ترحيب واسع بأمر رئيس الوزراء العراقي إعادة هيكلة «الحشد الشعبي»

الصدر أول المستجيبين بفك ارتباطه بـ«سرايا السلام» وإغلاق مقراتها

TT

ترحيب واسع بأمر رئيس الوزراء العراقي إعادة هيكلة «الحشد الشعبي»

توالت أمس ردود الفعل السياسية المرحبة بالأمر الديواني الذي أصدره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بشأن إعادة هيكلة «الحشد الشعبي». وصدر أول ردود الفعل المرحبة والمتطابقة مع الأمر الديواني من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من خلال إعلانه فك ارتباطه بـ«سرايا السلام» التي شكلها بعد يوم واحد من سيطرة تنظيم «داعش» على مدينة الموصل في 10 يونيو (حزيران) 2014.
وقال الصدر في تغريدة على «تويتر» إن «ما صدر عن رئيس مجلس الوزراء بما يخص (الحشد الشعبي) أمر مهم وخطوة أولى صحيحة نحو بناء دولة قوية». وأضاف: «ما يهمني هنا أيضاً أن تكون (سرايا السلام) التي أمرت بتأسيسها سابقاً هي المبادرة الأولى لذلك ومن فورها... وعلى الأخ أبو ياسر (المعاون الجهادي للصدر وقائد السرايا) التطبيق فوراً، وذلك بغلق المقرات وإلغاء الاسم... وغيرها من الأوامر، ورجوع جميع الإخوة الأعزاء مشكورين بالأوامر إلى الجهات المعنية».
وتابع الصدر: «أعلن انفكاكها عني انفكاكاً تاماً لا شوب فيه، فيما إذا ألحقت بالجهات الأمنية الرسمية، آملا ألا يقع عليهم الظلم والحيف كما هم يعانوه إلى يومنا هذا، كما وأنني أود ألا يبعدوهم عن الأماكن المقدسة قدر الإمكان»، في إشارة إلى تمركز «سرايا السلام» منذ تأسيسها في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين التي فيها مرقد الإمامين العسكريين.
وأعلنت «سرايا السلام»، أمس، التزامها الكامل وتطبيقها الفوري لأمر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشأن انفكاكه عنها وإغلاق مقراتها بشكل فوري. وقال المعاون الجهادي للصدر، أبو ياسر، في بيان، إنه «انطلاقا من توجيهات السيد مقتدى الصدر، أعلن التنفيذ التام والتطبيق الفوري لأمره».
وأصدر عبد المهدي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، أول من أمس، أمراً ديوانياً من 10 نقاط تتعلق بإعادة هيكلة «الحشد الشعبي»، ويقضي بأن تعمل تلك القوات «كجزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، ويسري عليها جميع ما يسري على القوات المسلحة عدا ما يرد به نص خاص». ويلزم الأمر الديواني جميع الفصائل المسلحة بتطبيق اللوائح الجديدة بحلول يوم 31 يوليو (تموز) الحالي.
كما يشدد الأمر الديواني على ضرورة «التخلي نهائياً عن جميع المسميات التي عملت بها فصائل (الحشد الشعبي)، وتستبدل بتسميات عسكرية (فرقة، لواء، فوج... إلخ)، ويشمل ذلك (الحشد العشائري) أو أي تشكيلات أخرى محلية أو على صعيد وطني، كما يحمل أفرادها الرتب العسكرية المعمول بها في القوات المسلحة أيضاً». كذلك أوجب الأمر الديواني أن تقطع فصائل «الحشد» صلتها بأي تنظيم سياسي، وأن «تغلق جميع المقرات التي تحمل اسم فصيل من فصائل (الحشد الشعبي) سواء في المدن أو خارجها، ويمنع تواجد أي فصيل مسلح يعمل سراً أو علناً خارج هذه التعليمات ويعتبر خارجاً عن القانون ويلاحق بموجبه».
كذلك شدد الأمر على «غلق جميع المكاتب الاقتصادية أو السيطرات أو التواجدات أو المصالح المؤسسة خارج الإطار الجديد لعمل وتشكيلات (الحشد الشعبي)».
وأعرب الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» المنضوية في «الحشد الشعبي»، قيس الخزعلي، عن ترحيبه بالقرار. وقال الخزعلي في تغريدة عبر «تويتر»، إن «قرار رئيس مجلس الوزراء الأخير خطوة بالاتجاه الصحيح ليكون (الحشد) جزءاً مهنياً وثابتاً من القوات المسلحة ويفشل محاولات حله أو دمجه». وأضاف أن «إبعاد (الحشد الشعبي) عن التجاذبات السياسية وتوفير ما يحتاجه من قضايا لوجيستية كفيل بضمان قوة (الحشد الشعبي) ليقوم بواجبه المقدس في ضمان أمن العراق ومستقبله».
كما رحبت منظمة «بدر» التي يتزعمها هادي العامري ولها فصائل مسلحة ضمن «هيئة الحشد»، بقرار عبد المهدي.
كذلك؛ رحب رئيس تحالف «القرار»، أسامة النجيفي، بما عدّه «خطوة سيادية شجاعة» من رئيس الوزراء «تستهدف حصر السلاح بيد الدولة». وقال النجيفي في تغريدة على «تويتر» إن «قرار رئيس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة خطوة مهمة لتطبيق القانون وحماية المجتمع من الجماعات المسلحة».
بدوره، عدّ تحالف «المحور الوطني»، الذي يضم قوى سنية، أن قرار رئيس الوزراء «نتاج حقيقي لشراكتنا مع تحالف البناء».
ورحب التحالف في بيان بالقرار الذي «ينظم علاقة (الحشد الشعبي) مع صنوف القوات المسلحة الأخرى؛ وضبط عمل فصائل (الحشد) بما ينسجم وقواعد العمل العسكرية ووفقاً لتعليمات القائد العام»، مضيفاً أن «إلغاء المكاتب الاقتصادية والمقرات غير الرسمية في المدن وخارجها بادرة مهمة تعمق منطق الدولة وفرض القانون».
ويشتكي كثير من القوى السنية من أن بعض فصائل «الحشد الشعبي» يمتلك نفوذاً واسعاً في محافظاتها، خصوصاً في صلاح الدين ونينوى والأنبار، وتطالب دائماً بإخراج تلك الفصائل منها. وفيما أعلن ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، تأييده قرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فإنه دعا في الوقت ذاته إلى إصدار أوامر وتعليمات لتنظيم مؤسسة البيشمركة الكردية.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.