى بيان مشترك في خريف 2005، تضمن موافقة بيونغ يانغ على التخلي عن «النووي»، لكن في الشهر نفسه، أي في سبتمبر (أيلول)، عاقبت واشنطن كوريا الشمالية، فانهارت المفاوضات.
وأوضح يابوناكا: «في أميركا، كان هناك مساران: مسار وزارة الخارجية، وانخراطها في المفاوضات، وصولاً إلى البيان المشترك. والمسار الثاني وزارة الخزانة وتعقب غسل الأموال. في الأول، توصلنا إلى بيان مشترك، في وقت جمدت فيه وزارة الخزانة 25 مليون دولار أميركي لكوريا بتهم تخص غسل الأموال»، وأضاف: «دققت مع المسؤولين الأميركيين، وفهمت أن تجميد الأموال لمبلغ صغير عزز قناعة الزعيم الكوري بعدم الثقة بأميركا، فذهب في العام التالي إلى إجراء تجربة نووية».
وقارن يابوناكا بين المقاربة اليابانية والأميركية، وقال: «فقدنا فرصة ذهبية؛ أصبح الآن لدى كوريا الشمالية برنامج نووي، وصواريخ تغطي اليابان، إضافة إلى ملف المخطوفين اليابانيين في كوريا الشمالية الذي يعتبره رئيس الوزراء أساسياً لأنه يهم اليابانيين، وملف كان يهم والده شناراتو آبي، وزير الخارجية في الثمانينات»، وهذه ملفات تريدها طوكيو على جدول المفاوضات مع بيونغ يانغ. وأشار إلى أن آبي أبلغ الرئيس ترمب في كل مرة التقاه بـ«أولويات اليابان، وخبرتها التفاوضية».
وفي المقابل، قال يابوناكا: «هناك معلقون أميركيون على التلفزيونات عن كوريا الشمالية، لكن هناك نقصاً في الخبراء في وزارة الخارجية بأمور الكوريين الشماليين». وقد يكون آبي، الذي يقول إن لديه «أهم علاقة شخصية» مع ترمب بين القادة في العالم، قادراً على أن يسمع ترمب خبرته عن كوريا الشمالية، لكن يابوناكا حذر من أن العلاقة بين الرجلين ليست كافية هذه المرة، وقال: «لا يمكن أن يكون الاجتماع مجرد لعب غولف. من المهم الاستماع إلى أشياء عن كوريا الشمالية من آبي، وأن يفكر في أشياء قد لا يرغب في التفكير فيها».
وقال يابوناكا: «بالنسبة إلى ترمب، تجميد البرنامج النووي، وعدم اختبار صواريخ طويلة المدى تصل إلى أميركا، كافيان لعقد صفقة، والبدء برفع العقوبات، لكن بالنسبة إلى اليابان فإن البرنامج النووي يهدد أمنها، خصوصاً أن لدى كوريا الشمالية صواريخ تغطي كل اليابان. وفي قمة هانوي في فيتنام الأخيرة، أبدى الزعيم الكوري الاستعداد لتفكيك برنامج نووي قرب بيونغ يانغ، ووضع برنامج للتخصيب تحت الرقابة، مقابل رفع العقوبات، لكن قمة هانوي انتهت دون تفاهمات، واستعجل ترمب المغادرة ربما لأسباب داخلية أميركية. نحن نقترح الإفادة من تجربة المفاوضات سداسية الأطراف لوضع خطة وفريق تفاوضي، وفق برنامج خطوة مقابل خطوة، بحيث نعزز الثقة بين أميركا وكوريا الشمالية، ثم يكون هناك تزامن بين خطوات من كوريا الشمالية مقابل رفع العقوبات ومساعدات اقتصادية، واليابان مستعدة للمساهمة بالمساعدات الاقتصادية، وصولاً إلى نزع السلاح النووي في نهاية المطاف».
ورغم أهمية البقاء على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة في شأن كوريا الشمالية، فإن طوكيو في حاجة أيضاً إلى العمل بسلاسة أكبر مع الصين، خصوصاً مع تركيز الرئيس ترمب على خيار «أميركا أولاً»، وأن «أميركا ليست شرطي العالم». وواضح أن العلاقات بين الدولتين الآسيويتين تتحسن بعض الشيء، حيث عقد آبي قمة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ مساء الخميس، عشية «قمة العشرين» في أوساكا. كما أنه زار بكين قبل أشهر، ويتوقع زيارة شي إلى طوكيو في الربيع المقبل. وقال يابوناكا إنه بالنسبة لطوكيو هناك 4 مشكلات أساسية، موضحاً: «اليابان تجد صعوبة في قبول حقيقة أن الصين أصبحت قوة هائلة، ومشكلة التاريخ بسبب المشاعر المعادية لليابان، ومشكلة عدم معرفة اليابان ما الذي ستفعله الصين مستقبلاً، والقضايا الإقليمية مثل جزيرة سينكاكو» في بحر الصين الشرقي، وتهديد بكين للمياه الإقليمية قرب الجزيرة. وقال يابوناكا: «العلاقة مع أميركا لوحدها لم تعد كافية. ولا بد من القيام بكثير مع جوارنا: روسيا، والصين، وكوريا الشمالية».
«العراب» الياباني للتفاوض مع كوريا الشمالية: ترمب يريد تجميد «النووي» ونريد تفكيكه
نائب وزير الخارجية الأسبق قال لـ «الشرق الأوسط» إن العلاقة مع أميركا لم تعد كافية لوحدها
«العراب» الياباني للتفاوض مع كوريا الشمالية: ترمب يريد تجميد «النووي» ونريد تفكيكه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة